الحقيقة والمصالحة بعد الانتخابات الرئاسيّة مشروع القوّات الاستراتيجي»
مصدر قوّاتي : إستوحينا من عون إعادة فتح كلّ ملفات الحرب تمهيداً لوضع الحقائق أمام الشعب والتاريخ قبل طيّها إلى الأبد
تتهيأ القوات اللبنانية للعمل على متابعة تشكيل الهيئة الوطنية للحقيقة والمصالحة، وذلك فور الانتهاء من ملف الاستحقاق الرئاسي، هذه الهيئة التي أشار إليها النائب إيلي كيروز في البند الثالث من مؤتمره الصحافي في مجلس النواب الأربعاء الفائت، حيث قال: «إن اتفاق الطائف قد وضع حدّاً نهائياً لحقبة الحرب في لبنان، وأرسى مصالحة وطنية شاملة بين كل اللبنانيين، وشكّل عنواناً لمرحلة جديدة، وفي هذا المجال ندعو إلى تشكيل هيئة وطنية عليا لتنقية الذاكرة اللبنانية الجماعية والمصارحة والمصالحة…»، وكان ذلك الموقف وليد إصرار البعض، وعلى رأسهم النائب ميشال عون، على توجيه قنوات من داخل تكتّله النيابي للاقتراع لشهداء سقطوا في فترة الحرب، فاستعملهم عون لمحاولة ضرب صورة سمير جعجع، كما أشار مصدر رفيع في القوات اللبنانية، بغية تخجيله من ترشّحه لرئاسة الجمهورية، إلا أن ما حصل كان ارتداداً عكسياً على عون وعلى كل أطياف فريق 8 آذار، وذلك وفقاً للمعطيات الآتية بحسب المصدر القواتي:
ـ خلق العبث بأسماء الشهداء استياءً لدى الرأي العام عوض أن يلقى استحساناً، لأن الأحكام الصادرة صد القوات اللبنانية حول عملية اغتيالهم ليست موضع ثقة لدى الرأي العام، وذلك لسببين أساسيين، أولهما أن هذه الأحكام كانت في زمن باطل فهي باطلة، وثانيهما أن التحقيقات التي أجريت مع الشهود، وتحت الضغوطات الأمنية والاستخبارية، كانت تمنع هؤلاء الشهود حتى من العودة عن شهاداتهم أمام القضاة تحت طائلة التعذيب لهم ولعائلاتهم ولكل المقرّبين منهم، وما قصة أنطوانيت شاهين واستشهاد فوزي الراسي واعتقال قائد القوات في الطبقة الثالثة تحت الأرض، خلافاً لأي معطى قانوني وفي غياب أي فاعلية للقضاء في تحسين ظروف هذا السجن ـ المعتقل، إلا الدليل القاطع على ذلك.
ـ إن الحرب انتهت في العام 1990، وانتهت وفقاً لاتفاق الطائف الذي أتى بالشهيد رينيه معوّض رئيساً للجمهورية، وأحد أبرز أسباب اغتياله هو إصرار عون على عدم تسليمه قصر بعبدا وتركه لقمة سائغة خارج المناطق الشرقية في حينه، بالرغم من إصرار البطريرك مار نصرالله صفير وجعجع لمرّات ومرّات عليه أن يسلّمه القصر ويمنع نقل الحرب إلى الداخل المسيحي، تلك الحرب التي لم يزل يدفع المسيحيون تحديدا، ثمنها إلى اليوم من سيطرة كاملة للنظام السوري على لبنان، كما أردف المصدر القواتي الرفيع، إلى سفر عون واعتقال جعجع وفقدان التوازن الميثاقي في السلطة.
ـ واليوم، وبعد 24 سنة على نهاية الحرب العسكرية يُستعمل أسلوب غير لائق، كان وصفه النائب إيلي كيروز بـ«الانحطاط السياسي في استعمال أسماء الشهداء ونبش جثثهم» بغية تحقيق نقاط لمصلحته على سمير جعجع، تلك النقاط التي أعطت مفعولاً عكسياً نتيجة حصول جعجع على 48 صوتاً لمصلحته في الدورة الأولى، وخروج عون وفريقه من قاعة المجلس قبل انتهاء فرزها.
ـ إن محاولة إحياء ذاكرة مجتزأة والتصويب على القوات اللبنانية بعد 15 عاماً على نهاية الحرب و9 سنوت على خروج قائدها من الاعتقال، لن يكونا بعد اليوم مصدر تهديد وإساءة لصورة القوات أو نضالاتها التاريخية، لأن القوات أخذت قرارها بفتح ملفات الحرب اللبنانية كافة، ومن دون استثناء، ومنذ العام 1975 حتى 26 نيسان 2005، وحتى الملفات التي أحيلت إلى المحكمة الدولية من اغتيال الرئيس الشهيد الحريري وصولاً إلى الوزير محمد شطح، ومروراً بكل من سقط غدراً أو غيلة.
ـ إن الهيئة الوطنية للحقيقة والمصالحة لن تكون مشروعاً انتقامياً على الاطلاق، إنما سوف تشكّل، بحسب المصدر القواتي نفسه، مؤتمراً قد يستمر لأكثر من 20 يوماً بغية تنقية الذاكرة، وطرح الملفات بصراحة قد تبلغ حدّ الوقاحة وإعلان مصالحة حقيقية ونظيفة بين اللبنانيين. وسوف يشارك في المؤتمر كل فئات الشعب من أحزاب وتيارات وجمعيات أهلية معنية وحقوق إنسان ومتخصّصين في شؤون التاريخ وعلم الاجتماع وعلم النفس الاجتماعي، بالاضافة إلى مراقبين دوليين ستعمل القوات على دعوتهم، ولن تكون الهيئة الوطنية قواتية، إنما سيكون للقوات اللبنانية الدور الرئيس في دعمها ودفعها إلى الأمام.
وختم المصدر القواتي أنه لا يجوز بعد اليوم أن يتم تشويه صورة القوات اللبنانية التي ناضلت ودافعت عن لبنان من قبل مهندسي الدعاية والتضليل لدى بعض أجهزة مخابرات النظام السوري أو أعوانه في لبنان، ذلك أن لا مصالحة حقيقية من دون مصارحة حقيقية، ومن دون فتح كل الملفات ليتحمّل الجميع مسؤولياتهم أمام شعب لبنان وأمام التاريخ