Site icon IMLebanon

الحل المطلوب

هل ما يحصل في لبنان، منذ دخوله المهلة الدستورية لانتخاب خلف للرئيس ميشال سليمان الذي انتهت مدة ولايته في الخامس والعشرين من شهر أيار الماضي، من تعذّر اجتماع مجلس النواب لأغراض التشريع أو لغرض انتخاب رئيس جديد للجمهورية، الى عجز مجلس الوزراء عن ممارسة صلاحياته في ظل شغور موقع رئاسة الجمهورية وانتقال صلاحيات الرئيس وكالة إليه طبقاً للمادة 62 من الدستور الأمر الذي أدّى الى درجة تشبه حكومة تصريف الأعمال في الحدود الضيّقة جداً، مما انعكس سلباً على المواطنين في حياتهم اليومية، بعدما أصبحت البلاد بلا حكومة حتى لتسيّر أعمال هؤلاء المواطنين ومصالحهم العادية واليومية. هل ما يحصل منذ قرابة الثلاثة أشهر هو مجرد أزمة سياسية ظرفية ناتجة عن خلاف بين فريقين في السلطة متوازنين في مجلس النواب يشدّ كل فريق الحبل الى جانبه، أم أن ما يحصل هو أكثر من أزمة سياسية، إنه أزمة نظام بات بحاجة ماسّة بعد هذه التجربة الفاشلة في الحكم الى إعادة النظر فيه لكي يصبح قادراً على حل أي إشكال يقع أو قضية تعترض مسيرته بحيث تستمر عجلة الدولة بشكلها الطبيعي بدلاً من أن تتوقف ويتعطّل كل شيء كما هو حاصل هذه الأيام على مستوى السلطة الإجرائية حيث هي مشلولة أو على مستوى السلطة التشريعية التي لا تستطيع أن تجتمع لغرض التشريع أو لسدّ الفراغ في رئاسة الدولة.

إذا أردنا أن نكون واقعيين وموضوعيين في نظرتنا الى ما يحصل في لبنان، بصرف النظر عن آراء فقهاء القانون والدستور وجهابذته، علينا أن نعترف بأن الأزمة التي نعيشها منذ ثلاثة أشهر والتي عشناها مدة عشرة أشهر وعشرة أيام قبل الوصول الى تأليف الحكومة الحالية هي أكثر من أزمة سياسية تحصل في أرقى الدول ديمقراطية إنها أزمة نظام بكل ما تعنيه هذه العبارة، ذلك لأن الأزمة السياسية في الدول التي تعتمد النظام الديمقراطي كلبنان يوجد في الدستور وفي النظام حلولاً لها بما لا يؤدي، كما هو الحال في لبنان، الى تعطيل الدولة وشلّها بسبب الخلاف أو الانقسام حول انتخابات رئاسة الجمهورية، إذ أنه من غير المنطقي ولا المقبول أن لا يوجد في النصوص الدستورية التي أوجدها النظام السياسي حلولاً قانونية ودستورية لها وإلا اعتبر النظام فاشلاً واعتبرت الدولة فاشلة.

هنا بين الطاقم السياسي الذي يهيمن على البلاد من يعترف بأن البلد يعيش أزمة نظام، سببها قانون الانتخابات الذي أنتج قوى نيابية متعادلة مما أدّى الى شل الدولة وتعطيلها في حال اختلفت في ما بينها، وأنه يجب استبدال القانون الساري المفعول بقانون جديد يأخذ بعين الاعتبار هذا الواقع المؤسف، وينتج أكثرية تستطيع أن تحكم بمعزل عن المعارضة التي يقتصر دورها على المراقبة والمحاسبة غير أن هذه النظرية أو هذا الحل يشوبه أكثر من ملاحظة في ظل التركيبة اللبنانية القائمة على الطائفية والتي مهما حاول المشترع أن يأخذ في الاعتبار عند وضع النصوص هذه التركيبة يبقى عاجزاً عن إنتاج قانون للانتخابات يجنّب البلد الوقوع في الأزمات السياسية أو في أزمة نظام كما هو الحال اليوم إلا إذا اعتمد هذا المشترع ووافق معه جميع المكونات الطائفية والسياسية على ابتداع نظام غير طائفي أي أنه لا حل في لبنان لإنقاذ نظامه الديمقراطي إلا في إلغاء الطائفية السياسية. فهل بلغ اللبنانيون النضج الكافي لإلغاء الطائفية، هذا هو السؤال.