الجيش دخل عرسال ولا حلول قبل الإفراج عن الجنود دون شروط ومقايضات
المعركة مع الإرهاب طويلة والمواجهة تتطلب تأمين كل احتياجات الجيش
الجيش اللبناني دخل الى بلدة عرسال وانتشر في احيائها، وهذا الانجاز جنَّب لبنان والبقاع فوضى مسلحة وتوترات مذهبية وطائفية وهدوءا نسبياً يسمح بإعادة تقييم ما حصل بشكل معمق من قبل الحكومة اللبنانية وبحث ملف موضوع مخيمات النازحين السوريين وسد الثغر في هذه المخيمات التي وفرت ارضية لتحرك المسلحين، وبعضها قنابل موقوتة خصوصاً ان الوقائع الميدانية التي حصلت في عرسال كانت كبيرة في ظل ما يملك المسلحون من داعش والنصرة من اسلحة متطورة تفوق اسلحة الجيش اللبناني، وهذا ما يهدد بتحويل لبنان الى ساحة مواجهة وخطوط تماس مع هؤلاء تفرض تعاملاً جدياً من الحكومة اللبنانية للحفاظ على أمن لبنان واستقراره.
دخول الجيش اللبناني الى عرسال وانسحاب المسلحين منها الى جرودها الشرقية شكلا انجازاً على حد ما قال مصدر عسكري لـ«الديار» وجنبا البلد، معركة عسكرية وسقوط ضحايا وجرحى من المدنيين الذين هم اهلنا بالاضافة الى الخسائر المادية، لان الجيش كان سيدخل المدينة لو رفض المسلحون الانسحاب. وهذا الامر مهم للجيش وللناس.
وتابع المصدر العسكري، اما المعطى الثاني الذي لم يتحقق فهو الافراج عن العسكريين المخطوفين من قبل المسلحين. وقد اعلنت هيئة العلماء المسلمحين انها فقدت الاتصال بالجماعة المسلحة الموجودة لديها. واكد المصدر العسكري ان هذا الامر متروك للساعات المقبلة.
ونسأل «لا يمكن فقدان الاتصال بشكل كامل ونهائي بين الهيئة والمسلحين اعتقد ان الاتصالات ستعود، خصوصا ان اعضاء هيئة علماء المسلمين يعرفون ارقام «هواتف» المسلحين والمسلحون يعرفون ارقام هواتف هيئة العلماء، وبالتالي لا يمكن ان نقتنع بان التواصل قد فقد عمليا ولننتظر، علماً أن لتفاوض المسلحين كان مع هيئة العلماء بقرار من الحكومة اللبنانية والرئىس تمام سلام وليس مع الجيش الذي لا يفاوض جهات مسلحة ومسلحين، وان الرئيس تمام سلام كان يبلغ قيادة الجيش بما يحصل من مفاوضات».
وأكد المصدر العسكري ان الافراج عن العسكريين المخطوفين هو الاساس، وقيادة الجيش لن تسكت حتى تحقيق هذا الهدف، رغم انها بالاساس لم تعقد اي اتفاقية مع المسلحين، وان ما جرى بقضية العسكريين المخطوفين هو امر سيء، للذين تولوا التفاوض وكانوا ينقلون وجهة نظر الحكومة اللبنانية وكان الشرط الاول للحكومة الافراج عن العسكريين بالاضافة الى الانسحاب من عرسال ولننتظر الساعات المقبلة.
وعما يحكى عن اصرار المسلحين على اطلاق عماد احمد جمعة ومسجونين في رومية مقابل الافراج عن عناصر الجيش وقوى الامن، أكد المصدر العسكري، ان هذا الامر لا يعنينا لاننا بالاساس لم نفاوض المسلحين ولم ندخل بأي اتفاقية معهم، حتى وقف اطلاق النار تم التوصل اليه مع الحكومة اللبنانية، وهذا الامر بحث مع الحكومة اللبنانية، لكن ابو حمد جمعة اعترف بانتمائه لجبهة النصرة وبمخططه لضرب الجيش ونقل الفتنة الى البقاع وكل لبنان، والجيش لا يرضخ لمطالب فئة مسلحة. واستطرد المصدر العسكري بالقول «ما حصل لجهة خروج المسلحين من عرسال امر جيد، ولقد عزز الجيش مواقعه في الجرود وعمل على تحصينها للتصدي لاي عملية عسكرية يمكن ان يقدم عليها المسلحون مؤكداً أن قرار قيادة الجيش طرد الارهابيين خارج الاراضي اللبنانية لا تراجع عنه.
حسام الغالي «الامور الى حلحلة»
قال امين عام هيئة علماء المسلمين الشيخ حسام الغالي لـ«الديار» ان الجيش التزم بوعده بوقف اطلاق النار وكذلك المسلحون الذين انسحبوا من عرسال. واشار الشيخ الغالي إلى ان انقطاع الاتصال مع المسلحين سببه لوجيستي وذلك يعود لضعف الارسال في المكان الذي اتخذوه مقرا لهم وايضا لتعرضهم لقصف الطيران السوري.
الا ان الشيخ حسام الغالي لفت الى ان الاتصالات تجددت مع طرف من المسلحين للتفاوض على الافراج عن الموقوفين من الجيش اللبناني معتبراً ان الامور سوف تحل في وقت قريب.
علماً أن وفد هيئة العلماء المسلمين اعلن انه سيبقى في عرسال متنقلاً بين المدينة والجرود، لكن ما ادلى به عضو الهيئة نور الدين نسيبة عن فقدان الاتصال بالمسلحين الذين خطفوا عناصر الجيش ويبلغ عددهم 22 جنديا، و17 من قوى الامن الداخلي، اثار بلبلة في الاوساط السياسية في البلد.
على صعيد آخر، أشارت معلومات الى عودة التواصل بين هيئة علماء المسلمين والمسلحين ليلاً وان وفد هيئة العلماء في عرسال ابلغ قيادة الجيش بعودة التواصل.
بيان جبهة النصرة
كما اعلنت جبهة النصرة في بيان انها خرجت من عرسال بعد حصولها على تعهد بعدم المساس بأهلها، مشيرة الى انه تم تسليم 6 أسرى كبادرة حسن نية وان باقي الأسرى لهم وضع خاص سوف تبينه لاحقاً.
ولفتت جبهة النصرة في بيان الى ان احدى الفصائل تخضع الآن لمحكمة شرعية مشتركة بعد ضربها حاجزا من حواجز عرسال بسبب اعتقال احمد جمعة الذي بايع الدولة الاسلامية في القلمون اخيرا، مشيرة الى ان الدولة الاسلامية بالقلمون قد تبرأت من فعلها.
وقالت: لا يخفى على كل عاقل ان منطقة عرسال تعتبر الرئة التي يتنفس من خلالها مجاهدو القلمون واللاجئون السوريون، ومن المنطلق الشرعي فانه لا يجوز اتخاذ هذه المنطقة ساحة نزال يحقق من خلالها اعداء الاسلام من رافضة وغيرهم مشروعهم الذي يسعون اليه منذ سقوط القلمون، واعمالهم من مضايقات واهانات ضد اهل السنة وتصريحات قبل بدء المعركة معلومة للكثير وموثقة لمن أراد الرجوع اليها.
واشارت الجبهة الى انه وبعد ان اصبح عدد القتلى والجرحى بالعشرات ايقنا بانه لا يمكن ان يكون الحل عسكرياً فسعينا جاهدين لسحب فتيل هذه الازمة حقنا لدماء المسلمين.
واشارت المعلومات الى ان المسلحين تقدموا بشرط اطلاق ابو أحمد جمعة قائد فجر الاسلام ومسجونين في روميه مقابل الافراج عن المخطوفين لديهم من الجيش اللبناني، كما طالبوا بعدم دخول الاجهزة الامنية الى البلدة.
بري
مطلب المسلحين، حذر منه الرئىس نبيه بري واكد لزواره رفضه الشديد محاولة التفاوض او مقايضة الاسرى العسكريين والامنيين لدى مسلحي داعش والنصرة بسجناء رومية معرباً عن خشيته من تحول هذا الملف الى ملف شبيه بملف معتقلي «اعزاز» جديد.
وقال «ان ما قبل عرسال هو غير ما بعدها» مشيراً الى المعلومات التي تلقاها بانتقال 1800 نازح سوري من البقاع والعودة الى سوريا، ووصف الامر بانه مهم وقال «سبق وطالبنا بهذا الموضوع ان يعود النازحون السوريون الى مناطقهم الآمنة في سوريا، وهذا يمكن ان يحصل بالتعاون مع السلطات السورية، خصوصاً ان صوتنا «بح» في السابق للمطالبة بالعلاقات الديبلوماسية بين البلدين».
واضاف الرئيس بري «يجب التعامل مع المخيمات السورية الان بطريقة مختلفة بعد ان تبين ان فيها مسلحين ولها علاقة بالمسلحين».
واضاف «لم ينته الموضوع في عرسال ويمكن ان يتكرر فيها وخارجها بعد الغدر الذي تعرض له الجيش»، وقال «على الدولة ان تفتح عينيها جيدا ويجب ان ينتشر الجيش في عرسال للاشراف على توزيع المساعدات، خصوصا انه تبين ان هناك من قاتل الجيش الى جانب الغرباء من ابناء عرسال وهؤلاء يجب ان يحاسبوا».
وابدى ارتياحه لقرار مجلس الوزراء بفتح باب التطوع، واستغرب ان لبنان لم يتلق من فرنسا اي اسلحة من هبة الثلاثة مليارات دولار الماضية خصوصاً، ان الجيش كان قدم لائحة بالاسلحة التي يريدها، واعرب عن خشيته من ان يكون هناك سقف اسرائىلي وضع على الفرنسيين لعدم تزويد الجيش بالاسلحة المتطورة بحجة استخدامها ضد اسرائيل، مشيراً الى ان هبة المليار دولار الجديدة من السعودية كأنها استدراك بسبب عدم تنفيذ الاولى. وكان الرئيس بري ابلغ السفير الاميركي منذ يومين طلب دعم الجيش اللبناني وقال «فتحتم عنابركم ومخازن اسلحتكم لاسرائىل خلال عدوانها على غزة، فلماذا لا تفعلون ذلك مع لبنان الذي يقاتل الارهاب.
مصادر سياسية تنتقد آلية التفاوض
من جهتها انتقدت مصادر سياسية متابعة للتفاوض بين هيئة العلماء المسلمين والمسلحين، كون اتصالات هيئة العلماء تتم باشراف الحكومة اللبنانية ولا علاقة للجيش بها مطلقاً، وان الشرط الاساسي كان انسحاب المسلحين وتأمين خروجهم من المدينة مقابل اطلاق المخطوفين وهذا لم يحصل. واشارت المصادر السياسية الى ثغر في آلية التفاوض وانتقدت كلام عضو الهيئة نور الدين نسيبة عن دعوته الحكومة لمفاوضة المسلحين بشأن المخطوفين، واشارت المصادر السياسية الى «خديعة» ما حصلت في الموضوع لا يجب السكوت عنها.
مجلس الوزراء
اما بالنسبة لجلسة مجلس الوزراء والتي حضر جزءاً منها القادة العسكريون وقررت تطويع خمسة الف عسكري لمصلحة القوى الامنية فأعلن العماد جان قهوجي قائد الجيش بعد انتهاء الاجتماع ان المسلحين انسحبوا من عرسال، وان هؤلاء المسلحين نقلوا العسكريين الاسرى منذ البداية الى خارج عرسال، كما وضع قائد الجيش الوزراء في صورة التطورات الميدانية مؤكداً على أن وضع الجيش الميداني ممتاز، شارحاً طبيعة المعركة مع هؤلاء الارهابيين إذ يحتاج الجيش الى اسلحة متطورة وعناصر وأكد ان الجيش لن يتوانى عن ضرب هؤلاء وحفظ أمن البلد.
وبعد مغادرة قائد الجيش والقادة الامنيين شهدت الجلسة سجالات على خلفية مطالبة بعض الوزراء، وتحديداً الكتائب، بتوسيع انتشار القوات الدولية على طول الحدود اللبنانية ـ السورية.
الوضع داخل عرسال
اما الاوضاع داخل عرسال فقد شهدت هدوءاً حذراً بعد انسحاب المسلحين من البلدة وانتشار الجيش ونقل 42 جريحاً الى مستشفيات منطقة البقاع ودخول الادوية، فيما رفض الاهالي الحصص التموينية مطالبين بالامن.
وكان فوج المجوقل في الجيش اللبناني نفذ عملية استثنائىة داخل مستوصف الرئيس الشهيد رفيق الحريري تمكن خلالها من تحرير 7 عسكريين، علماً أن المسلحين انسحبوا بثلاثين شاحنة صغيرة باتجاه المنطقة الجردية رافعين اعلام النصرة.
عودة 1500 نازح سوري
الى ذلك، انتقلت قافلة من السيارات والشاحنات ووسائل النقل المتنوعة تحمل حوالى 1500 نازح سوري، بمبادرة من راهبات دير مار يعقوب من مدينة قار السورية، من عرسال الى رأس بعلبك عبر طريق فرعية واتجهت نحو المصنع حيث تجري اتصالات لتأمين دخولهم الى سوريا.
السفير السوري: التدقيق باللوائح
وعلق السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي على هذا الموضوع وعودة النازحين قائلاً: ان سوريا ترحب دائماً بعودة ابنائها اليوم (امس) وهذا ما سعت اليه الحكومة السورية.
اما بالنسبة لوضع النازحين في منطقة المصنع على الحدود اللبنانية ـ السورية فالأمن العام اللبناني يدقق في اوضاع هؤلاء ومن لا يملك دخولاً شرعياً ونظامياً لا يسمح بعبوره الحدود اللبنانية باتجاه سوريا، ونحن ندرس اللوائح الاسمية لهؤلاء بالتنسيق مع الامن العام اللبناني لايجاد مخرج لعودتهم الى بلدهم.