التمديد مصلحة لـ«14 آذار» وضرورة لـ«8 آذار»
الانتخابات النيابية في بازار المقايضة نحو التأجيل
لن يتفاجأ اللبنانيون حين سيعلن عن التمديد للمجلس النيابي الحالي مرة جديدة. ففي لبنان تُفرّغ الكلمات من مضامينها. بالتالي لا تعود توصيفات، كـ«الجمهورية البرلمانية الديموقراطية»، لها ترجماتها وسلوكها وقواعدها. هي كلمات اقرب الى السفسطة، ومن لزوميات ما لا يلزم. اقله هذا ما يوحي به أداء غالبية الطبقة السياسية. هذه الطبقة التي قطعت شوطا كبيرا في «التشاور والتحضير للتمديد للمجلس النيابي»، وفق ما تؤكد مصادر نيابية مطلعة ترى أن «الأوضاع العامة في البلاد لا تحتاج الى خبراء استراتيجيين وعلماء اجتماع ليؤكدوا ان البلد لا يحتمل اي خضة او شحن او زيادة في تعميق الخلافات. المطلوب اليوم العمل على تقريب الناس من بعضها البعض وطمأنتها والتخفيف من التشنجات القائمة». وتتقاطع المصادر لتشير الى ان المشاورات اليوم هي حول تحديد مدة التمديد الزمنية. والكفة تميل الى ان تكون بين سنة وسنة ونصف، تشكل مدة كافية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية واعطاء فسحة للتوافق على قانون جديد للانتخابات. وهي مدة معقولة لتبلور صورة التطورات في المنطقة وتبيان مسار الامور في دول الجوار، كما في المفاوضات الايرانية ـ الاميركية.
من يصغي الى تحليلات السياسيين وربطهم اصغر تفصيل محلي بأزمات دولية كبرى، يظن ان قادة العالم يتابعون عن كثب ميزان القوى بين المتنافسين في اصغر بلدية في لبنان!. لكن الوقائع والمعطيات والحسابات في مكان آخر. يقول نائب مستقل من بيئة «14 آذار» ان «حقيقة السعي الى تطيير الانتخابات، او لنقل تأجيلها، تتمثل في غياب ثقة اي من الاطراف بالقدرة على الفوز بها. فلا قوى 8 آذار قادرة على الجزم بأنها ستأتي بالاكثرية ولا قوى 14 آذار متأكدة من قدرتها على الفوز بمقاعد جديدة او الاحتفاظ بكل مواقعها. وبديهي ان النائب وليد جنبلاط يحب ان يتخفف من المعارك، خصوصا انه يعرف حجم قدراته وحصته التي لن يضاف اليها ما يستأهل معارك انتخابية، من وجهة نظره. لذا يمكن اعتباره عراب السعي الى خلق الاجواء المناسبة والممهدة للتمديد للمجلس النيابي». يضيف النائب ان «جنبلاط في تقويمه للوضع الراهن يعتبر انه يجب التخفيف ما امكن من اي احتمالات مواجهة قد تستدرج فتنا وتفتح الابواب على صراعات ومواجهات لا يمكن احتواؤها. يشاركه في ذلك الرئيس نبيه بري. واستطاع جنبلاط عبر خطوط الاتصال التي يشبكها في كل اتجاه من ان يقنع الرئيس سعد الحريري بذلك. وليكتمل المشهد سيتكفل كل فريق باقناع حليفه المسيحي، والحجج جاهزة. تيار المستقبل سيؤكد لمسيحيي 14 آذار ان اي انتخابات نيابية في ظل الفراغ في رئاسة الجمهورية يعتبر تكريسا لهذا الواقع. وان الانتظار وتأجيل الانتخابات، سيكون لا شك لمصلحة فريقنا بعد ان يزداد غرق حزب الله في الوحول السورية وتداعياتها السلبية على البيئة الشيعية، واستطرادا على حليفه المسيحي ميشال عون». يضيف النائب: «في المقلب الآخر، سيتكفل حزب الله باقناع العماد عون. فالحزب الذي لا يخاف من الخسارة في الانتخابات النيابية، يتخوف من تراجع حماسة الناس وحتى امتعاضهم من سلوك يضع الشيعة بشكل متواصل في خضم صراعات ومواجهات عسكرية. ذلك، معطوفا على انهماكه في الحرب السورية، ما يجعل حزب الله محتاجا الى التخفف من اعباء اضافية كالانتخابات النيابية».
يواصل النائب قراءته معتبرا ان «الحزب سيقنع العماد عون بأن في تأجيل الانتخابات مصلحة مشتركة. فبعد نحو السنة، تكون الامور قد حسمت، برأيهم، لمصلحة النظام السوري والحزب، وحققت ايران مكاسب على اكثر من جبهة اقليمية ودولية، وعليه، فالفوز في الانتخابات النيابية سيكون اسهل، وقد يسبقه او يليه فوز مرجح في الانتخابات الرئاسية. وفي اسوأ سيناريو، اذا تعذر ايصال عون الى الرئاسة فيمكنه ان يلعب مجددا دور صاحب الحق المضحي، ويحظى بتعاطف الشارع المسيحي في الانتخابات».
يُصاغ كلام مشابه للنائب المستقل في اكثر من بيئة سياسية. ويسعى بعض الاقطاب السياسيين الى تمرير خديعة التمديد للمجلس النيابي مترافقة مع بعض الخطوات «التنفيسية» للوضع السياسي. لذا يقول مصدر حكومي ان «السعي جار لاعادة بعض التضامن الى العمل الوزاري ومحاولة تفعيل المجلس النيابي، وانهاء بعض الملفات العالقة في التجاذبات السياسية».