Site icon IMLebanon

الجيش في خطر؟

لبنان في أخطر مرحلة من تاريخه؟

لا شك في ذلك. «داعش» ومن يشبهها ومن معها ومن يتستر عليها ومن يصمت عنها ومن يوفر لها الحضانة السرية، «داعش» هذه، لم تعد على الأبواب، انها في الداخل، وفي يديها زمام الهجوم والتفجير والاغتيال والخطف، «داعش» التي لم تكن منا، صار بعضنا منها.

لبنان في أخطر حقبة من حياته؟

أكيد. حصون مناعته غير مأهولة. السلطة السياسية فارغة. الرئاسة فراغ، المجلس مفروغ منه، وعاطل عن العمل، والحكومة تملأ الفراغ بشكلها وتشكيلتها، وتدير الفراغ. القوى السياسية في أدنى مستوياتها من المسؤولية كما الفقهاء وكهنة الكنيسة الذين كانوا يناقشون في جنس الملائكة (وهنا في جنس كل شيء من الرئاسة إلى أدنى وظيفة أو أخسَّ صفقة) بينما محمد الفاتح، على أبواب القسطنطينية.

مرة أخرى، «داعش» باتت عندنا، ولها أمكنة إقامة متنقلة.

الأخطر، أن الأمر في المواجهة والمعالجة هو الجيش وأجهزته. والجيش، آخر خط دفاع عما تبقى من لبنان، بعده لا شيء.

لم يعد الخوف وهماً، بات حقيقة. مفاجأة «المسلحين» في عرسال للقوى الأمنية والعسكرية، وتناقل وسائل الاتصال الاجتماعية أخباراً، مثل «المسلحون على مقربة 40 متراً من مراكزهم» و«خطف الجنود من منازلهم» و«المسلحون جاؤوا من مخيمات النازحين السوريين»، أثارت موجة من الهلع والتوجس، من ان يكون سيناريو «داعش» في سوريا والعراق واجتياح الموصل، هو النموذج الزاحف إلينا.

على أن الخوف على الجيش هذه المرة، ليس تخويفاً أو تهبيط حيطان. الجيش وحده، ليس قادراً على هذه المهمة، إذا لم تكن حاضنته الوطنية/السياسية، مؤمنة وصاحبة ثقة. عرفنا، في تاريخ البيانات التي يصدرها الزعماء والسياسيون، أنها لا تعدو ان تكون حبراً مشروطاً وكلاماً مرهوناً بخط الرجعة. لم يحظ الجيش بحاضنة شعبية وطنية. الشعب، حواضن طائفية ومذهبية، والطبقة السياسية، في أغلب الظن، لا يصدقها الجيش، لأنه يطالب بها دائماً وفي كل مواجهة، ولا يعطى تأييداً ودعماً إلا من رؤوس الشفاه، وبحسابات دقيقة، تراعي الرياح التي تعصف مذهبياً في القارة العربية، التي منها «وطن الكرامة هذا، وهذا الشعب العنيد». كذب. الجيش وحيداً سيكون حظه عاثراً. الجيش ومعه شعبه (أين هو؟) حظوظه في الفوز أكثر.

الخوف الحقيقي نستقرئه من خلال ما فشلت به جيوش نظامية، قوية عدة وعديداً، ومتمرسة في الطاعة وفق تسلسل الأمرة. الجيش العراقي بدا كفرق كرتونية وقياداته كراكوز. الجيش العراقي انفرط، لأنه كان صورة عن نظام فاسد، وعن مجتمع مشتت ومتفجر… الجيش ابن بيئته. وهذا ما حصل مع الجيش «العقائدي» في سوريا. فقد فشل في لجم «داعش» و«النصرة» والجماعات المسلحة. طردها من المدن، أو من بعضها، فانتشرت في الأرياف والقرى ولا تزال تنتشر. تضرب وتنمو. تتشتت وتنتشر. الندية بين الفريقين كبيرة. والحرب سجال دائم، من أبشع سجالات التاريخ.

الجيش اللبناني، المؤلف من أبنائنا وآبائنا وفلذات أكبادنا، معرَّض للاستشهاد. ينتظر اللبناني «الصامت» «المعتر» ان يحميه جيشه، بينما اللبنانيون الموزعون والمنتشرون في طوائفهم ومذاهبهم، لا يعوِّلون عليه. يعوِّلون على مذاهبهم وطوائفهم. يعوِّلون على تسلّح ذروته في القرى والبلدات، كي يدافع فيه الطائفي عن طائفته. الجيش لحماية البلد، وأبناء البلد، «الفعَّالون» «الملتزمون»، يعوِّلون على ميليشياتهم وأحزابهم العابرة للحدود، ومن داخل الحدود كذلك.

الجيش قال الحقيقة المرة: هذه أخطر مرحلة يمر بها لبنان. انها جريمة هذه الطبقة الملعونة.