Site icon IMLebanon

الحكومة اللبنانية ترفض المقايضة المباشرة

كلّف مجلس الوزراء اللبناني أمس خلية الأزمة التي سبق أن شكلها، متابعة قضية العسكريين المخطوفين من قبل «جبهة النصرة» و «داعش»، ومواصلة الاتصالات اللازمة مع الدول التي لها تأثير إيجابي في إطلاق سراح هؤلاء العسكريين، والتي يجريها رئيس الحكومة تمام سلام، بموازاة تأكيده أن «سلامة أبنائنا المخطوفين لا يمكن أن تكون موضع مساومة أو تخاذل أو مقايضة، لأن الدولة بمؤسساتها وقواها الأمنية ستتصدى بحزم لكل من يهدد حياة هؤلاء». (للمزيد)

وإذ انتهى مجلس الوزراء إثر مناقشات استمرت أكثر من 6 ساعات، الى بيان يرضي كل الآراء المتناقضة، تلك التي ترفض مبادلة العسكريين المحتجزين بمطالب للخاطفين، ولا تخذل التوجه نحو إتمام هذه المبادلة عبر التفاوض غير المباشر وتحت سقف ما تتيحه القوانين اللبنانية، فإن الترجمة العملية لهذه النتيجة ستكون مواصلة التفاوض عبر القنوات غير المباشرة التي فتحت مع الخاطفين، فإذا أثمر هذا التفاوض نتائج إيجابية فلن يعترض أحد على حصول تقديمات أو نوع من الخطوات التي لا تمس هيبة الدولة، وفق تلخيص أحد الوزراء لـ «الحياة».

وقال وزير آخر إن التسريع بمحاكمة الموقوفين مثلاً ليس مقايضة، لكن التأخير في محاكمات بعض هؤلاء يعود أحياناً الى عدم مثول المتهمين أمام القضاء وليس الى تقصير من القضاء اللبناني. كما أن نقل مصاب من مستشفى الى آخر لأسباب طبية أو صحية ليس مشكلة، لكن مقايضة محكومين بجرائم إرهابية يمس بهيبة الدولة والقوانين. وقال مصدر وزاري لـ «الحياة» إن وزيري «التيار الوطني الحر» أكدا أن «الأولوية هي للحفاظ على حياة العسكريين المخطوفين والدولة ليست عاجزة أو ضعيفة لمتابعة القضية».

وبينما أوضح وزير ممن لا يعترضون على مبدأ المبادلة، أن «جميعنا أكدنا أننا ضد المقايضة لأننا لا نريد أن نكوّن سابقة لتكرار أعمال الخطف»، فإن أحد الوزراء المعترضين عليها قال: «أن تقايض الحكومة العسكريين بموقوفين في السجن فهذا أمر لن يحصل، لكن أن يتدخل طرف ثالث في وساطة ما فإن الأمر قابل للنقاش».

وفيما أكدت مصادر وزارية من فريقي 8 و14 آذار أنه لم تحصل خلافات خلال الجلسة، وأن هناك تضامناً بين وزراء الحكومة، اقترن قرارها متابعة القضية ومتابعة الاتصالات مع الدول، بتوسيع خلية الأزمة التي تضم الى سلام وزراء الدفاع والداخلية والخارجية والعدل، بإضافة وزير المال علي حسن خليل إليها، بعدما امتنع وزيرا «حزب الله» عن التجاوب مع اقتراح وزير العدل أشرف ريفي أن ينضم أحدهما إليها. وبرر الحزب رفضه بأنه «تجنباً لإحراج المفاوضين والحزب معاً وحفاظاً على أمن العسكريين المحتجزين».

وإذ أشار سلام في بداية الجلسة الى أن الاتصالات التي أجراها مع جهات دولية يجب أن تبقى سرية ضماناً لسلامة العسكريين، داعياً الى أخذ معاناة أهالي المخطوفين بالاعتبار، علمت «الحياة» أن الوساطة مع «جبهة النصرة» أدت الى نقل بعض المطالب منها إلى المسؤولين اللبنانيين، حيث أكد الخاطفون أنهم قاموا بمبادرة وأفرجوا عن 13 عسكرياً حتى الآن، والمطلوب خطوات حسن نية من الحكومة. وقالت مصادر معنية بمتابعة التفاوض مع «النصرة»، أن الجانب اللبناني كان حمّل الوسيط أفكاراً من نوع استعداده لنقل جرحى من المقاتلين السوريين الذين أصيبوا في معارك عرسال في 2 آب (أغسطس) الماضي من مستشفى «الأمل» في بعلبك الى مستشفى في زحلة، وتسليم المسلحين 7 جثث لمقاتلين قضوا أثناء المعارك، على أن تفرج «النصرة» عن عسكريَّيْن أو ثلاثة، لكن الجواب جاء بأن هذا لا يكفي، وأن «النصرة» قامت بخطوة تبرهن عن حسن نية بإفراجها عن العسكريين، والمطلوب إطلاق سراح بعض الموقوفين في السجون اللبنانية.

وإذ تكتمت المصادر على ما حمله الوسيط في هذا الصدد، ولم تؤكد أو تنف ما إذا كان هذا الوسيط الشيخ مصطفى الحجيري من عرسال، علمت «الحياة» أن الجانب اللبناني تلقى لائحة قصيرة بأسماء من تدعو «النصرة» الى إخلائهم، وأنها «لا تضم أسماء بارزة أو رموزاً، وأن جلهم من الموقوفين أثناء تنقلهم أو كانوا يحملون سلاحاً وليس أثناء قيامهم بأعمال محددة إرهابية، وهم غير محكومين، بل إن التهم الموجهة إليهم تعود الى اعترافات في هذه الإفادات بانتماءاتهم الى منظمات الثوار السوريين، وهذا قد يكون حصل نتيجة الخوف أو الضغط». ولم توضح المصادر لـ «الحياة» ما إذا كان هناك توجه للإفراج عن أي منهم مقابل خطوة مقابلة من «النصرة»، مؤكدة أن التكتم ما زال سيد الموقف في هذا المجال. وذكرت المصادر أن ملف الموقوف عماد أحمد جمعة لا يتضمن اتهاماً له بالقيام بأعمال إرهابية، وأنه أوقف على حاجز للجيش في 2 آب فيما كان ينتقل من جرود عرسال إلى البلدة لتفقد عائلته. ولم تذكر المصادر ما إذا كان أي من الوسطاء نقل رسائل معينة من «داعش» التي تحتجز 9 إلى 12 عسكرياً.

وكان مجلس الوزراء انعقد على وقع استمرار تحركات أهالي العسكريين المخطوفين في الشمال الذين يطالبون الدولة بتسريع القبول بإخلاء موقوفين في سجن رومية، وفي البقاع.