داعش، جسم واحد لا جسمان. كيف يمكن إذن محاربة «داعش» في العراق ومهادنتها في سوريا؟
إذا كانت توجد خطة أميركية لمحاربة داعش في العراق دون سوريا، فإن هذه الخطة ناقصة وخاسرة في وقت واحد. نوري المالكي سقط في بغداد، لأنه كان بسياسته الغبية سبباً في انتشار داعش وسيطرتها على الموصل. بشار الأسد شريك مباشر في صناعة «داعش» ونشرها، لمقايضتها الجديدة في الحرب على «داعش» والبقاء في السلطة الى الأبد.
مهما استخدمت واشنطن سلاح الطيران لضرب قوافل «داعش» في العراق، فإنها لن تربح الحرب، وستولد «دواعش» جديدة وأكثر خطراً ودموية من «داعش» الحالية. منذ سقوط افغانستان وظهور «القاعدة» والغرب كله في حرب دولية ضدها. النتيجة ان «القاعدة« استمرت وتوالدت وصولاً الى «داعش». في مثل هذه الحرب يجب استئصال العقل للفوز فيها. لداعش والداعشيين عقل أسود أكثر خطراً وإمكانات من القاعدة.. الطريق الى استئصال هذا العقل الاجرامي يكون في اقتلاع الأسباب التي نمّته ونشرته.
في سوريا، وهي القلب من هذا الصراع، حتى لو كان العراق المركز، فإن الحرب تكون في عدم جعل الأسد شريكاً أو بديلاً ضد داعش.
لا يمكن إبدال السرطان بالكوليرا. أليوم بلغ عدد قتلى الثورة في سوريا أكثر من 190 ألف قتيل. كيف يمكن إقناع السوريين الأحياء أنهم يمكنهم التعايش مع «الكوليرا« الأسدية؟ المشكلة ليست مع مجموعات من الأجانب. المشكلة مع شرائح واسعة من الشعب السوري. الأرقام الأميركية الرسمية تؤكد ذلك. ثمة 12 ألف أجنبي، بين أكثر من مئة ألف مسلّح. السؤال الذي يجب أن يُطرح: لماذا هؤلاء المئة ألف يحملون السلاح؟ ولماذا انحاز نصفهم الى «داعش»؟ يوماً بعد يوم سيزداد عدد الذين سينحازون وينضمون الى «داعش». الجواب بسيط كل يوم إحباط ويأس، يساوي انضمام عشرات السوريين الى «داعش«. الرئيس الفرنسي فرنسوا هولند وضع اصبعه على الجرح وأبلغه الى باراك أوباما، الذي لا يسمع لأنه مشغول بالانتخابات التشريعية الجزئية وفي كيفية النجاح للتوصل الى اتفاق نووي مع إيران، يمنحه نقطة تاريخية تُجمّل انتخابه بين الرؤساء الأميركيين.
بشار الأسد «بطل» استخدام السلاح الكيماوي والبراميل المتفجرة يبيع انتصاراً وهمياً لكي يدخل شريكاً في الحرب على «داعش». المؤكد أنه منذ أكثر من عام أصبحت توجد خطوط تماس شبه واضحة وثابتة على معظم الجبهات. حصول تقدم هنا، يقابله تراجع هناك. الهدف واضح، استمرار حرب الاستنزاف حتى ينهك الجميع، خصوصاً إيران وحزب الله وروسيا. الأسد مجرد «حارس مرمى» في الملعب السوري.
بين 200 ألف قتيل سوري يوجد نحو 60 ألف و80 ألف قتيل علوي. بهذا يكون الحزن دخل كل البيوت العلوية. العلويون يتساءلون الآن: ما هي ضماناتنا من البديل؟ خصوصاً وأن «داعش« لن ترحم أحدا. أكثر من ذلك يتساءل العلويون، عن أسباب تساقط الجنرالات والعمداء من العلويين في هذه الفترة. خلال الأسبوع الحالي سقط اللواء عدنان عمران رئيس أركان الدفاع الجوي، واللواء حسين اسحاق قائد الدفاع الجوي. قبلهما سقط أكثر من لواء وعميد. هل هي المصادفة، أم نتيجة عمل منظّم ولماذا؟ هل يتبع الأسد الابن استراتيجية والده في إلغاء أي مرشح للسلطة ولو كان محتملاً؟ إيران قاتلت من أجل نوري المالكي، حتى شعرت أن مصالحها في خطر. لا أحد بالنسبة لإيران أهم من مصالحها. اليوم المالكي وغداً الأسد. المهم عندها «حزب الله» لأنه جزء حيوي من مصالحها القومية. ستبحث دوماً عن ضمانات لسلامة الحزب. السؤال كيف ومتى؟
الحرب ضد جسم «داعش» الواحد في العراق وسوريا تتطلب خطة واحدة، وسلاحاً موحداً، وحسن اختيار للحلفاء والشركاء.
دون ذلك، اليوم «داعش» أخطر من «القاعدة». غداً الوليد الجديد أخطر من «داعش» والخسائر والخوف أكبر بكثير.