إعدامات ونزوح جماعي واتهامات والمسلحون عيّنوا عزت الدوري قائدا عسكريا
المنطقة ترقص على حافة هاوية التطورات العراقية المفتوحة على كل الاحتمالات مع استمرار الاشتباكات الضارية وسقوط القتلى والاعدامات وعمليات النزوح الطائفية التي تزامنت مع تصاعد في الانقسامات الحادة بين دول المنطقة بخلفية مذهبية، حيث اتهمت الحكومة العراقية السعودية بتمويل الارهاب، فيما حملت الرياض السياسات الطائفية والاقصائية المسؤولية عما يجري في العراق.
وفي ظل هذا التصعيد، برز موقف كردي لمسؤول رفض الكشف عن اسمه داعيا الى تقسيم العراق بين 3 دول سنية وشيعية وكردية، مؤكدا ان كركوك ستكون عاصمة دولة كردستان، كما دعت المجموعات الكردية المالكي الى عدم اللجوء الى القوة لحل الخلافات.
وكشفت معلومات ان المسلحين سلموا امر القيادة لنائب الرئيس العراقي السابق عزت الدوري، وفي موازاة ذلك استمر الحراك الدولي لمقاربة الازمة العراقية عبر تباين في المواقف حول كيفية التعامل مع «داعش» خصوصا ان واشنطن لم تحسم بعد توجيه ضربات عسكرية لتوقف تقدم «داعش» الميداني رغم ان الجيش العراقي حقق بعض الخطوات امس على الارض خلافا للايام السابقة وصد العديد من الهجمات ونظم هجوما مضادا في تل عفر على الحدود السورية – العراقية، حيث فاق عدد المتطوعين لحمل السلاح ضد «داعش» مليون متطوع حسب مرجع شيعي عراقي.
على صعيد آخر، حمّلت الحكومة العراقية السعودية مسؤولية الدعم المادي الذي تحصل عليه ما وصفتها بـ«الجماعات الإرهابية» وجرائمها التي رأت أنها تصل إلى حد «الإبادة الجماعية» معتبرة أن موقف الرياض من أحداث العراق يدل على «نوع من المهادنة للإرهاب». وقال البيان الصادر عن مكتب رئيس الوزراء نوري المالكي إنه لاحظ «موقفا وحيدا مستغربا يصدر من مجلس الوزراء السعودي، وإننا ندين بشدة هذا الموقف الذي نعتبره ليس فقط تدخلا في الشأن الداخلي وإنما يدل على نوع من المهادنة للإرهاب».
كما حمّل السعودية «مسؤولية ما تحصل عليه هذه الجماعات من دعم مادي ومعنوي، وما ينتج من ذلك من جرائم تصل الى حد الإبادة الجماعية وسفك دماء العراقيين، وتدمير مؤسسات الدولة والآثار والمواقع التاريخية والمقدسات الإسلامية».
واعتبرت الحكومة العراقية أن محاولة إضفاء صفة الثوار على هذه الجماعات من قبل وسائل إعلام تابعة للحكومة السعودية، تعد إساءة بالغة لكل ما هو ثوري ومحاولة لشرعنة الجرائم التي تقوم بها هذه المجموعات والتي هي ليست خافية على أحد في كل مكان حلت به.
وفي وقت سابق امس قررالرئيس الأميركي بارك أوباما أرسال 275 جنديًا إلى العراق لحماية السفارة الأميركية في بغداد بينما رجح مسؤولون أميركيون قوات خاصة ستعمل على «توجيه القوات العراقية وتدريبها». وقال أوباما في تقرير رسمي رفعه إلى الكونغرس إن «القوات التي سيرسلها في بيانه ستجهز للقتال وستبقى في العراق لحين تحسن الوضع الأمني».
الأكراد يحذرون بغداد من الحل العسكري
القوى الكردية حذرت بغداد من الاعتماد على الحل العسكري وحده لانهاء الازمة الحالية التي تواجهها البلاد ودعتها إلى معالجة سياسية اصلاحية عميقة وشاملة لاوضاع العراق .
جاء ذلك خلال اللقاء التشاوري للاحزاب الكردستانية برئاسة بارزاني «حيث تم بحث التطورات الخطرة الي ترتبت علي سقوط مدينة الموصل ومدن قصبات اخرى في محافظات صلاح الدين و ديإلى و كركوك بعد انسحاب الجيش والقوات الأمنية العراقية منها وبعد فشل الحل سياسي في الانبار والفلوجة حيث توقف اللقاء عند التداعيات السياسية والعسكرية والأمنية لهذا الوضع المتجمد، والاسباب والعوامل التي كانت في اساس تمكين داعش من احتلال منطقة سكانية واسعة، و تكبيد الجيش خسائر بشرية ومادية وعسكرية» كما أشار بيان صحافي عقب اللقاء حصلت «إيلاف» على نصه.
وجرى التاكيد في اللقاء «على الدور السلبي لتراجع العملية السياسية وافراغها من مضامينها الديموقراطية الوطنية مما ادى إلى تآكلها وتفكك تحالف القوى المعنية بها وانطلاقها وممارسة نهج سياسي بالضد من الدستور والتوافقات والاسس التي انطلقت منها العملية السياسية، وتشكلت على قاعدتها الحكومات العراقية المتعاقبة».
كما اولى اللقاء اهتماما استثنائيا باعادة بناء الثقة بين القوى العراقية والمكونات الوطنية وضرورة اطلاق مبادرة وطنية سياسية تعيد الاعتبار لجوهر العملية السياسية في نبذ السياسات الاقصائية والتهميشية والتوجهات التي تكرس التعصب والطائفية وتتجاوز كل مظهر للانفراد في السلطة واشاعة مناخ يصب في مصالح فئوية وطائفية ضيقة والنزوع نحو التضيق على المكونات المتشاركة في العمل الوطني.
واكد المجتمعون على ان الحل العسكري والأمني وحده من شأنه وضع العراق في مواجهة تداعيات أخطر ويهدد السلامة الوطنية وهو ما يتطلب معالجة سياسية اصلاحية عميقة وشاملة، تستند إلى الادارة المشتركة لجميع الكتل والقوى وكل الوطنيين العراقيين دون استثناء والعمل على معافاة الاوضاع وتصفية المخلفات السلبية التي تراكمت في المشهد السياسي العراقي واعادة البلاد للسير في الطريق المؤدي إلى اقامة دولة المؤسسات الديموقراطية والفصل بين السلطات وتعزيز موقع المواطنة بعيدا عن أي مظهر للاستئثار وتجاوز الدستور وتمتين علاقات الاخوة بين مكونات الشعب العراقي.
كما جرى التأكيد في اللقاء على الاستعداد الدائم لاستقبال المواطنين النازحين ورعايتهم بكل الوسائل المتاحة، وتوجه المشاركون في اللقاء بنداء عاجل إلى العالم بالالتفات إلى الوضع الانساني لعشرات الالاف من المواطنين النازحين وتقديم المساعدات للتخفيف عن معاناتهم والتخفيف من العبء المتزايد على الاقليم.
نائب وزير الدفاع العراقي لشؤون الطاقة حسين الشهرستاني، أعلن أن عدد المتطوعين لحمل السلاح ضد «تنظيم الدولة الإسلامية في الشام والعراق – داعش» تجاوز المليونين. ولفت الشهرستاني في تصريح صحفي، إلى أن الدولة العراقية ليست مهيأة لاستقبال أعداد إضافية حيث لا يزال توافد الألاف لتسجيل أسمائهم خاصة بعد دعوة المرجع علي السيستاني للتطوع لمقاتلة «داعش» والدفاع عن المراقد الشيعية.
الى ذلك دعت هيئة علماء المسلمين بـالعراق المراجع الدينية الشيعية إلى إعادة النظر في الفتوى التي أصدرتها ودعت فيها الشباب للتطوع لدعم الجيش ضد المسلحين، قائلة إن الحكومة الحالية ومليشياتها تستغل هذه الفتوى لارتكاب ما وصفتها بجرائم إبادة طائفية ضد المدنيين العزّل. وأضافت الهيئة في بيان لها أن «هذه الجرائم تهدف الحكومة بها إلى الحصول على رضى أبناء جنوب العراق للتغطية على فشلها وتنفيذ المخطط الإيراني داخل البلاد». وأكدت الهيئة أن قوات الأمن تقوم بحملة اعتقالات واسعة للمدنيين من مختلف الفئات في مناطق العسكري وتموز ومركز ناحية جرف الصخر ومنطقة العمارات السكنية والقرية العصرية في محافظة بابل ومناطق حزام بغداد. وأشارت الهيئة في بيانها إلى أن «مليشيات رئيس الوزراء نوري المالكي تنفذ جرائم مختلفة، آخرها جريمة في ناحية جرف الصخر، حيث أقدمت على إخراج عشرات المواطنين من منازلهم بعد تفجيرها وتركتهم في العراء دون طعام أو شراب، ولا يعرف مصيرهم حتى الآن بعد انقطاع الاتصال بهم».
من جانبه، قال وزير الخارجية الأميركي جون كيري في مقابلة مع قناة «ياهو نيوز غلوبال» الإخبارية إن واشنطن منفتحة على التعاون مع إيران عسكرياً بالعراق لكبح جماح العنف، والحفاظ على وحدة هذا البلد والقضاء على من وصفهم بالإرهابيين الدخلاء الذين يريدون تمزيقه. وأضاف كيري «دعونا ننظر إلى ما قد ترغب أو لا ترغب إيران في فعله قبل أن ندلي بأي تصريحات» موضحاً أن ما يحدث في العراق يمثل «خطراً على وجوده نفسه». كما جدد الدعوة لضرورة تبني الحكومة العراقية نهجا تعدديا في الحكم يعتمد على إشراك جميع الأطياف السياسية لتقديم برنامج شامل للإصلاح السياسي لاستعادة ثقة الشعب العراقي.
الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون رأى أن تفاقم العنف الطائفي في العراق يمثل خطرا كبيرا.
وحثّ كي مون رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي للوصول لإجراءات شاملة لاستعادة السلام والأستقرار، معتبرا أن الإستقرار السياسي يمنع انتشار الإرهاب في العالم، لافتا إلى أن تهميش حقوق العراقيين يفضي الى الارهاب والتطرف. ولفت إلى أن المشاورات ما زالت مستمرة لتعيين خليفة للمبعوث الدولي السابق إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي، آملا أن يتخذ مجلس الأمن الدولي الإجراءات اللازمة لحل الأزمة العراقية. واعتبر كي مون أن الانقسامات الدولية حول الأزمة السورية لن تؤدي إلى حلها، معربا عن أسفه لعدم استكمال مفاوضات جنيف.
رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون اشار الى أن «المتشددين في العراق يشكلون خطرا على الامن القومي البريطاني».
وزارة الخارجية الروسية رأت أن «ازدياد نشاط المتطرفين في العراق وتواجدهم في سوريا، بإمداد مادي ومالي من الخارج، من شأنه أن يخلق بؤرة شاملة للإرهاب في المنطقة»، داعيةً المجتمع الدولي «لمساندة الحكومة العراقية بشكل فعال لنشر السلام والأمن في البلاد».
وأكدت الخارجية في بيان أن «موسكو متضامنة مع ما تقوم به بغداد من التصدي الحازم للإسلاميين، وستمضي في تقديم دعمها العملي للسلطات العراقية في نضالها بلا هوادة ضد الارهاب».
على صعيد آخر أعلن وزير الخارجية التركي، أحمد داود أوغلو، أن تركيا تخلي قنصليتها في مدينة البصرة العراقية بسبب تزايد الأخطار الأمنية. وقال أوغلو عبر حسابه على موقع التواصل الإجتماعي «تويتر» أن بلاده أخلت قنصليتها في مدينة البصرة بجنوب العراق امس الثلاثاء بسبب تزايد المخاطر الأمنية ونقلت موظفيها إلى الكويت.
ميدانيا تواصلت المعارك شمال ووسط العراق، حيث يتمدد المسلحون باتجاه العاصمة بغداد، في غضون ذلك كشفت مصادر طبية عن مقتل عشرات السجناء في بعقوبة، كما اضطرت الحكومة الى اغلاق مصفاة بيجي خشية تعرضها للاستهداف. وسقط معبر القائم على الحدود مع سوريا. وأفادت مصادر طبية وأمنية عراقية بمحافظة ديالى بأنها تسلمت جثث 63 سجينا في مخفر شرطة المفرق بوسط بعقوبة عاصمة المحافظة.
وكان مسلحون هاجموا عدة مناطق في المدينة الواقعة على بعد60 كيلومترا شمال شرق بغداد، من بينها مخفر الشرطة بينما قالت مصادر عسكرية إن القوات الحكومية صدت هجوما للمسلحين. وبحسب مصادر للجزيرة فإن الجثث تعود لسجناء داخل المركز، تمت تصفيتهم قبل مغادرة الشرطة.
ويتهم المسلحون القوات الحكومية المدعومة من المليشيات بقتل السجناء قبل انسحابها من المخفر، لكن المصادر الرسمية قالت إن المسلحين هم من قتل السجناء. وكان المسلحون قد نشروا صورا لما قالوا إنها جثث تعود لأكثر من 50 سجينا قتلتهم المليشيات القريبة من الحكومة قبل انسحابها من مدينة تلعفر غربي الموصل يوم الأحد الماضي. وكان المسلحون سيطروا على مناطق واسعة في محافظة ديالى ذات الأهمية كونها تقع على الحدود مع إيران، ولأنها محافظة مختلطة طائفيا وعرقيا.
وما زالت الاشتباكات مستمرة في مناطق عراقية بين مسلحين من أبناء العشائر ومعهم عناصر من تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام في مواجهة القوات الحكومية المدعومة من مليشيات ومتطوعين.
ففي غرب البلاد، قال شهود عيان من مدينة القائم في محافظة الأنبار على الحدود العراقية السورية إن مسلحين سيطروا على عدد من البلدات الحدودية التابعة للمدينة.
من جهتها سيطرت مجموعة من المسلحين على معبر القائم الحدودي الرسمي مع سوريا والواقع في محافظة الأنبار غرب العراق بعد انسحاب الجيش والشرطة من محيط المعبر، بحسب ما أفادت مصادر أمنية وعسكرية.
وقال ضابط برتبة عقيد في الشرطة إن مسلحين من الجيش السوري الحر وجبهة النصرة سيطروا صباح امس على معبر القائم (340 كلم غرب بغداد) الحدودي مع سوريا بعد انسحاب عناصر الأمن والجيش والمسؤولين. ويسيطر المسلحون السوريون المعارضون على الجزء المقابل من المعبر الحدودي.
يذكر أن معبر ربيعة الرسمي الحدودي بين العراق وسوريا والواقع في محافظة نينوى شمال البلاد يخضع حاليا الى سيطرة قوات البشمركة الكردية بعد انسحاب القوات الحكومية العراقية منه. ولم يتبق تحت سيطرة الحكومة العراقية مع حدود سوريا سوى معبر واحد هو معبر الوليد القريب من الحدود مع الأردن.
وفي محافظة الأنبار أيضا أُعلن عن سقوط عشرة قتلى في مدينة الفلوجة – بينهم سبعة من عائلة واحدة – جراء قصف للجيش النظامي على حي الجولان. وتقول السلطات العراقية إن عدة غارات جوية قامت بها طائرات الجيش في الصقلاوية شمال الفلوجة، وأيضا في محافظتي نينوى وصلاح الدين.
متطوعون
في غضون ذلك ما زال مئات من الشيعة في العراق يتدفقون على مراكز التطوع التي افتتحت لتنظيم انضمامهم للقتال إلى جانب حكومة نوري المالكي في مواجهة المسلحين الذين سيطروا على مناطق واسعة وسط وشمال البلاد.
وقال مصدر أمني عراقي إن المتطوعين يُنقلون فورا إلى ما سماها جبهات القتال. وتأتي عمليات التطوع استجابة للفتوى التي أصدرها المرجع الشيعي علي السيستاني، ودعا فيها الشيعة لحمل السلاح ومقاتلة من سماها الجماعات الإرهابية.
في هذه الأثناء أجرى ما يعرف بالمجلس العسكري العام للثورة العراقية استعراضا عسكريا في منطقة الداقوق في محافظة كركوك شمال بغداد.
وقال المجلس في صور بثها إن الاستعراض جاء بعد اقتحام مقر الفرقة الثانيةَ عشرة التابعة لما سماه جيش المالكي. وشارك في الاستعراض – حسب قول أحد المسلحين – مسلحو العشائر من أبناء المنطقة ومسلحو المجلس العسكري من ثوار العراق.
في المقابل قالت الشرطة العراقية إن ستة من أفرادها قتلوا وأصيب أربعة آخرون عندما هاجم مسلحون قرية البشير التركمانية التابعة لناحية تازة جنوب كركوك، بينما تواصلت المعارك بين القوات الحكومية والمسلحين في مناطق أخرى.
وبحسب الشرطة فإن المسلحين سيطروا على أجزاء من القرية ثم انسحبوا بعد ساعة من الاشتباكات مع عناصرها والصحوات.
من جانبها، أوردت قناة العراقية الإخبارية الرسمية أن الجيش العراقي قتل اثنين من قادة تنظيم الدولة ، غير أنها لم تذكر أين حدث ذلك.
إغلاق بيجي
وفي تطور آخر، أغلقت السلطات العراقية مصفاة بيجي أكبر مصافي البلاد، وأجلت العمال الأجانب مع اقتراب المسلحين من محيط المصفاة. لكن مسؤولين في المصفاة قالوا إن الجيش ما زال يحكم سيطرته عليها، وإن الموظفين المحليين ما زالوا موجودين فيها.