في نهاية هذا الأسبوع ينتهي العام الأول على الشغور في موقع رئاسة الجمهورية اللبنانية، ولمناسبة الذكرى الأولى لا بدَّ من طرح أسئلة جوهرية لا تتعلَّق بالتعطيل فحسب بل بجوهر النظام الذي يُتيح ويسهِّل ويستسهل عملية الفراغ، بدل عملية الإنتخاب، وكأنَّ البلاد تستطيع أن تسير من دون رئيسٍ للجمهورية.
الجواب الأخطر، وإنْ كان لا يُعجِب البعض، أنَّ المُعطِّلين أرادوا إثبات أنَّ البلد يمكن أن يسير من دون رئيس للجمهورية:
فمجلس الوزراء ينعقد ويتَّخذ قرارات، سواء أكانت عادية أم إستثنائية، من قبول هبات إلى دراسة الموازنة العامة، ومن إجراء التعيينات إلى المشاركة في المؤتمرات والقمم والمنتديات، وحين كان هناك رئيس للجمهورية هل كانت تُتَّخذ قرارات أهم من تلك التي تُتَّخذ من دون رئيس للجمهورية؟
إذا استعرضنا ما اتُّخِذ من قرارات خلال سنةٍ من دون رئيس، وأجرينا مقارنة مع القرارات التي اتُّخذت على مدى عام بوجود رئيس، فما هي القرارات الأكثر أهمية؟
من دون طول تفكير، بالإمكان إعطاء جواب يقول:
القرارات بالأهمية ذاتها سواء أكان هناك رئيس أم لم يكن هناك رئيس.
لكنَّ القضية لا تنتهي عند هذا الحد، لأن هناك رأس للدولة، وهذا غير موجود في ظلِّ الشغور. وأكثر من ذلك فإنَّ شخصية الرئيس وهيبته وحضوره وحزمه وحسمه وجديته، يمكن أن تُحدِث الفرق، فهل بعد طول غياب يمكن أن يحظى اللبنانيون برئيسٍ من هذه المواصفات؟
إنَّ الخطر كل الخطر أن الكثير من المسؤولين والمعنيين والسياسيين لا يرون… الخطر. فبالنسبةِ إليهم، الدنيا بألف خير، طالما ان مجلس الوزراء يعقد جلساته دورياً ويتخذ القرارات. هل من حل؟
لا بد من الذهاب إلى الحلول الإستثنائية طالما أنَّ الحلول التقليدية والعادية لم تعد تجدي، ومن مثل هذه الحلول، على سبيل المثال لا الحصر أن تحدث الإستقالة الجماعية للوزراء ويعتكفون في منازلهم فتسقط السلطة التنفيذية ويُشلُّ البلد، وعندها لا يعود هناك من مخرج سوى التئام مجلس النواب لإنتخاب رئيس للجمهورية.
لكن هذا الحل يصطدم برفض الوزراء الإستقالة أو الإعتكاف، فهم لم يُصدِّقوا أنَّ كلَّ واحدٍ منهم أصبح رئيساً إلى جانب كونه وزيراً، فبمجرد اعتراضه على قرار معيَّن فإن هذا القرار يسقط ولا يعود بالإمكان اتخاذه، هذه السلطة الإستثنائية المعطاة للوزير كيف له أن يتخلَّى عنها؟
هذه هي الخلاصة الخطيرة والمؤلمة التي يمكن استخلاصها، وفي ما عدا ذلك من التفاصيل المملة، فالأمل كل الأمل أن يتمَّ الإحتفال بالذكرى الأولى فقط من دون الحاجة إلى الذكرى الثانية لأنَّه عند ذلك يكون البلد في خبر كان، ومن غير المسموح أن يكون كذلك.
إنَّ التمعُّن في الظروف التي تحيط بانتخابات الرئاسة يُفضي إلى اعتبار أنَّ المخارج لم تنضج بعد، وهذا ما يبدو من المواقف التي تصدر وفي مقدَّمها ما تناوله الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في إطلالته الأخيرة، حيث تطرق إلى ما تناوله العماد ميشال عون في مؤتمره الصحافي ومحاولة تقديم مخارج لمأزق الرئاسة، فدعا القوى السياسية الى العمل بجدية ومناقشة المخارج التي طرحها، لأنَّ البلد لا يحتمل تأجيل، كما أشار إلى عدم انتظار الخارج في حل مسألة الرئاسة.
مع ذلك، فلا الظروف الداخلية ناضجة، ولا الظروف الخارجية جاهزة، ما يعني أنَّ الرئاسة باقية في خانة الشغور حتى إشعار آخر.