عاد الوضع الامني بسحر ساحر ليحتل صدارة الاحداث بعد ثلاثة اشهر من هدنة غير معلنة ورخاء ملحوظ، واسبوعين من الاشاعات والمعلومات المسربة عن موجة جديدة من الاغتيالات والتفجيرات، ربطا باستحقاقات سياسية معينة، ما اثار الشكوك حول رفع ما للغطاء الدولي والاقليمي الذي ساده فترة الهدوء السابقة على وقع الصراع الاقليمي المحتدم وتداعياته غير المحسومة حتى الساعة.
فتفجير الشياح، اعاد الى اذهان المحققين افادة احد افراد خلية ارهابية سبق ان تم توقيفه قبل نحو اربعة اشهر، حين قال للمحققين ان الجماعات التي نفذت عمليات التفجير السابقة، كانت تخطط لتنفيذ اكثر من تفجير في الشياح، بهدف استدراج اهل المنطقة لردة فعل تؤدي الى خلق حالة توتير مذهبي .من هنا تشير مصادر امنية مطلعة ان الارهابيين عمدوا الى تغيير اساليبهم وطرق عملهم موردة في هذا السياق الملاحظات التالية:
– المعلومات المتوافرة لدى الاجهزة اللبنانية تحدثت عن خمسة انتحاريين قتل منهم اثنان واوقف واحد فيما يبقى آخرين متواريين.
– مخاوف جدية من ان يكون ما يجري من احداث محاولة الهاء وتشتيت للجهود، تمهيدا لعمل امني ارهابي كبير، تخوفت المصادر المعنية ان تكون ساحته هذه المرة المناطق الجنوبية، لذلك عمدت الجهات الامنية والعسكرية الى تعزيز اجراءاتها الامنية ورفعت من نسبة ترتيباتها من صيدا وصولا الى المناطق الحدودية،علما ان لتلك المنطقة خصوصية ترتبط بالقرار 1701.
– الطريقة التي تتم فيها العمليات الاخيرة تدل على ارتباك الانتحاريين،بعد نجاح التدابير والاجراءات المتخذة من قبل الاجهزة الامنية والعسكرية، وهو ما يفسر قدوم سيارة الشياح عكس السير، وتفجير سيارة ضهر البيدر بطريقة عشوائية.
– بينت التحقيقات ان السيارتين فخختا في لبنان ، رغم جزم الجهات المعنية بانه من الاستحالة بمكان ان يكون تم ذلك في عين الحلوة او برج البراجنة او عرسال ، من هنا فان المعنيين يقومون بعمليات مسح جديدة لتحديد الاماكن المفترضة في التفخيخ.
– تغيير الجماعات الارهابية لتكتيكاتها من خلال اعتمادها على انتحاريين من جنسيات اوروبية بعد ان انكشفت اوراق الخليجيين منهم.
– تطوير عمليات التفخيخ وتوزيع المتفجرات داخل جسم السيارة ما يضمن عدم اكتشافها عند الحواجز.
-تعمد ابقاء وثائق مزورة تدل على هوية المنفذين لارباك التحقيق وتضليله.
– الانتقال من مرحلة استخدام السيارات المسروقة الى استعمال سيارات مشتراة بطرق قانونية ما يسهل عملية انتقالها على الحواجز والطرقات.
اما فيما خص التحقيقات في انفجار الشياح، فقد كشفت المصادر الامنية التالي:
– تركيز التحقيقات على مصدر السيارة ومالكها الاساسي والى اي مصرف مرهونة ،حيث تبين انها بيعت من قبل نمر شمعون الى تاجر سيارات يدعى زهير عبد الله سويد و سوري يدعى علي حسن ديراني بموجب وكالة في 9 أيار 2014، وهي مرسيدس 300SE – شبح بيضاء اللون ورقمها 324784/ج، بيعت في احدى معارض منطقة الشياح.
– تمكنت استخبارات الجيش من كشف هوية الانتحاري حيث ظهر وجهه عبر الكاميرات في محيط المنطقة وتحديدا على مدخل منطقة الشياح ،فضلا عن العثور على صورة على هوية سورية مزورة،وقد توصلت التحقيقات في هذا المجال الى خيوط مهمة.
– عدم انفجار احد الصواعق الذي هو عبارة عن فتيل نتيجة عطل تقني في العبوة ما جنب المنطقة اضرارا اكبر.
– تركيز التحقيقات على معرفة ما اذا كان هناك عوامل مشتركة او متشابهة بين انفجار الطيونة وانفجار ضهر البيدر، تمهيدا في كشف الملابسات والجهة والاشخاص الضالعين في مثل هذه العمليات الارهابية. – تحديد الاتجاه الذي قدمت منه السيارة وهو قصقص منطقة الخاشقجي الملاصقة لمخيم صبرا.
– تضارب افادات الشهود العيان الذين تواجدوا في المكان، ما ادى الى حدوث بلبلة كبيرة استمرت حتى الصباح قبل ان تتمكن الاجهزة المعنية من تكوين صورة واضحة لما حصل بالضبط.
– نجاح عنصري الامن العام جابر والشهيد حدرج في تجنيب المنطقة كارثة اكبر،فاثناء مرورهما صدفة في منطقة الشياح بين مستديرتي الطيونة وشاتيلا، اشتبها بسيارة تتقدم بعكس السير قبل ان تتوقف في منتصف الطريق، ويترجل منها شخص، فأوقفاه وسألاه عن سبب توقفه بهذا الشكل، فأجابهما ان مفتاح السيارة انكسر ولم يعد قادرا على تشغيلها، فطلب منه حدرج اوراق السيارة ،ما اثار هلع الانتحاري ،عندها سحب حدرج مسدسه في وجهه فيما توجه جابر باتجاه حاجز الجيش طلبا للدعم وبعد ابتعاده بحوالى عشرة أمتار فجر الانتحاري نفسه والسيارة ليتحول والشهيد حدرج اشلاء.
وفيما لم تحسم التحقيقات ولا بيانات التبني ، هدف الانتحاري الذي فجر نفسه في حاجز قوى الامن الداخلي في ضهر البيدر، تستمر التحقيقات على أكثر من خطّ أمني ، اذ تشير المصادر الامنية انه تم الإمساك ببعض الخيوط ،التي قد تساعد في تحديد الجهات التي تقف وراء العمليات الارهابية والشبكات المنفذة ،ما يسهل عمل الاجهزة المعنية في اطار جهودها الوقائية لقطع الطريق على أعمال إرهابية اخرى بعد انطلاق الموجة الجديدة التي وصفت اجهزة استخباراتية غربية انفجار ضهر البيدر بانه «اول الغيث فيها».
– فشل التحريات حتى الساعة في تحديد هوية الانتحاري الذي فجّر نفسه على حاجز ضهر البيدر ولا وجهته الاصلية رغم الافتراض انها كانت الضاحية الجنوبية، كان اللافت تقاطُع معلومات عن ان الانتحاري وحين وصل الى الحاجز بعدما كان عدّل وجهة سيره (من النزول الى بيروت باتجاه البقاع) ووجد أن السير متوقف، راح يطلب من السيارات المتوقفة في محيطه عند الحاجز الإبتعاد عنه وذلك قبل لحظات من تفجير نفسه وبعدما علم أن أمره افتضح.
– انكباب الاجهزة الامنية على تحليل داتا الاتصالات الهاتفية لتحديد رقم الشريحة الهاتفية الخليوية التي كانت بحوزة الانتحاري ليصار الى تحديد الطريق التي سلكها ومكان انطلاقه ،فضلا عن معرفة الاشخاص الذي اجرى اتصالات بهم، بعدما تم تحليل كاميرات المراقبة الموجودة على طول الطريق والتي لم تقدم الكثير من المعلومات المفيدة للتحقيق .
– عدم تمكن الاجهزة الامنية من تحديد رقم هيكل سيارة «المورانو» ومعرفة ما اذا كانت مسروقة ام لا ، كون المعطيات المتوافرة حتى الساعة عنها مستقاة من الشهود العيان،علما ان المباحث الجنائية اجرت مراجعة لجميع محاضر سرقة السيارات املا في الوصول الى معلومات .
– التاكد من العملية لم تكن تستهدف المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم ،حيث يرجح ان السيارة كانت متوجهة الى بيروت ولسبب ما توقف سائقها في صوفر بانتظار شخص معين.
وبحسب التحقيقات الأولية التي أنجزتها الأجهزة الأمنية اللبنانية فقد أظهرت حركة المشتبه بهم بالتخطيط لعمليات أمنية في لبنان أخيرا، جاءت في سياقين منفصلين، إذ بدا أن المجموعة، التي أوقفها الجيش اللبناني في بعلبك الأحد تحركت على إيقاع الأزمة السورية، كون المجموعة كانت تتوجه للقتال بسوريا، بينما أظهرت التحقيقات مع الموقوف الفرنسي في بيروت منذ الجمعة الماضي أنه تحرك على ضوء التطورات العراقية.
ففيما خص الموقوف الوحيد المتبقي من مداهمة فندق نابليون،تشير مصادر التحقيق ان فرع المعلومات لم يستطع حتى الساعة الحصول على اعتراف كامل من الارهابي المفترض، الذي هو من جزر القمر، ويحمل جواز سفر فرنسي غير مزور، والذي يرفض حتى الإقرار بجميع المعلومات التي كان لبنان حصل عليها من جهاز أمني غربي موجود في العراق، والتي تفيد بأنه كان يخطط لتنفيذ هجوم ضد هدف كبير بواسطة شاحنة تحوي ثلاثة أطنان من المتفجرات وفق المعلومات التي وفرتها الاستخبارات الأميركية للأمن العام اللبناني، مؤكدا أن تحركه جاء على ضوء تمدد تنظيم داعش في العراق، فيما اعترف بأنّه قدِم إلى لبنان بعد تكليفه بتنفيذ عملية انتحارية. لم ينته التحقيق معه بعد، لكن المعلومات تقول بأنّه مرسل من قبل تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام»، علماً بأن هناك مؤشرات تشير إلى علاقة ما تربطه مع تنظيم «كتائب عبد الله عزام». و بأنه قدم الى لبنان لتنفيذ عملية انتحارية، وبأنه لا يعرف طبيعة الهدف ولا الجهة التي كانت ستتولى استقباله وتجهيزه ولا الآلية التي كان سيستقلها ولا التوقيت، وانه كان ينتظر اتصالاً من محرّكيه لتحديد مهمته وكيفية تنفيذها، بعدما دخل الى لبنان عن طريق مطار بيروت مستخدماً معبراً جوياً إقليمياً جديدا. ويحاول المحققون معرفة ما اذا كان هناك من ارتباط بينه وبين انتحاري فرنسي آخر اوقف منذ فترة من قبل جهاز امني لبناني، بناء على معلومات أجهزة أوروبية، في مطار بيروت الدولي، لكن السلطات اللبنانية، وبالتنسيق مع الفرنسيين، قامت بترحيله الى باريس، ليتبين أنه قدم الى لبنان وهو في طريقه الى الأراضي السورية لتنفيذ عملية انتحارية هناك، بتكليف من أحد فروع تنظيم «القاعدة».
كما ان الاجهزة الامنية تجري مراجعة دقيقة لمعلومات عُثر عليها في حاسوب موقوفين تضمنت مقاطع فيديو لكل من تنظيمي «الدولة» و«جبهة النصرة»، دون ان يثبت وجود علاقة لهما بالتنظيمين المذكورين.
اما في الملف المرتبط بتوقيف خمسة اشخاص في البقاع فقد اشارت التقارير الى انهم يشكلون مجموعة على صلة بملف التفجيرات السابقة التي استهدفت الضاحية الجنوبية ولا علاقة لهم بعملية ضهر البيدر، مشيرة الى ان المجموعة اللبنانية – السورية تنتمي الى «جبهة النصرة» وان مخابرات الجيش كانت ترصدها من لحظة تَشكُّلها في طرابلس الى حين صدور الأوامر إليها من «النصرة» بالتوجه الى سورية للقتال هناك، ما أدى الى توقيفها عند حاجز حرستا – اللبوة .
اظهرت الايام القليلة الماضية انه في مواجهة التعاون والتنسيق الغالي الدرجة بين الاجهزة الامنية من امن عام وفرع معلومات ومخابرات جيش هناك تنسيق مقابل بين الجهات الارهابية من داعش والنصرة وكتائب عبد الله عزام، التي تحركت فجأة وبشكل منسق من البقاع الى الشمال مرورا ببيروت، حيث تمكنت مخابرات الجيش من توقيف قيادي في «الكتائب» التي تعتبر، رأس الحربة في المواجهة مع الأجهزة الأمنية، يتولّى دور المشغّل والمنفذ في الوقت نفسه على شاكلة نعيم عباس، فضلا عن آخرين تنفيذيين غير مرتبطين مباشرة بـ «الكتائب» التي اعلنت على لسان اميرها عبر «تويتر» ان «حزب الله» وضع نفسه في معركة مع سنة لبنان وسوريا.a