Site icon IMLebanon

الحرب بين «دولة الخلافة» ودولة «ولاية الفقيه»!

واشنطن

مع تزايد الحديث في واشنطن عن تقلّص رقعة الخيارات المتاحة أمام إدارة الرئيس باراك أوباما للتعامل مع تطوّرات المنطقة، تتصاعَد الدعوات الى ضرورة إعادة النظر في سياسة الإستقالة من شؤونها التي تمارسها منذ أكثر من أربعة أعوام.

هناك مَن يقول إنّ الأصوات باتَت شبه متساوية بين الداعين الى تَرك الوضع على حاله، والداعين الى «قلب الطاولة» مجدداً، نظراً الى الأخطار التي يمكن أن تُهدّد أمن الولايات المتحدة نفسها، عاجلاً أم آجلاً.

وعلى رغم أنّ أنصار وجهة النظر الأولى لا يرون أخطاراً داهمة بالفعل، ويعتبرون أنّ التمسك بسياسة «النأي بالنفس» تبدو الأكثر جدوى حتى الآن، في منطقة تنهار فيها كل الحدود والتراكيب والكيانات تبعاً لخطٍّ زلزالي تصاعدي، لا يمكن التكهّن بالحدود التي سيقف عندها.

تقول مصادر أميركية مطلعة «إنّ الخاسر الأكبر ممّا يعيشه العراق هو إيران وسياساتها الإقليمية، وذلك بعيداً من التحليلات المتفائلة والتصريحات النارية الصادرة سواءَ من مسؤولين إيرانيّين أو من مصادرها الإعلامية».

وتضيف «أنَّ قائد «فيلق القدس» التابع لـ»الحرس الثوري» اللواء قاسم سليماني، يتحمَّل مسؤوليّة كبرى عن تلك الإنتكاسات، وما يحصل سيضعف بلا أدنى شكّ موقع بلاده، خصوصاً في مفاوضاتها النووية.

فقدرتها على استدراك ما يمكن استدراكه في العراق باتَت محدودة، نظراً الى ضيق مجال المناورة فيه أو مع محيطه، على رغم محاولاتها إثارة مناخ من الفوضى الشاملة، مثلما يحصل على الحدود مع السعودية والأردن أو حتى في اليمن».

ويكشف البعض أنّ لدى الإستخبارات الأميركية معلومات عن وجود أكثر من 1500 خليّة نائمة في بغداد نفسها، تنتظر ساعة صفر جديدة، فيما تُشير تقديرات الجيش الأميركي الى أنّ قدرة الجيش العراقي والميليشيات الشيعية على استعادة المناطق التي خسِروها في مواجهة مقاتلي «الدولة الاسلامية» دونها عقبات. وهناك مَن يتخوّف من أن يتمكّن هؤلاء من احتلال مدينة سامراء نفسها، بعدما تبيَّن أنّ ادّعاء استعادة مدينة تكريت ليس صحيحاً.

تقسيم العراق في هذه المرحلة قد يكون أقرب الى الواقع منه الى الخيال، خصوصاً أنّ دعوات الأكراد الى تنظيم استفتاء على الإستقلال، ولو كان مؤجَلاً بعض الشيء، يفرض تحالفات يبدو أنّها في طريقها نحو التشكّل، في ظلّ سعيهم الحثيث الى الدخول في توافقات وتفاهمات عميقة مع تركيا.

ولا تستبعد المصادر الأميركية أن ينعكس خلط الأوراق الإقليمية على ساحات المواجهة الأخرى، مع إصرار القيادة الإيرانية على المضي في سياساتها، وتمسّكها بنوري المالكي رئيساً للوزراء لولاية ثالثة، وتصعيدها للحرب على الجبهة السورية، أملاً في تحقيق التوازن مجدّداً بعد ما شهده العراق.

لكنّ هذه المصادر تُحذّر من أنّ تفلّت المواجهات من عقالها وتحوّلها حرباً سنيّة – شيعيّة شاملة، قد يطيح حتى بإمكان الإحتفاظ بالمواقع التي تحتلّها اليوم في المواجهة الإقليمية القائمة. فالنزاع سيدور من الآن فصاعداً بين «دولة الخلافة» ودولة «ولاية الفقيه»، وكلاهما وجهان لعملة واحدة ولكن بإصدارين مختلفين.

وأمام هذه اللوحة، تتساءل أوساط ديبلوماسية عن الحكمة من ترك الأمور تصل الى هذا المستوى من التعقيد، وهل ستحمي سياسة النأي بالنفس التي تلتزمها الإدارة الأميركية الحالية مصالح واشنطن أو أمنها، سواء من التهديدات الخارجية أو من الأخطار الداخلية، إذا تحوَّل النزاع مذهبياً على هذا النحو؟

تجيب الأوساط الأميركية: «أنّ كلفة حماية المطارات وتعزيز سلامة الطيران والأمن الداخلي تبقى أقلّ بكثير من أيّ تورّط في هذا المخاض الذي يبدو أنّه سيكون ضرورياً لإعادة رسم خريطة المنطقة».