Site icon IMLebanon

الحكيم أحرق مراكب الجنرال: إلى حرب دُر؟

 

 

لم تقف قوى 14 آذار كثيراً عند تسريبات باريس والكلام الملتبس لرئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع عقب اجتماعه برئيس الحكومة السابق سعد الحريري. لا يغويهم سماع البديل ما دام الأصيل سيعقد لهم بعد ظهر اليوم اجتماعاً شاملاً عبر الأقمار الاصطناعية، إذ تفيد المعلومات أن الحريري سيعقد مع فريقه لقاءً عن بعد، بهدف الاتفاق على خارطة طريق واضحة في شأن جلسة نهار الخميس الرئاسية. وقبيل عقد تكتل التغيير والاصلاح اجتماعه الأسبوعي، كانت مصادر 14 آذار تجزم بأن الحريري سيطلب من نوابه، بالتنسيق مع جعجع، دخول قاعة مجلس النواب غداً بمرشح آذاري ثان مكان «الحكيم»، هو الوزير بطرس حرب. واللافت أن هذه المصادر لا تقتصر على منافسي القوات، بل تضم مؤيدين لترشيح جعجع. إلا أن إعلان التكتل عبر الوزير السابق سليم جريصاتي عدم حضور الجلسة في غياب التوافق على مرشح، قضى على فرصة حرب بحمل لقب مرشح 14 آذار الى رئاسة الجمهورية. هكذا تبدّلت أجواء هذا الفريق لتؤكد بقاء الحريري على ترشيح رئيس حزب القوات ما دام ليس هناك تغيير جذري في أسس اللعبة. رغم ذلك، يعوّل بعض السياسيين على ضغوط بكركي لتسجيل خرق ما في موقف الرابية وحثّها على الحضور.

وتشير مصادر بكركي الى دعوة البطريرك بشارة الراعي أمس الرابطة المارونية والمجلس العام الماروني والمؤسسة المارونية للانتشار وثلّة من الشخصيات المارونية المستقلة والدائرة في فلك بكركي، الى اجتماع طارئ في الصرح التاسعة صباح اليوم، يطلق خلاله الراعي «صرخة أخيرة لتحفيز كل الكتل على حفظ ماء الوجه المسيحي عبر تأمين النصاب وممارسة الفعل الديمقراطي الذي يكرسه الدستور لانتخاب رئيس جمهورية».
فرض جعجع نفسه كالمسيحي الأقوى في 14 آذار بزيارة باريسية أول من أمس الى زعيم هذه القوى، خرج منها متوهجاً أكثر من أي وقت مضى، لسببين: تمكن عشية إعلان ترشحه من إحراج تيار المستقبل، فهزّ خيط التقارب الحديث بين الحريري وعون، وأحرق في الضربة الثانية عقب لقائه «الشيخ سعد»، منذ يومين وجهاً لوجه، الخيط بكامله عبر إخراجه عون بنفسه من دارة المستقبل. لا يمكن جعجع أن يحلم بأكثر من ذلك، أحبّ العونيون ما سبق أو كرهوه، ساوى رئيس حزب القوات بينه وبين عون وأطاح كل حظوظه قبيل 48 ساعة من الجلسة التي كاد يحسم البرتقاليون نتائجها. لا تقف أرباح جعجع عند هذا الحدّ بعد أن تمكن سابقاً، خلال ساعتين اثنتين، من التلويح بأوراق شرعيته الثماني والأربعين وتبرئة ذمته من كل الجرائم التي ارتكبها أو لم يرتكبها. اليوم، أنجز جعجع فرضه الرئاسي وأكثر، خرج بنفسه من دوامة الرئاسة بعد أن حقق مرتجاه وأكثر، وبات بإمكانه الانتقال الى المرحلة التالية: الانتخابات النيابية. ففيما يغرق التيار الوطني الحر وحلفاؤه وتيار المستقبل وحزب الكتائب والنائب بطرس حرب وروبير غانم وغيرهم الكثيرون في شبر ماء بعبدا، نزل القواتيون الى الأرض باكراً، مستفيدين من انخفاض أسهم عون ومعنوياته. وتشير مصادر 14 آذار الى أن «جعجع طلب من مسؤولي الأقضية إجراء مسح دقيق حول القواتيين الأكثر نشاطاً وشعبية في مناطقهم، من أجل البدء بتحديد المرشحين المفترضين. فالقوات التي أثبتت قوتها السياسية لن ترضى مستقبلاً إلا بدور رئيسي في تسمية كل مرشحي لائحة 14 آذار وزيادة حصتها بطبيعة الحال. عدا عن أن مساواة تيار المستقبل لجعجع في عام 2009 برئيس حزب الكتائب أمين الجميل لم تعد سارية بعد أن حُشر الأخير في زاوية الزاوية ودُفن حيّاً».
يتحدث أحد الناشطين في صفوف الأمانة العامة بإعجاب لدى تعداده إنجازات رئيس حزب القوات المتتالية. يزداد إعجابه عند سرده، على طريقة روايات سوبرمان، كيفية إنقاذ جعجع لقوى 14 آذار وهي على حافة الانهيار عشية تشكيل الحكومة وانتشار الشرخ في كل أطرافها. سريعاً انتفضت معراب، فردّت كل أوراقها على طاولة الحريري وحلفائها، وألزمتهم مقاعدهم الى حين إنهائها اللعبة بنفسها ووفقاً لشروطها. وهكذا أعاد جعجع لمّ شمل فريقه وشدّ عصبه، مجبراً إياه على الالتفاف حوله وإخماد الأصوات المتململة، والأهم: «قتل أحلام عون في مهدها». يبقى الآن، يختم الناشط، «أن ينجح جعجع نفسه في امتحان 14 آذار التي ساندته حتى النهاية، عبر تخليه عن ترشحه ومساندته وجهاً أكثر قبولاً لدى فريقنا والفريق الخصم، أي بطرس حرب».