Site icon IMLebanon

الجيش يطلب نقل موقوفي الريحانية وقوى الأمن ترفض

فيما تتفاعل قضية الموقوفين في سجن الريحانية العسكري، تستمر المشاورات السياسية على وقع الهاجس الأمني بشأن الجلسة التشريعية. حتّى الآن لا صيغة توافقية تتيح عقدها يوم الخميس. الجميع بانتظار ما سيعلنه تيار المستقبل، بعد اللقاء الأخير الذي جمع الرئيس سعد الحريري وفريقه في جدّة

بعد الكلام الذي صدر أخيراً حول الموقوفين في سجن الريحانية العسكري ومطالبة بعض النواب في كتلة المستقبل بمراعاة وضعهم، علمت «الأخبار» أن قيادة الجيش سبق أن طلبت من قوى الأمن الداخلي نقل الموقوفين الى السجون التابعة لوزارة الداخلية، وجدّدت هذا الطلب أخيراً، إلا أن قوى الأمن رفضت ذلك. وأكدت قيادة الجيش، بحسب معلومات «الأخبار»، أن سجن الريحانية العسكري مخصّص لسجن العسكريين المخالفين لأيام معدودة فقط، وهو ليس سجناً مخصصاً لسجن المدنيين أو حتى العسكريين لأسابيع، وخصوصاً أنه غير مجهّز لمثل الحالات التي يُحال فيها الموقوفون عليه في الوقت الراهن. وبعد رفض قوى الأمن، أجرت قيادة الجيش اتصالات بعدد من المسؤولين المعنيين ووضعتهم في صورة هذا الوضع، مكررة استعدادها لتحويل المسجونين المحُالين على سجن الريحانية إلى أي سجن آخر.

وكذلك فإن قيادة الجيش سبق أن أبلغت القوى الأمنية المعنية استعدادها لتشكيل لجنة أمنية للبحث في «وثائق الاتصال» التي جرى الحديث عنها أخيراً. لكن هذا الطلب لا يزال ينتظر موافقة كل القوى الأمنية المعنية، علماً بأن الجيش لا يُلاحق كل من يرد اسمه في هذه الوثائق إلا بعد إجراء التحقيقات اللازمة.

وكان مسؤولون ونواب من تيار المستقبل قد شنّوا هجوماً على المؤسسة العسكرية، واتهموا الجيش بممارسة التعذيب في سجن الريحانية، وبتوقيف المواطنين تعسفياً بناءً على «وثائق الاتصال»، أي معلومات المخبرين.

سياسياً، لم ينجَح حتى اللحظة خطّ النار الذي يلفّ لبنان من حدوده الجنوبية مع فلسطين المحتلة إلى حدوده مع سوريا في الضغط على مختلف الأفرقاء السياسيين للإسراع في حل تعطيل عمل المجلس النيابي ولا الحكومة. ولا يبدو أن هناك حلاً يلوح في الأفق بالنسبة إلى إنجاز الاستحقاق الرئاسي المرتبط بالتفاهمات الخارجية. فعلى وقع الهاجس الأمني المتواصل المرتبط بتطورات المنطقة، وتحديداً بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزّة، تستمرّ المشاورات السياسية التي بدأت في بيروت وحطّت في جدّة خلال اجتماع الرئيس فؤاد السنيورة والوزيرين نهاد المشنوق وأشرف ريفي ونادر الحريري، الأخير، مع رئيس تيار المستقبل سعد الحريري، بشأن مختلف الملفات. لكن الأجواء التي يتناقلها المعنيون لا تشي بقرب الوصول إلى صيغة توافقية تُتيح فتح مجلس النواب في جلسة تشريعية هذا الخميس. فالتفاوض على جدول أعمالها لا يزال مستمراً، مع إصرار رئيس مجلس النواب نبيه برّي على أن يتضمّن إصدار قانون يغطّي الإنفاق المالي للدولة، خصوصاً الرواتب في القطاع العام وإصدار سندات خزينة باليوروبوند وإقرار سلسلة الرتب والرواتب.

وإذ بات من الواضح أن أي تفاهم حول الجلسة التشريعية هو السبيل الوحيد لاستعادة جلسات مجلس الوزراء، ينتظر الجميع نتيجة المشاورات التي حصلت في جدّة بين الحريري وفريقه السياسي، حيث طالت هذه المشاورات مختلف المواضيع المطروحة والشائكة، ومنها ملف سلسلة الرتب والرواتب، والعمل التشريعي، وإعادة السعي إلى تحريك ملف الانتخابات الرئاسية، والتوافق على شخصية توافقية لرئاسة الحكومة يهدف إلى حشر الفريق الآخر. ولفتت مصادر تيار المستقبل في حديثها مع «الأخبار» إلى أن «البحث في لقاء جدّة تركّز حول كيفية الخروج من الأزمة التشريعية».

المستقبل: لا نقاطع العمل التشريعي ولا نربط موقفنا منه بأي قضية أخرى

وأشارت المصادر إلى أن «الحوار مفتوح مع الرئيس برّي، لكن لا شيء محسوماً بعد»، مكررة موقف «المستقبل» الرافض إصدار قانون لتغطية صرف رواتب موظفي الدولة. وأكّدت أن «الجميع بانتظار الموقف الذي سيُعلنه السنيورة نهار الخميس المقبل لإبلاغ الجميع نتائج هذه المشاورات». والمؤكّد، حسب ما تقول مصادر تيار المستقبل نقلاً عن أجواء اللقاء، أن «لا انتخابات نيابية قبل الانتخابات الرئاسية، فالمجتمعون في جدّة أكدوا ضرورة قطع الطريق على مبادرة رئيس تكتّل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون». وفي موضوع الجلسة التشريعية «يستمر النائب النائب وليد جنبلاط في مشاوراته لعقدها، خصوصاً في أوضاع كهذه»، بحسب مصادر قريبة منه. وهنا تسجّل «حركة اتصالات على صعد عدّة مع مختلف الأفرقاء لتعبيد طريق النواب إلى القاعة العامة، كان قد بدأها جنبلاط مع الرئيس نبيه برّي بطبيعة الحال، وتيار المستقبل، ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع عبر النائب مروان حمادة». وبالتزامن مع حركة جنبلاط، بدأ أمس الحزب التقدّمي الاشتراكي بجولة على كل الأفرقاء المعنيين، حيث اجتمع وفد يضم كلاً من النائب هنري حلو والوزير وائل أبو فاعور وأمين السر العام في الحزب ظافر ناصر إلى المعاون السياسي للرئيس برّي الوزير علي حسن خليل، تمّ البحث خلاله في حقيقة الأرقام المرصودة لتمويل السلسلة. وأشارت مصادر الحزب الاشتراكي إلى أن «الأرقام المقدّمة ما زالت حتّى الآن غير حقيقية وغير واقعية، وغير قابلة لأن تكون موضع جباية، يُسدّ فيها نفقات السلسلة». وفي السياق، سيلتقي الوفد اليوم مع النائب غازي يوسف الذي يُمثل وجهة نظر تيار المستقبل في هذا الموضوع.

وأكد رئيس مجلس النواب نبيه بري مساء أمس أمام زواره حرصه على عقد جلسة تشريعية قبل نهاية الشهر الحالي كي يتقاضى الموظفون رواتبهم، ولاحظ أن مشروع سلسلة الرتب والرواتب لا يحتاج الى اجتماع لهيئة مكتب المجلس «لأنه لا يزال مدرجاً في جدول الأعمال منذ الجلسة السابقة المفتوحة، وإذا كان الجواب إيجابياً نعقد اجتماعاً لهيئة مكتب المجلس ونقرّ جدول أعمال إضافياً. وعندئذ يمكن عقد جلسة للمجلس الأسبوع المقبل قبل جلسة انتخاب رئيس الجمهورية أو بعدها». وسُئل برّي هل ستبقى الحكومة على حالها مجمدة، فأجاب: «أنا أرفض أن يتوقف عملها لحظة واحدة. إذا كان البلد في مصيبة من جراء عدم انتخاب رئيس للجمهورية، فهل نوقعه في مصيبة ثانية بتوقف عمل الحكومة ومجلس النواب». وأضاف: «أكرر أنه رغم كل ما يجري فإن لبنان أمام فرصة، لأن حاله أفضل من حال جواره. هذه الفرصة علينا اغتنامها من خلال عمل المؤسسات وانتخاب الرئيس». كذلك سُئل عن المسؤول عن تعثر انتخاب رئيس جديد، فأجاب: «كل الطبقة السياسية، وأنا منها».

وتوقفت كتلة المستقبل النيابية أمس، خلال اجتماعها الأسبوعي، أمام النقاش الدائر في البلاد في ما خصّ عمل مجلس النواب، موضحة أن «الكتلة لا تقاطع أعمال مجلس النواب أو العمل التشريعي، ولا تربط موقفها في هذا الشأن بأي قضية أخرى، وهي ترى أن العمل التشريعي يجب أن ينحصر في القضايا الرئيسية والأساسية التي تقع تحت خانة الضرورة القصوى». وأوضحت أن «الكتلة على استعداد للمشاركة في أي جلسة تشريعية تتصل بقضايا ضرورية من أجل إقرارها، مثل مناقشة الموازنة العامة أو بشأن إصدارات لسندات الخزينة أو لسلسلة الرتب والرواتب». ورأت أن «الاستمرار في دفع الرواتب للموظفين، التي هي من المصاريف الدائمة، هو واجب ومسؤولية وزير المالية، وهو أمر محسوم ويمكن السير به، وذلك استناداً إلى قانون المحاسبة العمومية وإلى قانون موازنة عام 2005، واستناداً إلى إجازة من الحكومة».

من جهة أخرى، حذّر رئيس الحكومة تمام سلام «من أن الأوضاع العامة بدأت بالتراجع نتيجة للتعطيل الذي أصاب السلطة التشريعية والذي بدأ يتسلل الى السلطة التنفيذية وكافة المؤسسات».