لم تنجز جلسة مجلس الوزراء أمس شيئاً يزيد على ما أنجزته الحكومة في الجلسات السابقة. الخلاف حول ملفّ التفريغ زاد الهشاشة ووضع الحكومة التي تتهرب من خلافاتها في مرحلة «التجميد»، فيما تبادل الوزيران سجعان القزّي والياس بو صعب تهم العرقلة
دقّ ملفّ تفريغ الأساتذة في الجامعة اللبنانية جرس الإنذار للحكومة العتيدة. قد يبدو الخلاف الذي وقع في جلسة مجلس الوزراء أمس خلافاً عادياً في حكومة مركّبة أصلاً من تناقضات ولا يتّفق أطرافها على شيء واحد سوى بقائها. لكنّه أيضاً يظهر هشاشة الصيغة التوافقية التي رُكّبت في الحكومة، للتعويض عن صلاحيات رئاسة الجمهورية، من خلال منح كلّ وزير حقّ نقض «فيتو» قائماً بنفسه، لأي قرار قد يصدر عن الحكومة.
في المحصّلة، توقّف البحث في ملفّ الأساتذة، وفعل مجلس الوزراء ما دأب على فعله منذ تشكّلت الحكومة: عدم الوصول في أي ملفّ أساسي إلى مكان، والاكتفاء بالبنود العادية. حتى إن الرئيس تمام سلام لمّح خلال الجلسة إلى خطورة أن يحصل «سوء استعمال» للتوافق المتفق عليه. الحكومة إذاً معلّقة حتى إشعارٍ آخر. حتى إن مصادر وزارية بارزة في التيار الوطني الحر أشارت لـ«الأخبار» إلى أنه «إن لم نجد صيغة عملية أكثر فمجلس الوزراء مهدد، والأسبوع المقبل هناك أزمات أكثر»، في حين قالت مصادر وزارية في 8 آذار إنه «لا أحد لديه مصلحة في تفجير الحكومة، وما يحصل هو تجاذبات على المصالح».
خلال الجلسة وما بعدها، طافت الاتهامات المتبادلة بـ«العرقلة» بين وزير الكتائب سجعان القزي ومعه وزيرا الحزب التقدمي الاشتراكي، ووزير التربية الياس بو صعب، إذ دفع اعتراض القزي ووزيري الاشتراكي على ملف التفريغ بو صعب إلى الاعتراض على بند تعيين عشرة أجراء في وزارة الصناعة و7 عاملات تنظيف في وزارة العمل. فما كان من الوزير حسين الحاج حسن إلا أن سأل بو صعب: «هل يمكن أن تخبرنا ما هي المعايير التي يجب أن نتبعها لتعيين أجراء؟ هل يتعيّن أن يحمل دكتوراه من الجامعة؟».
وبعد أن وافق القزّي على ملفّ التفريغ، وأشاد بالتعديلات التي أجراها وزير التربية، اعترض الوزير وائل أبو فاعور، مؤكّداً أن لدى الحزب ملاحظات، إذ يصرّ الاشتراكيون على فصل ملفّ التفريغ عن ملفّ عمداء الكليات، والتمسّك بعميد كلية الطب بيار يارد، في مقابل تمسّك بو صعب بعدم فصل الملفين، وبضرورة تعيين عميد جديد للكلية. ثمّ تقرّر تأجيل البحث إلى نهاية الجلسة، حتى يتمكّن الوزراء من الاتصال بمرجعياتهم
القزي: عدم إقرارملف الجامعةيحمله وزير التربيةشخصياً
القزّي راجع الكتائب، ولم يتمكن الاشتراكيون من الاتصال بالنائب وليد جنبلاط. ولمّا لم يبد أن مواقف الكتائب والاشتراكي ستتغير، اعترض بو صعب على التعيينات في الوزارات الأخرى، وبينها تعيين أساتذة رياضيين في وزارة التربية.
من جهته، حمّل القزّي، في اتصال مع «الأخبار»، بو صعب مسؤولية العرقلة، قائلاً: «أحمّل مسؤولية عدم إقرار ملف الجامعة… لوزير التربية شخصياً. ونحن في حزب الكتائب نصرّ على صدور قرار التفرّغ». وأضاف القزّي أن «من المعيب أن نربط 1100 أستاذ جامعي مقابل 7 عمال». من جهتها، أشارت مصادر الحزب الاشتراكي لـ«الأخبار» إلى إن «المشكلة أنه تم بحث موضوع عمداء الكليات في تسوية خارج المجلس، وعميد كلية الطب هو من الشوف بالصدفة، وهذا الرجل في السياسة قد يكون أقرب إلى التيار الوطني الحر، كل ما نعرفه أن كفاءته عالية، لكن مشكلته مع بو صعب أنه كاثوليكي، وقد تم تعيين كاثوليكيين اثنين غيره، والتيار يريد تعيين موارنة. المسألة ليست مسألة طائفية، هذه جامعة وكلية طب». كذلك أشار شهيّب من جهته لـ«الأخبار» إلى أن «الصيغة الحالية للحكومة أثبتت مأزقها في حال التجاذبات، وفي حال التوافق ماشي حالها».
ولم يبد بو صعب حرجاً تجاه اتهامه بالعرقلة، وقال لـ«الأخبار»: «أنا أعلنت موقفي على الإعلام. هنّي مسموح يعرقلو ملفات الجامعة وأنا ممنوع عرقل؟». وأشار وزير التربية إلى أن العرقلة أمس كانت من الاشتراكي والكتائب، وفي الماضي من المستقبل، لكننا وقّعنا اتفاقاً مكتوباً مع المستقبل في مكتب الرئيس فؤاد السنيورة». وتابع: «تبيّن لي أن الفرقاء الذين جرّبوا أن يسيروا في الملف، هدفهم إرضاء الأساتذة لا غير لرفع العتب، ولا يريدون أن يقرّ الملفّ». وتوجّه إلى القزّي سائلاً إياه إن كان تيار المستقبل سيسير معه في فصل الملفين، علماً بأن «الوزير نبيل دو فريج قال لوزير العمل إن المستقبل لا يمكنه الفصل بين الملفين». ويضمّ مشروع تعيين عمداء الجامعة، مع يارد، أربعة عمداء موارنة، أربعة كاثوليك و2 أرثوذكس، علماً بأن العرف يقضي بأن يتم تعيين خمسة موارنة و3 أرثوذكس و2 كاثوليك. وفيما يقول الاشتراكي إن «موضوع يارد هو موضوع أكاديمي بحت بسبب كفاءة الأخير وليس بسبب طائفي»، يقول بو صعب لـ«الأخبار» إنه سأل أبو فاعور إن كان يقبل بأن يعيّن التيار المحافظ الدرزي، وأكد أن القزي لا يوافق أيضاً على يارد، «أنا لا يعنيني الموضوع المذهبي، ولا أفكر بهذه الطريقة، لكنّ هذا البلد يسير وفق هذه التركيبة، وأنا لا أستطيع تغييرها». وختم بو صعب: «إنهم يعرقلون بالسياسة، وأخشى أن تكون هذه المسألة هي ذاتها التي يجري التعاطي فيها في رئاسة الجمهورية».
وفي سياق آخر، ناقش الوزراء في بداية الجلسة عدة مواضيع، على رأسها الملف الأمني والنازحون السوريون، مع تركيز الوزراء، القزي وبطرس حرب ورشيد درباس، على ضرورة اتخاذ قرارات وتدابير مكملة لتلك التي تمّ اتخاذها سابقاً، «خصوصاً أن النزوح يتفاقم». وأشارت مصادر وزارية إلى أنه «لا بد من إعادة النازحين إلى المناطق المستقرة التي تسيطر عليها الدولة السورية». كذلك قدم درباس تفاصيل عن اجتماعاته مع الهيئات المعنية بالإغاثة، ووجّه انتقاداً لتلك الهيئات بسبب تفردها بالقرارات. أما الوزير نهاد المشنوق فقد أشار إلى الرواسب الأمنية المترتبة على النزوح.
عقوبات أميركية
في سياق منفصل، أعلنت وزارة الخزانة الأميركية أنها وضعت على اللائحة السوداء مجموعة «ستارز غروب هولدينغ» بسبب دعمها لحزب الله. وقالت الخزانة في بيان لها إن «المجموعة مقرها في بيروت ويملكها شقيقان، تمكنت من شراء معدات إلكترونية متطورة من أماكن عدة من العالم لتعزيز الترسانة العسكرية لحزب الله». وأضاف البيان أنه «بفضل هذا الدعم تمكن حزب الله من استخدام طائرات من دون طيار في مهمات عسكرية في سوريا والقيام بعمليات مراقبة في إسرائيل». ونقل البيان عن «نائب وزير الخزانة المكلف بمكافحة تمويل الإرهاب» ديفيد كوهين قوله إن «شبكة التزويد الواسعة جداً لحزب الله والمنتشرة في أماكن أبعد من لبنان بكثير، تستفيد من النظام المالي الدولي لتطوير قدراتها العسكرية في سوريا وتعزيز نشاطاتها الإرهابية في العالم».