Site icon IMLebanon

الحريري يكسر الرتابة والهبة على طاولة الحكومة الخميس

التطوّر الأبرز أمس كان من طبيعة عراقية، وتَمثّل بتكليف الرئيس العراقي فؤاد معصوم مرشّحَ التحالف الوطني حيدر العبادي بتشكيل الحكومة المقبلة خلفاً لرئيس الحكومة المنتهية ولايته نوري المالكي، وقد حظيَ هذا التكليف بتأييد تلقائيّ من البيت الأبيض الذي أكّد على لسان العبادي بأنّه «وعد بالتحرّك سريعاً لتشكيل حكومة جامعة قويّة لمواجهة المتطرّفين الإسلاميين». وفي حال ترجم الرئيس المكلّف وعدَه لواشنطن يعني أنّ التسوية العراقية تكون قد شقّت طريقها، ولو بصعوبة، نحو إعادة الاستقرار السياسي إلى العراق، وذلك بفعل قرار إيرانيّ كبير قضى باستنساخ التجربة اللبنانية عراقياً من خلال شراكة حقيقية مع المكوّن السنّي الكفيل وحدَه بالتصدّي لـ»الدولة الإسلامية»، على غرار التنازلات التي أقدمَ عليها «حزب الله» بغية إعادة الشراكة مع المكوّن السنّي التمثيلي، أي «المستقبل»، القادر وحدَه على مواجهة الإرهاب التكفيري، وبالتالي يبدو أنّ نجاح التجربة اللبنانية قاد طهران والمجتمعين الدولي والعربي إلى الدفع للاقتداء بها عراقياً. ومع هذا التطوّر الذي يتوقّف نجاحه على مدى الالتزام بمعيار الشراكة تكون المنطقة دخلت في مرحلة سياسية جديدة بدءاً من العراق. وفي التطوّر اللبناني، تسلّم الرئيس سعد الحريري لائحة بحاجات الجيش والأجهزة الأمنية، في خطوة تؤشّر إلى تسريع الآليات القانونية المتصلة بالهبة من أجل تسييلها، لوضعها في أقرب وقت بتصرّفهم، لتعزيز منعة لبنان في مواجهة الإرهاب.

تنشَدُّ الأنظار إلى مجلس النواب اليوم لرصد اللقاءات المرتقبة على هامش المحاولة الجديدة لانتخاب رئيس جمهورية جديد، في جلسة انتخابية هي العاشرة بالترتيب الرقمي، والأولى سياسياً بعد عودة الرئيس سعد الحريري الى البلاد، علماً أن لا جديد طرأ على ملفّ الاستحقاق الرئاسي ومواقف فريقي 8 و14 آذار منه، وبالتالي، المعطى الجديد الوحيد في الجلسة الرئاسية العاشرة هو عودة الحريري أوّلاً، ومشاركته في الجلسة ثانياً، حيث إنّ الأنظار تتركّز على حضوره ولقاءاته والمواقف التي سيطلقها.

جنبلاط يلتقي الحريري

وعشية الجلسة، واصلَ رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط حراكه، فزارَ مساء أمس الحريري في «بيت الوسط» على رأس وفد ضمّ الوزيرين وائل أبو فاعور وأكرم شهيّب والنواب: مروان حمادة، غازي العريضي، فؤاد السعد، علاء الدين ترّو، أنطوان السعد ونعمة طعمة وأمين السر العام في الحزب التقدمي الاشتراكي ظافر ناصر، في حضور نوّاب من كتلة «المستقبل».

واعتبرَ جنبلاط أنّ وجود الحريري في لبنان اليوم «يشكّل عاملاً أساسياً ورادعاً لحلّ مشاكل كبيرة، وللتأكيد على الخط الذي بناه والده الشهيد رفيق الحريري، والذي أرسى نهجه وثبَّته الشيخ سعد الحريري، وهو الإسلام الاعتدالي الوطني اللبناني العربي».

وإذ حذّرَ جنبلاط من «أنّ امتحانات أخرى قد تأتي علينا بعد امتحان عرسال»، قال: «بوجود الحريري معنا وبتفعيل الحكومة، وبعد أن نجد صيغة لانتخاب رئيس للجمهورية، نواجه الاستحقاقات الاقتصادية والسياسية والمعيشية، آخذين بعين الاعتبار أنّ المحيط العربي كلّه مهدّد وتسوده الفوضى العامة، لكن أعتقد أنّه حتى الآن، بجهود الشيخ سعد وجهود غيره من الخيّرين، خصوصاً السعودية، يبقى هناك حتى هذه اللحظة، التي نأمل أن تستمرّ، مظلّة تحمي لبنان»، ودعا إلى «المساعدة في تثبيت تلك المظلة، لا الاكتفاء بالقول إنّها موجودة».

وجدّد جنبلاط تمسّكه بترشيح النائب هنري حلو، ورأى أنّ «الفراغ في مجلس النواب يضرب كلّ مؤسسات الدولة»، وقال: «لا يجوز أن نذهب إلى حالة شبيهة بالحالة العراقية، ولا أتصوّر أنّ أحداً يرغب بالفراغ».

النائب المر

والتقى الحريري كذلك نائب رئيس مجلس الوزراء السابق النائب ميشال المر الذي هنّأه بسلامة العودة، وعرضَ معه الأوضاع العامة والتطوّرات.

الهبة السعودية

في غضون ذلك، كشفَت مصادر رئيس الحكومة تمّام سلام لـ«الجمهورية» أنّه عازمٌ على طرح موضوع الهبة السعودية العاجلة على جلسة مجلس الوزراء في جلسته بعد غدٍ الخميس من خارج جدول الأعمال، بعدما أنجَزت القيادات الأمنية تحديدَ حاجاتها للبدء بتطبيق المراحل التي تجعل الإفادة منها في غضون أسابيع قليلة.

وقالت مصادر وزارية إنّ المجلس سيُطلق المرحلة الأولى من كيفية التصرّف بالهبة من خلال قبولها في بيان سيصدر عن مجلس الوزراء مجتمعاً، حيث يوجّه فيه الشكر للعاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز لوقوفه إلى جانب لبنان في المراحل الصعبة. ولفتت إلى أنّ مجرّد القبول بالهبة يطلق المرحلة التالية التي ستحوّل فيها الأموال الى حساب خاص في مصرف لبنان، على أن تحدّد حصّة كلّ جهاز من الأجهزة الأمنية وفق حاجياته.

حاجات المؤسسات العسكرية

وعلمَت «الجمهورية» أنّ الحريري تسلّم أمس من قادة الأجهزة الأمنية لائحةً بحاجياتها من هبة المليار دولار السعودية الجديدة قبل 48 ساعة على جلسة مجلس الوزراء، والتي ستشهد نقاشاً في آليّة قبول الهبة وتسييلها لصالح المؤسسات العسكرية.

وكشفَت مصادر أمنية أنّ الحريري ناقش أمس مع المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء ابراهيم بصبوص والمدير العام لأمن الدولة اللواء جورج قرعة لائحة الحاجات والآليّة التي ستُعتمد في صرف الهبة، ونوَّه بسرعة الأجهزة الأمنية في تقدير حاجاتها من الأسلحة والأجهزة المتطوّرة التي يمكن استخدامها لترجمة الهدف الأساسي من الهبة التي خُصّصت لمكافحة الإرهاب، خصوصاً أنّ بعض الأسلحة والمعدّات كانت مطلوبة في إطار الهبة السعودية الأولى وقد تعذّر توفيرها بالسرعة القصوى لأسباب شتّى. وكشفت المصادر أنّ حجماً لا بأس به من الهبة سيُسلّم نقداً إلى الأجهزة الأمنية لتعزيز قدراتها في توفير وجَمع المعلومات.

وأكّد أحد القادة الأمنيين لـ«الجمهورية» أنّ «الهبة كافية لتوفير الحاجات العاجلة من الأسلحة والتجهيزات التي تفتقدها الأجهزة الأمنية لتكون في أعلى جهوزية في مواجهة الإرهاب، خصوصاً في مجال المكافحة والمواجهة الاستباقية مع مجموعات إرهابية ترصد الأجهزة الأمنية تحرّكاتها، ليس على مستوى لبنان فحسب إنّما على المستوى الدولي من باب التعاون القائم بين الأجهزة اللبنانية والأجنبية الصديقة التي أثمرَ التعاون في ما بينها عمليات استباقية ارتقَت الى مستوى أن تكون نموذجية في لبنان وأكثر من دولة في العالم».

مفاوضات المخطوفين مستمرّة

إلى ذلك، تستمر المفاوضات لإطلاق سراح العسكريين الرهائن لدى الإرهابيين. والتقت مراجع أمنية ووزارية على التأكيد لـ«الجمهورية» أنّ الاتصالات لم تتوقّف يوماً مع هؤلاء عبر الوسطاء المكلفين هذه المهمة لإطلاق سراح العسكريين في وقت قريب.

وقالت المراجع إنّ المشاورات الجارية توصّلت الى صيغة معينة يجري العمل على بلورةِ مراحلها بشكل دقيق، بعدما اطمأنّ الجميع الى سلامة العناصر العسكرية من جيش وقوى أمن داخلي. ودعت الى عدم الأخذ بالشروط المتداولة عبر وسائل الإعلام، مشيرةً إلى أنّ الحديث عن بعض النقاط لم تتناوله المفاوضات حتى اليوم إطلاقاً، خصوصاً أنّ الجميع، بمن فيهم الإرهابيّون، يدركون جيّداً ما يمكن القبول به وما يمكن اعتباره خارج إطار النقاش منذ اللحظة الأولى، وأنّ هذه الثوابت لم ولن تتبدّل بين يوم وآخر.

وختمَت المراجع لتتحدّث عن تجربة لم تشهدها أيّ أحداث مماثلة من قبل، خصوصاً في حال المقارنة مع ما رافقَ عملية الإفراج عن مخطوفي إعزاز وراهبات معلولا تحديداً.

حوادث عرسال

تزامُناً، ظلّت حوادث عرسال في صدارة المتابعات السياسية والأمنية. وفي هذا الإطار التقى قائد الجيش العماد جان قهوجي قائد اللواء الثامن وقائد الفوج المجوقل، يرافقهما عدد من ضبّاط الوحدتين اللتين شاركتا في اشتباكات عرسال، واطّلعَ منهما على الأوضاع الميدانية في المنطقة وزوّدهما التوجيهات اللازمة.

وكان الجيش داهمَ مخيّمات النازحين السوريين في مشاريع القاع ومحيط الهرمل، كذلك استردّ في عملية عسكرية نفّذها في جرود عرسال ملّالة عائدة له مع أسلحتها كان المسلّحون استولوا عليها.

وأعلن الحريري أمام وفد عرساليّ كبير عن تبرّعه بمبلغ 15 مليون دولار للبلدة، مؤكّداً أنّ المخطط المرسوم لضربها قد انكشَف»، واعتبر أنّ عرسال استُهدفت «لأنها وفيّة لمسيرة الرئيس الشهيد رفيق الحريري». وأبدى حِرصه» على أن لا يتكرّر ما حصل لعرسال في المستقبل».

«المستقبل» في عرسال

إلى ذلك، يتوجّه وفد من نوّاب كتلة «المستقبل» اليوم الى البلدة لتفقّد أوضاعها والاطّلاع على حاجياتها. وقال عضو كتلة «المستقبل» النائب زياد القادري لـ»الجمهورية» «إنّ زيارة الوفد تأتي في سياق توجيهات الرئيس الحريري الواضحة بتفقّد البلدة والوقوف على حاجاتها والاستماع الى مطالب أهلها، لإفادته بكلّ ما تحتاجه البلدة.

ووجّه القادري تحيّة كبيرة لأهالي عرسال ولأرواح شهداء الجيش والقوى الأمنية والمدنيين الذين حالوا بتضحياتهم وصمودهم دون مرور مخطط خبيث كان يهدّد سيادة لبنان واستقراره وأمنه والحياة المشتركة بين اللبنانيين على مختلف انتماءاتهم».

ملفّ النزوح

وقد حضرَ ملف النزوح السوري في اجتماع عُقد في السراي برئاسة سلام، أعلن إثرَه وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس عن وضع معايير دقيقة لصفة النازح، مؤكّداً أنّ مسألة النزوح السوري باتت الآن تحت الرقابة الصارمة وباليد القوية للدولة اللبنانية، ولا يوجد أيّ مانع أمام الدولة اللبنانية من اتّخاذ جميع القرارات والإجراءات التي من شأنها حماية الأرض اللبنانية وحماية الشعب اللبناني والضيوف على أرضه».

وفي المواقف من مسألة النزوح، رأى جنبلاط أنّه بات ضرورياً تكليف أحد الأجهزة الأمنيّة بمراقبة النازحين والتدقيق بأوضاعهم والتمييز بين المظلومين منهم وبين مَن قد تحوم حولهم شبُهات ولديهم نوايا بتنفيذ أعمال تخريبيّة. وأكّد أنّه «بعد تجربة عرسال، لا بدّ من إعادة التفكير الجدّي في مسألة إقامة المخيّمات، لما لها من إيجابيّات أمنية، فضلاً عن كونها تساهم في تنظيم المساعدات لهم».

تحرّك المياومين

على صعيد آخر، عاد ملفّ مياومي الكهرباء إلى الواجهة مجدّداً من بوّابة نزول المياومين الى الشارع وإغلاق الطرقات بالإطارات المشتعلة، وإغلاق مؤسسة كهرباء لبنان بالسلاسل الحديدية ومنعِ الدخول والخروج.

هذا التحرّك جاء احتجاجاً على التقرير الذي رفعته مؤسّسة كهرباء لبنان حول حاجتها إلى ملء الشواغر بعددٍ إجماليّ من الأجَراء يبلغ 891 عاملاً، بما يعني أنّ بقيّة الأجَراء الذين يبلغ تعدادهم حوالي الألفين، لن يدخلوا إلى ملاك المؤسسة.

هذه التحرّكات أثارت حفيظة إدارة مؤسسة الكهرباء التي طالبت القوى الأمنية بفتحِ المؤسسة ومنعِ المحتجين من إغلاقها. لكنّ القوى الأمنية، وعلى ما كشفته مصادر في الكهرباء لـ»الجمهورية»، فتحَت الطرقات وأبقت على مؤسسة الكهرباء مغلقة.

وفي برنامج تحرّك المياومين الذين بدأوا إضراباً مفتوحاً أمس في كهرباء لبنان، سينفّذون اليوم الثلثاء اعتصاماً مركزياً مع مسيرة في اتّجاه وزارة الطاقة، أمّا يوم الأربعاء فسينصبون الخِيم داخل الدوائر وفي مؤسسة كهرباء لبنان.