التقى فابيوس وسليمان وأكد أنّ التفجيرات «عمل جبان لن يغيّر واقع العيش المشترك»
الحريري يحذّر من «النار» الإقليمية ويدعو المسيحيين للتوافق
بين بيروت وباريس، برزت تقاطعات أمنية ورئاسية على خارطة المواقف والأحداث خلال الساعات الأخيرة. ففي العاصمة اللبنانية مزيد من التحقيق والتدقيق بملابسات التفجيرين الإرهابيين الأخيرين في ضهر البيدر ومستديرة الطيونة التي سارعت إلى نفض آثار الجريمة عنها بعدما تبيّن أنها أودت بالمفتش الثاني في الأمن العام الشهيد عبد الكريم حدرج (مواليد 1994) خلال محاولته توقيف الانتحاري قبيل إقدامه على تفجير نفسه.
وفي العاصمة الفرنسية، تأكيد رسمي للخبر الذي كانت «المستقبل» قد انفردت بكشف النقاب عنه صبيحة السبت الفائت تحت عنوان «رئيس شبكة الحمرا فرنسي من أصل عربي»، إذ قال المتحدث باسم وزارة الخارجية رومان نادال أمس: «نؤكد أنّ مواطناً فرنسياً اعتُقل في بيروت في 18 حزيران»، في إشارة إلى الفرنسي الذي جرى توقيفه خلال مداهمات فندق «نابوليون». ومن باريس أطلق الرئيس سعد الحريري جملة مواقف متصلة بمستجدات الأحداث الأمنية والرئاسية عقب لقائه وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس في مقر الخارجية «كي دورسيه» وزيارته الرئيس ميشال سليمان في مقر إقامته في باريس، وصف فيها التفجيرات الإرهابية بـ«العمل الجبان» محذراً في الوقت عينه «حزب الله» من مغبة اللعب بـ«النار» الإقليمية لأنها «ستصل إلينا إذا كان البعض يتدخل في الشؤون السورية أو العراقية»، وداعياً في سياق منفصل الأحزاب والقيادات المسيحية إلى أن «يتصالحوا ويتسامحوا ويتحاوروا» بغية تحقيق التوافق في ما بينهم على انتخاب رئيس جديد للجمهورية.
الحريري وبعد لقائه سليمان، لفت إلى أنّه تباحث معه في «الأوضاع الحاصلة في لبنان، لا سيما موضوع الانتخابات الرئاسية الذي يهم كل اللبنانيين»، وقال: «نحن نسعى لإنهاء الفراغ الحاصل في أسرع وقت ممكن»، مشدداً على أنّ «موقع الرئاسة يشكل رأس الدولة وتعطيل انتخاب رئيس للجمهورية هو بمثابة جريمة بحق اللبنانيين». وعن مدى تفاؤله بانتخاب رئيس للجمهورية في الجلسة المقبلة في 2 تموز، أجاب: «دائماً أتمنى أن تكون أي جلسة تحدد هي جلسة انتخاب رئيس للجمهورية. ولكن في الواقع السياسي الذي يعيشه اللبنانيون فإنه يجب أن تهدأ النفوس وأن ننظر جميعنا إلى مصلحة لبنان أولاً ونبحث عن التوافق»، وأضاف: «نحن كتيار سياسي موقفنا واضح بأن يحصل حوار مسيحي-مسيحي لكي نجمع الأفكار مع بعضها البعض، ويتم التوافق»، داعياً في هذا السياق «رؤساء الأحزاب والقيادات المسيحية» إلى أن «يتصالحوا ويتسامحوا في مكان ما ويتحاوروا»، كما طالب الجميع بـ«التفكير فعلاً في مصلحة لبنان ومصلحة المسيحيين في الشرق ومصلحة الرئاسة».
وإذ وصف التفجيرات التي تضرب الساحة اللبنانية بأنها «تمثل عملاً جباناً من بعض المجموعات التي لا تريد الدولة»، أردف الحريري: «هؤلاء مهما فعلوا لن يغيّروا بواقع العيش المشترك في لبنان»، مطالباً في المقابل «الحكومة والقيادات الأمنية والعسكرية أن تعمل جدياً لوقف هذا المسلسل»، كما شدد في الوقت نفسه على وجوب «أن يخرج «حزب الله» من سوريا ويجنّب لبنان هذه المآسي التي نواجهها»، محذراً من أنّ «النار ستصل إلينا إذا كان البعض يتدخل في الشؤون السورية أو العراقية».
ورداً على سؤال، قال الحريري: «أنا لست بحاجة لأي أمن سياسي، عندما أقرر العودة إلى لبنان فإن الله هو من يحفظ الجميع. قد يكون العماد (ميشال) عون قد أوضح بعد ذلك مقصده، ولكن بغض النظر فإن هذا التصريح كان بغير محله، وهو لا يقال لا لسعد الحريري ولا لأي سياسي آخر في لبنان. نحن لدينا مسيرة سنكملها وهي وحدة لبنان ومصلحة لبنان أولا».
وبعد أن أعرب عن شكره للرئيس سليمان على الوسام الذي قدمه إليه، أوضح الحريري أنه جرى «تبادل للأفكار حول لبنان» خلال لقائه وزير الخارجية الفرنسي، مشيراً إلى أنّ «الجميع يحاول تدوير الزوايا من أجل استقرار لبنان».
بدوره أوضح المكتب الإعلامي للرئيس سليمان أنه تباحث مع الحريري في «عمل مجلسي النواب والوزراء لتأمين استمرار سير المرافق العامة والمؤسسات»، كما لفت إلى أنه جرى التشديد خلال اللقاء «على ضرورة تحييد لبنان عن الصراعات المحيطة به، والعودة الى الالتزام بإعلان بعبدا لحمايته من الارهاب والفتنة والحرائق المندلعة من حوله».
جعجع
رئاسياً أيضاً، برز أمس تشديد رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع بعد لقائه البطريرك الماروني بشاره بطرس الراعي في بكركي على أنّ البلد يخضع راهناً «تحت تأثير الداعشية السياسية عبر التعطيل الذي يحصل في انتخابات رئاسة الجمهورية»، وقال: «لا أحد منا ولكي يزيد من حظوظه في أن يصل الى رئاسة الجمهورية يحق له تعطيل البلد والموقع وافراغ قصر بعبدا»، معتبراً أنّ «هناك حرب إلغاء على موقع الرئاسة»، ومؤكداً أنّ إمكانية لقائه مع رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون موجودة مع إبداء قناعته بأنّ «اللقاء إذا حصل لن يحل الموضوع» الرئاسي.
«التغيير والإصلاح»
ولاحقاً، رد أمين سر تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ابراهيم كنعان بعد اجتماع التكتل على حديث جعجع، قائلاً: «سمعنا مواقف حول حرب إلغاء الرئاسة. فهل نحن اليوم حقيقة أمام الغائها أو احيائها واستعادتها بمعنى الحقوق للمسيحيين والمسلمين في هذه الدولة؟»، وأضاف: «هناك محاولة لتحميلنا المسؤولية، بينما المطلوب رئاسة ميثاقية تؤمن حضوراً مسيحياً ووطنياً على مستوى النظام السياسي. ومن يتهمنا بإلغاء الرئاسة نذكره بأنها ألغيت بتسوية كبيرة شارك فيها هو نفسه منذ 24 عاماً».
فرنجية
وفي الغضون، جدد رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية التشديد على كون رئيس الجمهورية العتيد لن يأتي «إلا برضى الأسد»، مؤكداً عبر قناة «otv» أنّ «العماد عون لن يتخلى عن حلفائه ولن يتخذ موقف ضدهم»، كما لفت إلى أنه سيرى «الآلية المناسبة» لإعلان ترشحه للرئاسة إذا قال عون إنه لم يعد مرشحاً. وفي حين أكد أنه لا يرى انتخاب رئيس للجمهورية «في ظل المناخ الحالي» وأنّ «التسوية الكبيرة هي التي ستأتي بالرئيس»، أعلن فرنجية أنه سيصوّت للتمديد لمجلس النواب في حال كان الخيار «إما التمديد أو الفراغ».