بري يدعو إلى استراتيجية «تعميم المقاومة».. و«سيدة الجبل» تحت راية الدولة «لا فقيه ولا خليفة»
«الحرّ» لعب دوراً أساسياً في تحرير العسكريين
اسطنبول ـ جورج بكاسيني
بينما تعيش الساحة اللبنانية لحظات قلق مشوب بالأمل علّ الآتي من الساعات يحمل بشائر مزيد من العسكريين المحرّرين على وقع تعميم مصادر «هيئة علماء المسلمين» مساء أمس أجواء إيجابية تعد بأخبار «مفرحة» مرتقبة، برزت مفاجأة ذات صلة بهذا الملف من اسطنبول حيث كشف أمين عام الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية هادي البحرة لـ«المستقبل» أن «الجيش السوري الحر لعب دوراً أساسياً في إخراج المسلحين من عرسال وفي عملية إطلاق عدد من الجنود اللبنانيين الأسرى».
البحرة، وفي حوار «لبناني» مع «المستقبل»، شدد على أنّ «الائتلاف الوطني والجيش الحر يدينان أيّ مساس بالسيادة اللبنانية وبالشعب اللبناني»، وأمل في المقابل في ظهور «بادرة حسن نية» من الجانب اللبناني «ليتمكّن الجيش الحر من المساعدة في إطلاق من تبقى من الجنود المخطوفين»، مؤكداً في هذا السياق وجوب «توقف «حزب الله» عن قصف كتائب الجيش الحر في القلمون وإغاثة اللاجئين السوريين في مخيمات عرسال».
وأوضح البحرة أنّ «الجيش السوري الحر لم يكن له أي علاقة بأحداث عرسال، لأنه ليس متواجداً في جرودها وإنما هو متواجد على الجانب السوري من الحدود»، وأردف: «الجيش الحر لم يكن جزءاً من المشكلة في عرسال بل جزء من الحل لأنه ضغط بشكل فاعل على المسلحين في البلدة للخروج منها، لكن في المقابل مُنعت المنظمات الدولية والأمم المتحدة من إغاثة النازحين في المخيمات بعد هذه الحوادث كما استُهدف هؤلاء النازحون من قناصة مجهولين فضلاً عن تعرض مناطق القلمون لقصف مدفعي من الأراضي اللبنانية ما أساء إلى كتائب الجيش الحر داخل الأراضي السورية، والتي كانت ولا تزال حريصة على سيادة لبنان وشعبه».
ودعا البحرة الحكومة اللبنانية إلى «عدم الوقوف كطرف صامت إزاء تدخّل ميليشيا لبنانية في قتل الشعب السوري على الأراضي السورية، والعمل على حماية المدنيين السوريين وتأمين سلامتهم وعدم تعريض حياتهم للخطر في سبيل إعادة بناء الثقة عبر التعاطي الإغاثي والانساني مع النازحين»، معتبراً أنّ هذا الموقف «يساعد الجيش الحرّ على الضغط أكثر باتجاه المسلحين للإفراج عمّن تبقى من الجنود اللبنانيين، خصوصاً أنّ بعض أهالي المسلحين موجودون في مخيمات النازحين»، وأكد في هذا السياق أنّ «إظهار حسن نيات تجاه النازحين يقوّي موقف الجيش الحر وضغوطه على المسلحين الذين ينتمي بعضهم لمنطقة القلمون».
وإذ جدد إدانة «خطف الجنود اللبنانيين والاعتداء على المدنيين والمساس بالسيادة اللبنانية وقتل الجنود الأبرياء»، أضاف البحرة: «لكن في الوقت نفسه ندين تدخّل «حزب الله» في الداخل السوري واستهداف الجيش الحرّ بالقصف من الجانب اللبناني، فنحن كسوريين لا نستطيع أن نبقى صامتين تجاه هذه الميليشيا التي تقتل شعبنا»، خاتماً حديثه بالقول: «نحن نأسف للسماح لـ«حزب الله» بعبور الحدود اللبنانية باتجاه سوريا لقتل شعبنا وارتكاب جرائم بحقه. هذا الوضع يسبّب التباساً في موقف لبنان الرسمي، لا سيما وأنّ «حزب الله» يساعد في انتقال بعض المقاتلين الأجانب من أفغانستان وباكستان وروسيا ومرتزقة آخرين عبر لبنان إلى سوريا للدفاع عن النظام».
اجتماع السرايا
أما في لبنان، وغداة إطلاق سراح العسكريين الخمسة، فقد ترأس رئيس مجلس الوزراء تمام سلام اجتماعاً أمنياً – قضائياً في السرايا الحكومية استهله بالإعراب عن ارتياحه لهذه الخطوة وأمل في أن تفلح الجهود المبذولة في تحرير جميع المفقودين من أفراد الجيش وقوى الأمن الداخلي، مؤكداً أنّ اللجنة الوزارية المعنية بمتابعة هذا الملف «ماضية في عملها بدأب وصبر وبعيداً عن الأضواء لإنهاء هذه المأساة الوطنية في أسرع وقت ممكن».
بري
بالتزامن، برزت مساءً فقرة إخبارية موحّدة بثتها شاشات التلفزة اللبنانية في الذكرى السادسة والثلاثين لتغييب الإمام السيد موسى الصدر ورفيقيه تلتها كلمة لرئيس مجلس النواب نبيه بري أكد فيها العمل على متابعة القضية سواءً على الصعيد القضائي الوطني أو من خلال اللجنة الرسمية المعنية بهذا الملف بتكليف من مجلس الوزراء، مع إشارته إلى أنّ انهيار الأوضاع في ليبيا أعاق تنفيذ بنود المذكرة الموقّعة في آذار الفائت بين الدولتين اللبنانية والليبية بخصوص هذه القضية.
أما في الشق السياسي من الكلمة، فقد شدد بري باسم «حركة أمل» على أنّ إنجاز الاستحقاق الرئاسي «سيبقى يحتل الأولوية» باعتباره أمراً «سيعبّر عن قوة وحدتنا ورسوخ نظامنا وسيفتح الباب لإنجاز مختلف الاستحقاقات ومنها الانتخابات النيابية»، داعياً في هذا المجال إلى إطلاق «عملية سياسية لمواجهة استحقاقات وتهديدات الإرهاب العابر للحدود والدول»، مع تأكيده أنّ «التصدي للإرهاب والعدوان والتهجير مسؤولية وطنية مشتركة تعبّر عنه الدولة الواحدة، ومسؤولية عربية ودولية مشتركة».
وبينما طالب بزيادة «قوة الردع الوطنية التي تميّز الجيش عبر زيادة عديده وتحديث عتاده وإيصال المعدات المطلوبة من فرنسا بموجب المكرمة السعودية الأولى (3 مليارات دولار) وتوظيف المكرمة السعودية الثانية (مليار دولار) بالسرعة المطلوبة وتنويع مصادر الأسلحة»، لفتت الانتباه دعوة بري إلى الاتفاق على استراتيجية دفاعية في سبيل «تعميم المقاومة إلى جانب الجيش في كل اتجاه» استناداً إلى كون «حدود الوطن أصبحت كلها مهددة جنوباً وبحراً من إسرائيل، وعند بقية الحدود من الإرهاب التكفيري».
«سيدة الجبل»
على صعيد آخر، برزت أمس جملة مواقف وطنية خلال افتتاح «لقاء سيدة الجبل» خلوته العاشرة تحت عنوان «معاً مسيحيين ومسلمين لحماية لبنان» في حضور نيابي تقدمه رئيس كتلة «المستقبل» الرئيس فؤاد السنيورة إلى جانب المنسق العام لقوى الرابع عشر من آذار النائب السابق فارس سعيد وعضو لجنة الحوار الإسلامي المسيحي محمد السماك ومستشار الرئيس سعد الحريري داوود الصايغ وشخصيات سياسية حزبية ومستقلّة وأكاديمية وناشطين في المجتمع المدني وحشد إعلامي.
الرئيس السنيورة أكد خلال اللقاء أنّ «ممارسات الأنظمة الاستبدادية في العالم العربي أفضت إلى ردود فعل تمثلت بنمو ظواهر التطرف والعنف والإرهاب»، وشدد على أنّ «الإرهاب بشتى أشكاله وأسمائه من طينة واحدة (…) وهو لا يكافح بالإرهاب ولا بالعودة إلى الاستبداد بل من خلال إعادة الاعتبار للدولة الديمقراطية المحتضنة لكل مكونات المجتمع»، وتوجّه السنيورة إلى المشاركين باللقاء قائلاً: «أنا المسلم اللبناني والعروبي لا أجد أي قاسم مشترك ولا شيء يجمعني مع أولئك الطغاة المستبدين ولا مع الإرهابيين ولا مع أولئك الذين يتخذون من الإسلام شعاراً يرتكبون تحت لوائه جرائمهم البشعة ضد الإنسانية (…) أعتبر أنكم وغيركم كثير أقرب إليّ، أكثر بكثير، من الذي يرفع راية «ولاية الفقيه» العابرة للحدود السياسية في طهران، أو راية «الخليفة الحاكم» في الموصل والرقة، لأنكم أنتم تشبهون لبنان وشعبه وتاريخه بماضيه وحاضره ومستقبله».
وانطلاقاً من ذلك، أكد السنيورة «أولوية الحفاظ على استمرارية الدولة وتفعيل مؤسساتها وعلى رأسها رئاسة الجمهورية»، داعياً في هذا السياق إلى انتخاب رئيس «جامع وحكيم وعادل ومؤمن بصيغة الطائف وبإعلان بعبدا وقادر على جذب الجميع إلى المناطق المشتركة في ما بينهم» وليس رئيساً «يحمل مشاريع ثأرية أو انتقامية وينحاز للمحاور الإقليمية أو الدولية». وختم السنيورة قائلاً: «إننا على استعداد للبحث والتوافق بخصوص الرئيس الجديد الذي يحظى بتأييد غالبية اللبنانيين، لذلك نمد أيدينا ونبسطها على أساس الحوار مع شركائنا في الوطن وليس على أساس الإرغام والتسلط والاستقواء».