Site icon IMLebanon

الحكومة في مواجهة «داعش»: جلسات تضييع وقت!

الرئاسة ودعم الجيش.. ورئيس المجلس بينهما

الحكومة في مواجهة «داعش»: جلسات تضييع وقت!

 

ليس من المتوقّع أن يغيّر التعميم الصادر عن وزارة الداخلية بتقديم تصاريح الترشيح للانتخابات حرفاً واحداً في المكتوب نيابياً. التمديد حاصل، وبهمّة الجميع.

رئاسياً، وعلى نقيض كل السيناريوهات التي روّجت لاحتمال أن يكون أيلول طرفه بالتسوية «مبلول»، فإن الجلسة المقرّرة في اليوم الثاني منه تشبه زميلاتها في الاستسلام لنصاب مفقود بفقدان التسوية.

ويقدّم المعطى الأمني على الحدود، مشروعية لهذا الدوران في الحلقة المفرغة. كما أن أشدّ المتفائلين لا يعوّلون على أن تعطي «حبّة» التقارب السعودي ـ الايراني المستجدّ مفعولها السحري على المداولات في الغرف المغلقة، فيحصل التوافق على هوية الرئيس الجديد.

خَطَف الرئيس سعد الحريري بعودته المباغتة الى لبنان، الوهج من القيادات المعنية مباشرة بمفاتيح الحلحلة الداخلية. أبعد من هبة المليار، تقصّد «الشيخ» الإيحاء بأنّ من يملك القدرة على فرض الانضباط مجدّداً داخل فريقه السياسي وتسكير الدكاكين التي فرّخت بفعل غياب الأصيل، يستطيع أن يحوّل دارته الى غرفة عمليات لحلّ الأزمات، وإن بعد غياب طويل عن الشاشة.

في اليوم السادس غادر «الشيخ» الى جدة. أغلقت أبواب بيت الوسط مجدداً، لتنتعش الحركة على خط عين التينة ـ المختارة.

ثمّة حركة فعلية على هذا الخط، لكن بلا بركة. ليس تقصيراً، بل لأن «مقادير» طبخة التسوية لم تجهز بعد. النائب وليد جنبلاط خائف، والمؤشرات الأمنية غير المطمئنة الآتية من راشيا والبقاع الغربي تعزّز مخاوفه وتثبت صحّة توقعاته، من أن نار عرسال قد تمتد إلى شبعا والعرقوب.

«البيك»، المهجوس بمشاريع الفتن المتنقلة عبر الحدود، يريد أن يكون شريكاً أساسياً في ترتيبات المرحلة الانتقالية والمفاوضات السابقة لولادة التسوية الكبرى. ثمّة ضجة كبيرة حول «الطبخة» التي يحضّرها مع بري، لكن فعلياً لا شيء ملموساً يمكن البناء عليه.

حراك رئيس المجلس يركز على ملف تسليح الجيش. بعد استقباله سفراء الدول الكبرى، أمسك سماعة الهاتف واتصل بالرئيس الحريري مستعجلاً إياه بتّ الشق التنفيذي في الهبة السعودية.

عملياً، يستحوذ الملف الأمني جزءاً كبيراً من جدول يوميات بري.

قبل أن تندلع الاشتباكات مجدداً في عرسال ليل الاربعاء الخميس، تلقى بري معلومات من أجهزة أمنية تفيد بإمكانية حصول عمل عسكري مجدداً في عرسال، وإمكانية تحوّل المنطقة الحدودية في راشيا والبقاع الغربي الى بؤرة تفجير بالغة الخطورة. ذلك دفعه لرفع مستوى الاستنفار ودقّ ناقوس الخطر، وتعميم ضرورة الالتزام بخيار دعم المؤسسة العسكرية، وفصله عن واقع كون قهوجي أحد المرشّحين للرئاسة.

كل ذلك، وسط استياء صريح تعبّر عنه عين التينة من السجال التشكيكي حول الجيش وقيادته. برأي بري، الإجماع حول المؤسسة العسكرية ودورها في هذه المرحلة أمر مطلوب بإلحاح، ولا يجوز ربطه بحسابات وباستخدامات سياسية في غير محلها.

بعض المقرّبين من بري يقولونها كما هي «حين يحين أوان الاستحقاق الرئاسي، يستطيع ميشال عون أن يضع فيتو على العماد جان قهوجي، وهذا حقه، لكن ما مبرّر هذه الحملة الآن، خصوصاً أن للرئاسة ظروفها ومعطياتها وعناصرها المقرِّرة إقليمياً وداخلياً؟». ينطبق الأمر نفسه، على أصوات داخل «تيار المستقبل» تتعاطى مع الجيش «على القطعة».. «يوم معه ويوم ضدّه!».

جلسة مجلس الوزراء الأخيرة كانت فاقعة لناحية أمرين: رصد أصوات وزارية لا تزال تربط أزمة عرسال بحسابات رئاسية، تنعكس بشكل مباشر على صورة الجيش وتشوّش على دوره المفصلي في مواجهة المجموعات الإرهابية. همّ آخر يضاف الى الحملة غير المفهومة على قائد الجيش، كما تقول أوساط وزارية. في المقابل، في الحكومة اليوم من يجزم قائلاً «من السخافة القول بأن معركة عرسال ممكن أن تدخل لاعباً مقرّراً في ملف الرئاسة!».

الأمر الآخر، التثبّت بالملموس بأنه في وقت تتلاقى فيه القوى السياسية على التقدير المشترك نفسه لحجم المخاطر المحيطة بالداخل اللبناني، فهناك غياب كامل للمقاربة السياسية الموحّدة التي تتناسب مع حجم هذه المخاطر!

يقول أحد وزراء قوى «8 آذار»: «المخاوف كبيرة والمعطيات غير مطمئنة، لكن لا استراتيجية موحّدة لدينا لمواجهة هذا الواقع غير المسبوق.. إنها جلسات تضييع الوقت». يترافق ذلك مع الإقرار بأن الأمور كانت أسوأ بكثير لو اصطدمنا بهذا الواقع في عهد الحكومة الماضية التي كانت تفتقر الى تجانس الحدّ الأدنى المتوافر في الحكومة الحالية.

اعتراف أهل البيت بغياب استراتيجية مواجهة «داعش» تقابله مراوحة رئاسية ونيابية. في الشقّ الأول يحرص الرئيس بري على تكرار لازمة أن ميشال عون هو صاحب القرار في هذا الملف كمرشح، أو بتزكيته لخيار رئاسي آخر.

وتفيد معلومات أن الرئيس الحريري سمع من الرئيس بري خلال لقائه معه بعد عودته الى بيروت، مضمون ما سبق للأخير أن قاله لعون حين زاره: الخلاصة «الكلمة الفصل للجنرال».

نيابياً، بري يناور أو لا يناور، ليست المسألة هنا. التمديد زاحف بقدرة «داعش». أصلاً، وفق أوساط رئيس المجلس، هو أكثر المستفيدين من إجراء الانتخابات الآن، طالما أن حصته محفوظة. بالمقابل، مخارج هذا التمديد غير واضحة المعالم، فحتى موعد 20 تشرين الثاني تاريخ نهاية ولاية المجلس الممدّد له، تبقى الأمور مفتوحة على كل الاحتمالات.