يريد قائد الجيش الاسبق ورئيس الحكومة العسكرية ميشال عون التوافق على شخصه الكريم حتى يترشح إلى منصب رئاسة الجمهورية. مارونيته وقاعدته الشعبيتان لا تكفيان بنظره للترشح. حتى تحالفاته والأبرز منها مع «حزب الله» لم تكفه ليكون رئيساً عتيداً. كما أنه لم يقل لماذا لم يرشحه «حزب الانتصارات الإلهية».
سبق للرجل وقال عام 2009 إنه يريد «الجمهورية لا الرئاسة»، لكن على أساس أن يكون الرئيس رئيساً، لأنّ ما حصل عام 2009 كان مخططاً. الأبشع من ذلك تفريغ الدولة من الكادرات وهذا لم يبدأ من أمس: «جابوا رئيس» ليكون حكماً ولكن أراد أن يأخذ من حصتنا. الوزير هو من يقترح تعيين مسؤول معه وليس الخيار لأحد آخر والوزير يتحمّل المسؤولية. مستعدون أن نواجه ونفصل النيابة عن الوزارة. نحن النواب نمثل الشعب اللبناني لن نجعل أحداً يلوي جلدنا».
هكذا يتحدث زعيم أكبر كتلة برلمانية مسيحية. بالحرف لا زيادة ولا نقصان. يريد الجمهورية، والجمهورية هي هو نفسه، هذا الهو المتضخم ليصبح نحن. مشكلته مع الرئيس أنه أراد أن يأخذ من حصته، والرئيس هو رئيس الجمهورية. وحيث إنه، بحسب العماد عون، جاء إلى قصر بعبدا تنفيذاً لمخطط دولي، فلا يحق له، أي رئيس الجمهورية، أن يأخذ شيئاً من حصة الموارنة الذين يمثلهم العماد. فليأخذ من حصة أيّ أحد آخر، أو لا يأخذ على الإطلاق.
العماد يريد الجمهورية. وعلى الرئيس أن لا يأخذ من حصته. هل يرضى العماد أن يأخذ الرئيس من حصة طرف آخر؟ وفي هذه الحال، هل تكون الحصة التي أخذها الرئيس واقعة ضمن حدود الجمهورية التي يريدها العماد عون أم خارجها؟ يريد العماد الجمهورية لا الرئاسة. ولطالما هدَّد وتوعَّد لأنه غير راضٍ عن التعيينات التي كانت مقترحة آنذاك. إذاً هل هذه هي الجمهورية التي يعدنا بها الجنرال؟ أم أنه يريد فقط ربع الجمهورية أو نصفها. فيجعل أحد وزرائه مسؤولاً عن الكهرباء والطاقة، فينعم اللبنانيون في ربع جمهوريته السعيدة بالكهرباء والطاقة، هؤلاء اللبنانيون أنفسهم لن ينعموا بطرقات من دون حفر لأنّ وزير الأشغال العامة ليس واحداً من أعمدة ربع بلاد الأرز العليل؟
ثم إلى متى يُفترض باللبنانيين أن ينتظروا نتائج التغيير والإصلاح؟ متى يصل التيار الكهربائي إلى كل البيوت؟ بعد عشرين، ثلاثين، مئة سنة؟ حجة الجنرال أنّ الذين سبقوه خربوا القطاع بأكمله، كم يحتاج وقتاً لإصلاح ما خربوه؟ أم أنه تعلم من أستاذ في قصر المهاجرين، الذي ما زال حتى اليوم يُعدّ العدة لتحرير الجولان، وفلسطين كاملة، منذ أكثر من أربعين عاماً. لكنّ الجولان بقي محتلاً وفلسطين لا تجد من يهتم بقضيتها غير أبنائها.
الأرجح أنّ العماد يريد معاقبة اللبنانيين طويلاً ومديداً، فقط لأنه يريد أن يثبت أنّ الذين سبقوه خربوا الإدارة. وعلى اللبنانيين تسليمه الإدارة ملفوفة بأوراق الهدايا، حتى يعيد تخريبها مرة أخرى ليتسنّى له الإدعاء أنّ الذين سبقوه خربوا البلد.