جنبلاط ذكّر بأنّ الملك عبدالله كان سبّاقاً في الدعوة إلى محاربة الإرهاب
الحريري يشيد بـ«الكلمة التاريخية»: تدق ناقوس الخطر
بعدما عرّت تخاذل المجتمع الدولي وحثّته على هدم جدار صمته الذي بلغ مبلغاً معيباً ومهيناً أمام المجازر الجماعية والجرائم ضد الإنسانية التي ترتكبها إسرائيل، مع شجبها الإرهاب بكافة أشكاله وأربابه «جماعات أو منظمات أو دول».. لاقت الكلمة التي وجّهها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز أمس إلى الأمتين الإسلامية والعربية والمجتمع الدولي مروحة تعليقات لبنانية أشادت بأهمية مضامينها داعيةً إلى ضرورة التجاوب معها في سبيل جبه المخاطر الراهنة والداهمة على المنطقة. وفي هذا السياق وصف الرئيس سعد الحريري الكلمة بـ«التاريخية والهامة جداً»، مشدداً على أنها «تعبّر تعبيراً دقيقاً عن الواقع الأليم الذي يعصف بالمنطقة العربية جراء تنامي ظاهرة الإرهاب المتستر برداء الإسلام، تحت شعارات وعناوين زائفة لا تمت إلى الإسلام بصلة لا من قريب ولا من بعيد، وهدفها الوحيد تمزيق المجتمعات وإحلال الكراهية والتقاتل بين أبناء الأمة بدل التقارب والتآخي».
وإذ لفت إلى كون «خادم الحرمين الشريفين يدق من خلال كلمته ناقوس الخطر، محذراً المجتمع الدولي من مخاطر عدم اتخاذ المبادرات الجدية والسريعة لمحاربة هذه الآفة الخطيرة والقضاء عليها»، نبّه الحريري إلى أنّ «الإرهاب بكل أشكاله ومستوياته يهدد السلام الدولي»، وأشار إلى أنّ «كلمة خادم الحرمين الشريفين سلّطت الضوء على الجوانب الخطيرة الناجمة عن إرهاب الدولة الإسرائيلية والمجازر التي ترتكبها في غزة بحق الأبرياء والمدنيين من الشعب الفلسطيني، مشدداً على أنّ جرائم إسرائيل تمثل قمة الإرهاب والعدوان على الحقوق الإنسانية للشعب الفلسطيني، والتي لم يعد من الجائز التغاضي عنها وتبريرها تحت أي ظرف من الظروف».
وختم الحريري قائلاً: «إن مسؤوليتنا التاريخية تُوجب علينا التفاعل إيجاباً مع دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، وكذلك تضافر كل الجهود العربية للقيام بكل ما يلزم لمواجهة الإرهاب وتداعياته الخطرة».
جنبلاط
من جهته، أثنى رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط على كلمة خادم الحرمين الشريفين الذي ذكّر بأنّه «كان قد بادر قبل فترة طويلة إلى الدعوة لإنشاء مركز دولي لمحاربة الإرهاب في الرياض» في خطوة تدل على استشعاره الباكر بالخطر الذي يمثلّه الإرهاب. وأضاف جنبلاط لـ»المستقبل»: «المطلوب فتح حوار بين الدول العربية المعنيّة في هذا الشأن بقيادة المملكة العربية السعودية مع إيران وتركيا من أجل القضاء على هذا الإرهاب الأعمى الذي يرتكب جرائمه باسم الإسلام، ويدمّر التنوّع العربي والإسلامي، ويهجّر المسيحيين من الموصل، ويدمّر الأضرحة مثل ضريح النبي يونس»، مشدداً على كونه «أمراً خطيراً وغير مقبول يدفع إلى الدعوة سريعاً لإعادة النظر في بعض جذور هذه الظاهرة المنبوذة والمتأتية من مفهوم فكري خاطئ أساسه التعليم».
وفي هذا السياق دعا جنبلاط إلى «مراجعة شاملة لكل مناهج التعليم التربوي والديني في جميع الدول العربية، وإلى تحديث الفكر الإسلامي كي نضع حداً أمام نشوء أجيال جديدة تتربّى على العنف والمفاهيم الدينية الخاطئة»، وأردف: «أنصح في هذا الإطار العودة إلى قراءة كتب الفيلسوف العربي ابن رشد»، خاتماً بالقول: «إلى جانب ذلك، علينا أن لا ننسى الإرهاب الصهيوني الذي يمضي في ارتكاب المحرقة بحق الفلسطينيين من أهل غزة، ويجب العمل سريعاً لوضع حد لهذه المأساة الإنسانية التي يعيشها الغزاويون نتيجة الإرهاب الإسرائيلي».
«المستقبل» في بكركي
في غضون ذلك، برزت على مستوى الحراك الداخلي أمس زيارة وفد كتلة «المستقبل» برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة إلى بكركي حيث التقى البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي وجرى التشديد على أنّ الفراغ في سدة الرئاسة الأولى هو «فراغ قاتل» وفق ما أوضح السنيورة بعد اللقاء، مؤكداً وجوب بذل «المساعي الجادة» لانتخاب رئيس جديد للجمهورية باعتبارها أولوية لا تتقدم عليها أي أولوية أخرى.
السنيورة لفت إلى أنّ الوفد تداول مع الراعي في «كيفية تعزيز الاتصالات على أكثر من صعيد لكي نتوصل الى انتخاب رئيس للجمهورية»، مع إشارته إلى أنّ «هناك من يعمل على التعطيل ويحاول أن يربط الانتخاب في لبنان بقضايا المنطقة، ما يستتبع ضرراً كبيراً على الوضع اللبناني»، مجدداً التأكيد على أنّ الرئيس القوي الواجب انتخابه هو «القادر على أن يجسد مفهوم الدستور والعيش المشترك ويستطيع أن يشكل قاسماً مشتركاً بين جميع اللبنانيين».
كذلك، أوضح السنيورة أنّ اللقاء مع البطريرك تخلله «حديث مطوّل» عما تشهده المنطقة «من أمور تخالف المبادئ الإنسانية والأخوة العربية والشرع الإسلامي»، وأكد في هذا السياق «رفض واستنكار ما يجري في العراق وسوريا»، مؤكداً أنّ هذه الأحداث تستهدف «العرب جميعاً، وخصوصاً المسلمين، واللبنانيين بالذات لأنهم يمثلون حقيقة الصيغة الفريدة في العالم العربي والقائمة على العيش المشترك».
مصادر مطلعة على مجريات اللقاء أفادت «المستقبل» بأنّ وفد الكتلة استهل حديثه مع البطريرك الراعي بالقول: «جئناك وفداً متنوعاً طائفياً لأنّ كتلة «المستقبل» حريصة على هذا التنوّع وعلى أن تكون نموذجاً مطابقاً لصورة لبنان»، مشيرةً إلى أنّ «الرئيس السنيورة تطرق، في معرض التأكيد على أنّ الزيارة تأتي للإعراب عن التضامن والتعاطف مع مسيحيي الموصل والشرق، إلى الإرشاد الرسولي للبابا الراحل يوحنا بولس الثاني الذي شكل رسالة مهمة للبنان والمنطقة برمتها، وأكد من هذا المنطلق حرص وإصرار كتلة «المستقبل» على الإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية بغية المحافظة على الصورة اللبنانية التي يتصدرها رئيس مسيحي».
ونقلت المصادر عن الراعي تشديده خلال اللقاء على وجوب انتخاب الرئيس العتيد «بالسرعة القصوى» وأشار في هذا الإطار إلى أنّه «إذا لم يستطع أي مرشح من فريقي 14 و8 آذار تأمين أكثرية الأصوات اللازمة لانتخابه، فيجب أن يكون هناك مرشح من خارج الفريقين لأنّ البلد لا يحتمل الفراغ ولأنّ الوجود المسيحي مهدّد في المنطقة»، لافتاً إلى أنّ «مرشح «حزب الله» للرئاسة هو العماد ميشال عون، والحزب أبلغ الجميع أنه لا يستطيع التخلي عنه إلا إذا قرر عون نفسه الانسحاب من معركة الرئاسة».
المصادر لفتت إلى أنه حين تطرق السنيورة إلى تركيز مبادرة الرئيس الحريري على أولوية انتخاب رئيس الجمهورية، أجابه الراعي: «هذه المبادرة تلتقي مع ما أنادي به وأنا سبق والتقيت الرئيس الحريري وكانت وجهات نظرنا متقاربة حيال هذا الموضوع».
وفي سياق تجديده التأكيد على وجوب عقد جلسات انتخاب يومية كي يتحمّل النواب مسؤولياتهم ويستشعروا ضرورة الاضطلاع بمهمتهم في عملية انتخاب الرئيس، أشارت المصادر إلى أنّ الراعي روى لوفد «المستقبل» أنه خلال حواره الهاتفي الأخير مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري طالبه بدعوة النواب إلى جلسات يومية حتى انتخاب الرئيس فقال بري إنه ولو دعاهم إلى مثل هذه الجلسات فلن يحضروا. أجابه البطريرك: «فليظهر إذاً أمام الرأي العام من يعطل الانتخاب، لكن لا نستطيع أن نبقى في دائرة المراوحة التي توشك على دفع الناس إلى النزول إلى الشارع للإعراب عن انزعاجهم».
وإذ أشارت إلى أنّ «الوفد لمس استياءً كبيراً جداً» لدى الراعي جراء استمرار الشغور الرئاسي، نقلت عنه قوله: «لا يمكن لأحد التحجج بالمجتمع الدولي في سبيل تبرير الفراغ في سدة الرئاسة الأولى، بل على العكس من ذلك المجتمع الدولي يريد انتخاب رئيس للبنان وهو يؤكد وقوفه في هذا الموضوع خلف ما يتفق عليه اللبنانيون»، مشدداً في هذا المجال على أنّ «بكركي لا تضع فيتو على أي مرشح لكنها ترى وجوب انتخاب رئيس قادر على توحيد اللبنانيين».