تعاني معظم التحالفات السياسية من تصدّعات وانقسامات على خلفية قانون الإنتخاب وصولاً إلى قضايا أخرى، إذ بعدما عصفت الإنقسامات بفريق 14 آذار منذ فترة طويلة، بدأت الآن الرياح العاصفة تضرب فريق 8 آذار جراء قانون الإنتخاب. ولا ينكر كل من المسؤولين في «حزب الله» و«التيار الوطني الحر»، أن التباينات الإنتخابية قد وصلت إلى مراحل متقدّمة، وانعكست تباعداً ما بين الطرفين من جهة، وبين «الثنائي الشيعي» و«التيار الحر» من جهة أخرى.
وينسحب هذا الواقع الإنقسامي على أكثر من ساحة، أبرزها الساحة الدرزية التي تنقسم ما بين قيادات تدعو إلى اعتماد صِيَغ انتخابية مختلفة، ففي حين يطالب رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني طلال إرسلان بالنسبية الكاملة، ويطالب أيضاً بانعقاد مؤتمر تأسيسي، يرفض رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط، كل هذه الطروحات. وبالتالي، فإن التباينات في الشارع الدرزي تتخطى الساحة الداخلية إلى الإقليم، مما يطرح تساؤلات عدة حول وضع الطائفة في الإنتخابات النيابية المقبلة.
ويقول مصدر في «الحزب الديمقراطي»، أن المشهد عشية الإستحقاق النيابي، وبصرف النظر عن التمديد أو إقرار قانون انتخاب جديد، فإن التوافق ما بين إرسلان وجنبلاط ليس مؤكداً بعد، وكذلك المواجهة بينهما في الإنتخابات النيابية المقبلة إذا حصلت. وكشف أن اللقاء الأخير الذي حصل في كليمنصو ما بين جنبلاط وإرسلان، قد جاء بعد فترة طويلة من التباعد والغياب، ولذلك فهو حمل دلالات عدة، كما أثار الكثير من علامات الإستفهام داخل الساحة الدرزية أولاً، وعلى المستوى الداخلي ثانياً.
وفي هذا الإطار، يقول المصدر نفسه، أن التباينات السياسية بين الإشتراكي و«الديمقراطي اللبناني»، ما زالت موجودة، ولا أحد من الطرفين يخفيها أو يتجاهلها، وهي تتركّز على قانون الإنتخاب والموقف من الحرب في سوريا. ولذلك، فإن اللقاء الأخير في كليمنصو قد ركّز على ملفات وعناوين عدة، كما اتّسم بالإيجابية بالنسبة إلى وحدة الصف الدرزي ومصالحة الجبل. وأشار إلى أن النائب إرسلان قد بادر فور حصول إشكال الشويفات الأخير إلى الإتصال بجنبلاط الذي كان في باريس، والذي فوّضه معالجة ما جرى، وبالتالي، انتهى الإشكال من دون «ضربة كف»، وباتت الأجواء إيجابية في المنطقة نتيجة التواصل الميداني بين المعنيين. وقد عزّز هذا الواقع العلاقات بين طائفة الموحدين الدروز والمقاومة، علماً أن المتابعة قد تحوّلت إلى يومية منذ هذا الإشكال، وذلك بهدف قطع الطريق على أي فتنة في هذه المرحلة.
أما بالنسبة لقانون الإنتخاب، فيشير المصدر نفسه، إلى أن التباين لم يتبدّد نتيجة التواصل بين إرسلان وجنبلاط، وذلك انطلاقاً من قناعة لدى إرسلان بوجوب إقرار قانون انتخاب جديد يعتمد النسبية الكاملة. لكنه استدرك أن هذا الخلاف لا يعني اختلافاً في مقاربة الإنتخابات، إذ توقّع حصول تفاهم، أو ربما تحالف في الإستحقاق النيابي المقبل، خصوصاً وأن المحسوم لدى الطرفين هو قرار اتخذه جنبلاط وإرسلان بعدم زجّ الجبل بأي خلافات تحت أي مسبّبات أو ذرائع أو عناوين. وأكد أن الشارع الدرزي لن يكون وسط أي خلاف، معتبراً أن التركيز في المرحلة المقبلة هو تنظيم الخلاف السياسي وتفعيل التحالف حول إنماء الجبل في كل المجالات، والحفاظ على روحية التعايش مع كل المكوّنات الطائفية في الجبل.
وخلص المصدر ذاته، إلى أن الحزب «الديمقراطي» ينشط في عقد المؤتمرات بشكل سنوي، ويتّخذ كل الإجراءات والخطوات اللازمة لمواكبة التطوّرات على كل المستويات داخل الطائفة، كما على مستوى الوطن، وهو يتّفق في العناوين العريضة التي يرفعها مع طروحات الإشتراكي في حماية أهل الجبل وتعزيز العيش المشترك فيه.