مع استمرار القراءات والاستنتاجات المختلفة لعودة الرئيس سعد الحريري ، تراجع الملف الامني العرسالي تقول مصادر سياسية متابعة من صدارة المشهد اللبناني، رغم استمرار ملف الاسرى العالق، ليتقدم الصورة الاستحقاق الرئاسي العالق في عنق الزجاجة الدولية – الاقليمية، عشية الجولة العاشرة من السباق الى بعبدا ،المراوح عند نقطة الانطلاق .
وعلى ايقاع جولة الاتصالات التي بدأها بيك المختارة من حارة حريك والتي ينتظر ان يتسع «بيكارها» خلال الايام المقبلة شاملة قيادات جديدة، بحسب المصادر بعد الاندفاعة التي امنتها لها عودة الرئيس الحريري، املا في «عوكرة» المياه الرئاسية الراكدة، في ظل ما يتظهر تباعا من مواقف سياسية، تحرك بورصة الملفات، الاقليمية والدولية صعودا وهبوطا ، غير موحية حتى الساعة بقرب انتهاء الشغور في بعبدا.
عزز هذا التوجه تضيف المصادر جزم الرئيس سعد الحريري، بان عودته لا تحمل في اولوياتها اجراء الاستحقاق الرئاسي، بقدر ارتباطها بتشكيل جبهة لمواجهة التطرف الاسلامي المتقدم في المنطقة، على وقع استعادة السعودية بمباركة غربية واميركية خاصة، لموقعها المتقدم الذي فرضته ظروف المواجهة ، التي يبدو انها بدات تتولى من عودة الحريري الى بيروت ورحيل المالكي في العراق، مع ما تحمله الخطوتان من رمزية، في ظل توقع المزيد من التعثر في المحادثات الأميركية – الإيرانية في شأن الملف النووي، وتالياً للمحادثات السعودية – الإيرانية والإيرانية – السورية، الملفان الأكثر تأثيراً على الأوضاع في لبنان.
معادلات تسلم بها القوى المحلية اللاعبة على مسرح الاستحقاقات الداهمة ، منتظرة ما قد يقدم الخارج من «املاءات» ، تظهر داخليا على شكل مبادرة او حل ،بصيغة لا غالب ولا مغلوب، حيث الجميع منتصر في الشكل، على غرار ما كان يحصل سابقاً عندما كانت تبادر دول عربية واقليمية الى جمع الفرقاء اللبنانيين والتقريب في ما بينهم لإيجاد المخارج.
مما لا شك فيه وبحسب المصادر ، بينت الوقائع ان الحريري لم يحمل في جيبه اسم الرئيس الجديد، وان كان فتح كل قنوات التواصل بين القوى السياسية وبدأ بترميم جسور التواصل ومد خطوط شبكة التعاون التي كانت مهدت لها اللقاءات بين مسؤولي وقادة المستقبل مع التيار الوطني الحر وحركة امل، من اجل اعادة البحث في آفاق الحلول لسلسلة الازمات الداخلية وفي مقدمها رئاسة الجمهورية، حيث ينتظر ان يجتمع، بحسب مصادر مقربة من بيت الوسط، بعد لقائه برئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط والاطلاع منه على تفاصيل حراكه ، رئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب العماد ميشال عون في وقت غير بعيد بناء على ما سمعه من الاخير خلال اتصال التهنئة بسلامة العودة، رغم تاكيد المصادر ان الرابية لم تطلب تحديد اي موعد بعد، آملة ان يشكل اللقاء محطة اساسية في سياق الازمة، رغم تمسك الرابية بما تعتبره حقا لها في الوصول الى سدة الرئاسة واعتبارها ان حظوظ «الجنرال» ارتفعت في ظل التطورات في المنطقة والاضطهاد الذي يتعرض له مسيحيو الشرق ويوجب وصول رئيس مسيحي قوي يشكل السند لهم، واعتبار عون نفسه الاكثر قدرة في الوقت الحاضر بين القادة المسيحيين على التواصل مع كل فئات المجتمع اللبناني ويتمتع بشبكة علاقات واسعة وهو ليس في وارد اعادة تكرار سيناريو التسوية الرئاسية عام 2008.
اما المحطة الابرز في سياق المعالجة تقول مصادر مسيحية في 14 آذار ، تبقى في زيارة البطريرك الماروني الى بيت الوسط ،انطلاقا من قناعة الحريري ان مهمة الاختيار تقع على عاتق القيادات المسيحية الواجب ان تتحرك لايجاد المخرج والتوافق على الرئيس على ان تساندها القيادات المسلمة من دون ان تؤثر في قرارها،من هنا والكلام للمصادر دور بكركي المحوري ،في ضوء تسريب معلومات عن خطوات قد تقوم بها قريبا من بينها امكان دعوة الفاعليات المسيحية من نقابية ومجتمع مدني لتشكيل عنصر ضغط على القوى السياسية لحملها على تعبيد طريق الرئاسة، الا ان ايا من هذه الخطوات لم يتأكد بعد لأن البطريرك ما زال في طور دراسة خياراته والاستماع الى ما لدى زواره من اقتراحات في هذا الخصوص.
علما ان اللقاء الذي جمع «الشيخ» «بالاستاذ» في عين التينة، بحث وبحسب مصادر الطرفين كل الملفات والازمات السياسية والامنية والاقتصادية ،انطلاقا من عرض عام لهواجس الطرفين ازاء الوضع العام وضرورة مد الجسور الكفيلة بالوصول الى نقطة التوافق على رئيس جمهورية يضع حدا للشغور الرئاسي وتداعياته البالغة السلبية والقلق من الشلل الذي يصيب المؤسسات الدستورية لا سيما المجلس النيابي وفق ما عبر عنه صراحة الرئيس بري، لم يقدم جديدا بدليل تاكيد مصادر متابعة ، استبعاد اي لقاء بين الحريري والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله حاليا ،لقناعة الحزب ان ظروفه لم تنضج بعد خصوصاً وان الاول لم يغير في مواقفه وتحديداً من الوضع في سوريا، حيث اكد ان الموقف من دمشق اساس في اي لقاء قد يحصل، واشتراط الاخيرة ان يكون لها رأي في شخص الرئيس الجديد للبلاد والتأكد من قدرتها على التعقيد والتعطيل في الملف الرئاسي من خلال مسار الأمور على الأرض سياسياً ونيابياً.
استنادا الى ذلك يفترض ان تتحول الجلسة الانتخابية ، بحكم الظروف، بحسب مصادر سياسية متابعة الى «ندوة حوارية» غير رسمية ، لمناقشة الملفات والازمات وكيفية مقاربتها سياسيا وايجاد الحلول الممكنة لوضع حد للتعقيدات المتحكمة بها، رغم الاحتدام السياسي الشامل المبطن حاليا ، خاصة في حال مشاركة افرقاء من قوى الثامن من آذار فيها، علما انها ستشهد مفارقة مهمة في حال مشاركة الرئيس سعد الحريري العائد الى بيروت بعد ثلاث سنوات غياب.
بحسب كل المعطيات المتوافرة لا جديد يمكن ان يقلب معادلة عدم اكتمال النصاب في ظل استمرار الانقسام الداخلي. الا ان بروز تطورات مهمة في العراق تمثلت بتكليف حيدر العبادي تشكيل الحكومة خلفا لنوري المالكي من شأنه ان ينعكس في جانب مهم على الاستحقاق، اذا ما شكل تكليفه بداية تفاوض ولاقى قبولا سعوديا، قد ينعكس تقدما في الجلسة الحادية عشر للانتخاب في حال تقرر تأخير موعد انعقادها.