“المرشحون الوسطيون” ينتظرون
الحكومة تتحسب لإدارة الفراغ
تسود الاوساط الحكومية مخاوف جدية من حصول فراغ في كرسي الرئاسة الاولى، في حال لم تتمكن المساعي التي بدأها اكثر من طرف محلي وخارجي للتوافق على رئيس مقبول من جميع الاطراف، لا سيما في ظل اصرار رئيس «التيار الوطني الحر» النائب العماد ميشال عون ورئيس «القوات اللبنانية» على الترشح، ولو كل من موقعه المختلف عن الآخر، حيث يطرح عون نفسه مرشحا توافقيا ويطرح جعجع نفسه مرشح تغيير الواقع الحالي.
ومرد التخوف الحكومي يعود، بحسب مصادر وزارية «وسطية»، الى صعوبة اقناع العماد عون بالتخلي عن ترشحه غير المعلن حتى الآن، بينما مشكلة جعجع تبدو اقل حدة لأن فرصة حصوله على أصوات 65 نائباً معدومة، وهو امر يقتنع به جعجع لكنه يخوض السباق الانتخابي بهدف اقصاء عون أولاً وأي مرشح آخر من فريق «8 آذار»، ولعله نجح في هذا الأمر.
وفي هذا الصدد، تؤكد اوساط مطلعة على موقف جعجع الفعلي انه «ولا مرة فكر في انه سيصل الى رئاسة الجمهورية، وهو مدرك ان موازين القوى لا تسمح. لكنه انزعج من مواقف حلفائه في قوى 14 آذار ومن احتمال تراجعهم عن خوض المعركة بوجه خصومهم، فقرر ان يكون هو اللاعب الاول المسيحي في معركة الرئاسة وجر حلفائه والخصوم الى ملعبه، لذلك سيستمر في السباق الرئاسي حتى اللحظة الأخيرة لعله يتمكن من فرض نفسه ناخبا قويا إذا استطاع».
وعلى خط موازٍ، بدأ المرشحون الآخرون في «فريق 14 آذار» التصرف والتحرك على اساس ان جعجع صار حكما خارج السباق، وانه سيتعرض لضغوط قوية لسحب ترشيحه إفساحاً في المجال أمام الآخرين للترشح على أمل جمع أصوات 65 نائبا، بينما يقول آخرون انه ما دام جعجع مرشحا فلن تحصل الانتخابات الرئاسية، وكذلك الحال بالنسبة للعماد عون، الا في حال حصلت التسوية الاقليمية الدولية الكبيرة على انتخاب عون مقابل عودة سعد الحريري الى الرئاسة الثالثة، وهو أمر دونه تعقيدات كثيرة محلية وخارجية ليس من السهل تجاوزها.
وتقول المصادر الوزارية الوسطية ان السعي الآن يتمحور حول التوافق على مرشحين وسطيين. وقد بدأت المساعي الجدية بعد عودة السفير السعودي علي عواض عسيري الى بيروت بعد غياب طويل، وتحرك السفير الاميركي دايفيد هيل باتجاه القوى السياسية المختلفة من فريقي الازمة، حيث جمع المعطيات اللازمة التي مكنته من حمل ملف الرئاسة بتفاصيله كافة الى الرياض ليتباحث فيه مع القيادة السعودية بهدف حثها على الدفع باتجاه التوافق اللبناني على مرشح مقبول.
ويحصل ذلك بالتوازي مع حركة بعض المرشحين الوسطيين داخليا وخارجيا بعيدا عن الانظار، بهدف تجميع المعطيات التي ستنتج من الحراك الدولي وتبيان نتائجها، والتي يتوقع احد المرشحين الوسطيين المتابعين «ان تنتج حالة جديدة في اعادة تنظيم وإدارة الدولة لتحقيق الاستقرار الدائم في لبنان لسببين أساسيين: ضمان استقرار الجنوب، وضمان استخراج النفط والغاز من البحر»، مستعيدا ما يسميه «التجربة القطرية» التي حصلت فيها تغييرات في السلطة وطبيعة النظام ثلاث مرات منذ العام 1989 مع ظهور الثروة النفطية والغازية.
ويعتقد «المرشح الوسطي» ان النقاش حول الاستحقاق الرئاسي قد فتح جديا وقد يطول، وان هناك لاعبين اساسيين في الملعب يقومون بدورهم، لكن على مقاعد الاحتياط ثمة من ينتظر ان يتعب الاساسيون ليدخلوا المعلب بنظرة جديدة ومختلفة للعبة ما قد يغير نتيجة السباق، مشيرا الى ان اعادة تنظيم الدولة المطروح جديا للبحث ينطلق من تثبيت الامن وتغييرات في السياسة والاقتصاد.
الا ان المصادر الوزارية تعتقد ان من الصعب التوصل الى تفاهم او توافق قبل انتهاء المهلة الدستورية لانتخاب رئيس للجمهورية في 25 من الشهر الحالي، بسبب صعوبة اقناع عون وجعجع بالتراجع وصعوبة التوافق على مرشح مقبول من الجميع، وبالتالي يصبح الدخول في الفراغ امرا محتما، وهو ما يحاول رئيس الحكومة تمام سلام تجنبه قدر المستطاع، لكنه تلقى اشارات من اكثر من جهة بضرورة التحسب لاحتمال الفراغ، ما دفعه الى القول امام زواره انه «يتمنى الا يصل الى مرحلة ادارة الفراغ، لكنه مستعد لتحمل المسؤولية مع حكومته الجامعة في حال حصل الفراغ «.
ويؤكد سلام امام زواره ان الحكومة في كل الاحوال ماضية في برنامج عملها المقرر، وهو ابدى ارتياحا بالغا لانجاز تعيينات المحافظين الخمسة في الجلسة الماضية لمجلس الوزراء، ويشير الى دفعة اخرى من التعيينات في الجلسة المقبلة تشمل الجمارك ووزارة الاقتصاد وبعض الادارات الاخرى، في ضوء ما سيرد من الوزراء المعنيين من ترشيحات للمناصب الشاغرة، بينما ينتظر المحافظون الخمسة صدور قرارات تعيينهم في الجريدة الرسمية وتبلغهم بها رسميا من رئاسة الحكومة ومجلس الخدمة المدنية ليباشروا اعمالهم الاسبوع المقبل، بحسب ما قال احدهم لـ«السفير».