كتب عبد الامير بيضون:
على بعد ثلاثة أيام من موعد الجلسة الخامسة التي دعا اليها الرئيس نبيه بري، لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، يوم الخميس المقبل… وعلى بعد ستة أيام من انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان ليلة 24-25 الجاري، وانتقاله الى دارته في اليرزة، او عمشيت، فقد شهدت الساحة الداخلية، كما الخارجية، حركة مواقف واتصالات لافتة وكثيفة، بشأن الاستحقاق الرئاسي، لم تفضِ بعد الى أية نتائج يمكن البناء عليها، بأن جلسة الخميس ستتم، وبأنها ستكون مختلفة عن سابقاتها، الأولى، والثانية والثالثة والرابعة، وفيها أنّ الإحتمالات الثلاثة لا تزال واردة وهي: التوافق على مرشح واحد، أو التمديد للرئيس سليمان أو الفراغ… وعلى رغم التسريبات المتتالية التي تتحدث عن ان مقاطعي الجلسات السابقة سيحضرون… وان لم يتم الجزم بأن الانتخابات ستجري وبأن لبنان سيشهد قبل 25 ايار ولادة رئيس جديد للجمهورية… على رغم التحذيرات المتتالية، التي بلغت مرتبة التهديد باستقالة «الوزراء الموارنة» من الحكومة إن لم تنجز عملية انتخاب الرئيس، واعلان البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي «عدم القبول بالفراغ الرئاسي، ولو ليوم واحد…».
وفي هذا، فقد أشار النائب هاني قبيسي الى «ان الرئيس نبيه بري لا يؤخر أي اتصال للخروج بالاستحقاق الرئاسي الى العلن» لافتاً الى «ان هناك بعض الاتصالات والتشاورات التي يتفاءل بها بري وقد تؤتي ثمارها الاسبوع المقبل…»
الحريري الى المملكة
الى ذلك، من المنتظر أن يعود الرئيس سعد الحريري اليوم من باريس الى السعودية حيث سيشارك في المأدبة التكريمية الرسمية التي يقيمها ولي العهد الأمير سلمان بن عبد العزيز تكريماً للرئيس تمام سلام الذي يزور المملكة رسمياً.
للتعاون مع نصر الله والمقاومة لكن…؟!
وإذ تتجه الأنظار الى الخارج، وتحديداً الى فرنسا، التي تشهد «عجقة» لقاءات مرتبطة بالوضع اللبناني، والاستحقاقات الداهمة… إضافة الى المملكة العربية السعودية التي يتوجه اليها اليوم رئيس الحكومة تمام سلام الذي سيلتقي كبار المسؤولين فيها، كما يلتقي الرئيس سعد الحريري، فإن الساحة الداخلية، حفلت في الأيام القليلة الماضية بجملة تطورات ومواقف لافتة… من بينها دعوة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان (من بريح – الشوف التي ختمت بالمصالحة – أول من أمس – جرح الحرب الأهلية الرئيس الجديد الى «التعاون مع المقاومة والسيد حسن نصر الله ضمن استراتيجية دفاعية تحضن الجميع…» مؤكداً في كلمة له «ان الدولة الواحدة، بجيشها الواحد الذي يمسك وحده بالسلاح وعناصر القدرة من ضمن استراتيجية دفاعية، هي القادرة على الدفاع عن الوطن وكسر الحواجز والمنعزلات الطائفية…».
ولم يكن مضى 24 ساعة على احتفال بريح، حتى دعا الرئيس سليمان المجلس الأعلى للدفاع الى جلسة طارئة في القصر الجمهوري في بعبدا أمس، حضرها رئيس الحكومة تمام سلام، وأعطى توجيهاته باقرار الاستراتيجية الدفاعية والاستمرار في تسليح الجيش…
سلام الى السعودية والهبة للجيش قائمة
بدوره دعا رئيس الحكومة تمام سلام – الذي يتوجه اليوم الى المملكة العربية السعودية برفقة وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس – الى استمرار الدعم السياسي للخطة الأمنية، ودعم خطط تسليح الجيش وانجاز «الاستحقاق الرئاسي ودعم النازحين السوريين».
وفي هذا، فقد نفى سلام، حصول تأخير في تنفيذ الهبة السعودية وقال: «ان الاتفاق (بين السعودية ولبنان وفرنسا) على أنواع الأسلحة للجيش قطع مراحل بعيدة، ولا عوائق أمامه…» مؤكداً «ان الهبة السعودية للجيش بقيمة 3 مليارات دولار غير مسبوقة…».
أما على صعيد الاستحقاق فقال سلام أنه «لم يصل الى حد الخيبة من ان يمهد التفاهم الذي حصل على تأليف حكومة، لانتخاب رئيس جديد للجمهورية قبل 25 الجاري…» وإذ كرر سلام القول «إنه يفترض ألاّ يحصل فراغ، اذا لم ينتخب رئيس فتطبق المادة 62 من الدستور وتسلم الحكومة صلاحيات الرئاسة…» نبّه مما أسماه «الكأس المرة… ومن أنه قد يذهب ممثلو الطائفة المارونية الى تحويل الشغور الى فراغ برفضهم اتخاذ الحكومة قرارات في ظل الفراغ الرئاسي في اطار المزايدات المارونية…».
من جهته أكد سفير المملكة العربية السعودية في لبنان علي عواض عسيري «أهمية زيارة سلام الى المملكة…» لافتاً الى أنه «سوف يلتقي الأمير سلمان بن عبد العزيز ولي العهد، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع، وعدداً من كبار المسؤولين في المملكة… وستشكل الزيارة مناسبة لتعزيز اواصر الأخوة وتبادل الآراء حول الأوضاع التي تشهدها المنطقة…».
جنبلاط بعد جعجع والسنيورة الى باريس
أما على مستوى لقاءات واتصالات الخارج، فقد كان لافتاً، أنه وبعد أقل من ساعات على احتفال بريح، توجه رئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط، يرافقه وزير الصحة وائل ابو فاعور الى العاصمة الفرنسية، باريس – حيث من المقرر ان يلتقي هناك الرئيس سعد الحريري، الذي بدوره توجه الى هناك، والتقى مرشح قوى 14 آذار لرئاسة الجمهورية سمير جعجع، الذي تردد أنه التقى يوم الجمعة الماضي، وزير الخارجية السعودي، الامير سعود الفيصل، كما تردد أنه التقى الرئيس فؤاد السنيورة الذي كان توجه قبل أيام الى العاصمة الفرنسية…
عون ليس وفاقيا
وإن لم تعرف كفاية طبيعة مهمة جنبلاط الى العاصمة الفرنسية، وما تفاصيل ما يحمله من أفكار تتعلق بالاستحقاق الرئاسي والمخارج الممكنة لعدم الوقوع في الفراغ، إلاّ ان مصادر مقربة من «جبهة النضال» لفتت الى ان جنبلاط وبالتنسيق مع الرئيس ميشال سليمان، والرئيس نبيه بري والبطريرك الراعي، يحمل رسالة مفادها «التخلص من مرشحي 14 آذار و8 آذار» لرئاسة الجمهورية، والعمل على التوافق على شخصية من خارج الالتزامات الحادة… وفي هذا قال مستشار رئيس الجمهورية (الوزير السابق) ناظم الخوري: «لا أعتقد ان عون مرشح وفاقي» لافتاً الى ان «التمسك بمقولة أنا أو لا أحد سيوصل الى طريق مسدود وليس الى رئاسة الجمهورية…».
من جهته شدد عضو كتلة «المستقبل» النائب جمال جراح على ان «موضوع الرئاسة ليس موضوع أشخاص ولا عداء مع أحد، ويجب ان يقتنع الرئيس سعد الحريري بترشح العماد عون أو لا وعند حصوله يسهل على الحريري اقناع جمهوره بهذا المسار…».
وفي هذا فقد رأى النائب اميل رحمة ان «انتخاب رئيس للجمهورية هو باتفاق الطرفين الرئيسيين: السراي برئاسة سعد الحريري والرئاسة من الفريق الثاني والمرشح الوحيد هو ميشال عون، وعون والحريري يؤمنان الاستقرار الأمني والانفراج الاقتصادي والمالي…
«حزب الله»: انتخاب الرئيس ليس متيسرا
على مستوى «حزب الله»، فقد كان واضحاً ان التباين يزداد بين رؤية الحزب وسائر الرؤى عند الأطراف الأخرى… فقد لفت رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد، الى ان «اذا كان الاستحقاق قد أعيق تحقيقه فبسبب ان البعض يريد ويتمسك بترشيح من يريد حرباً أهلية… ويريد تفريطاً بانجاز المقاومة ورهن لبنان للسياسات الخارجية…» مؤكداً «لن يصل الى كرسي الرئاسة إلا من يحرص على المقاومة وخيارها، ويريد فعلاً بناء دولة مؤسسات يحكمها القانون ولا يميز بين إبن ست وإبن جارية…».
من جهته أكد الوزير محمد فنيش ان «المدخل الطبيعي لملء موقع رئاسة الجمهورية هو الوفاق ومن دون وفاق سيبقى هذا الأمر لوقت طويل…» وتأسيساً على هذا فقد رأى وزير الصناعة حسين الحاج حسن «ان انتخاب رئيس للجمهورية ليس متيسراً حتى اللحظة بسبب انعدام التوافق الوطني…».