خضعت الدولة اللبنانية بمكوناتها لمطالب «جبهة النصرة» و«داعش» تحت اعذار مختلفة، واستطاعت كل من «الدولة الاسلامية» و«النصرة» فرض شروطهما ليس على الدولة فقط انما على الشارع اللبناني الذي استجاب لمطالبهما ونزل الى الشارع ليقفل الطرقات تماماً كما رسمت لهما المنظمتان الارهابيتان، ويبدو ان الافق مليء بالمطالب الى حدّ قول احد نواب «تكتل التغيير والاصلاح»، ان بامكان «داعش» و«النصرة» المطالبة بالتعيينات من الفئة الاولى كمدير عام في الدولة اللبنانية تعمد الى تسميته هي، ولا يستبعد هؤلاء النواب استمرار هذا المد والجزر والارهاب الى امد بعيد وصولاً الى التدخل في تشكيك الحكومة ورئاسة الجمهورية!!
وفيما بدا للكثيرين ان الحكومة سوف تلبي شروط المسلحين الخاطفين للعسكريين ترى مصادر وزارية سابقة ان الدولة باكملها وقعت في فخ الامر الواقع بالدرجة الاولى وفي عدم تناغم المكونات اللبنانية حول موقف موحد ازاء ما حصل في عرسال، وهنا يمكن كشف جزء مما اخفته المؤسسة العسكرية وعمدت الى الكتمان عليه حرصاً على التضامن الوطني ورأس الجليد منه معرفة قيادة الجيش تداعيات «الحوار» مع المسلحين والذي ابعدت نفسها عنه منذ البداية.
وتقول هذه المصادر: ان «النصرة» و«داعش» استطاعتا التهويل بواسطة الاعلام واعتماد اسلوب ادخال الرعب الى انفس اهالي العسكريين الذين لا ذنب لهم ووضعت شروطا محددة ومتغيرة كل يوم، فيما هذه المصادر نفسها تعرف ان حاجة التنظيمان المسلحان محددة بترك طريق آمن الى جرود عرسال من اجل تأمين المؤن ونقل الجرحى خصوصا وان الشتاء على الابواب، وتقول: ما المانع بعد اطلاق سراح العسكريين جميعا وتلبية مطالب الخاطفين ان يتم في كل اسبوع خطف عسكري او اكثر واعادة السيناريو من جديد؟!
وبموازاة هذه الحشرة الحكومية، والتي ستصبح مستدامة الى اجل غير مسمى برز الى العلن على حدّ قول المصادر مسألة قياس شعور الخوف لدى اللبنانيين عموما واطمئنان بعض قوى 14 آذار وعدم ملاحظة معالم الرعب لديهم كباقي الناس من تصرفات «داعش» و«النصرة» وبدت عندهم برودة وعدم حماسة في انتقاد هذا التنظيم بشكل مباشر وقاس كما فعل غيره من الاحزاب والتيارات، وبعيدا عن علامات الاستفهام التي لا يمكن طرحها يمكن تلمس حالة من الارتخاء وعدم الخوف من مذابح داعش وهذا اما ينم عن قدرة مواجهته والاستخفاف به او معرفة مفاتيح لعبة تأسيس «داعش» و«النصرة» وحدود لعبتهما خصوصا في لبنان، وهذا ما يجب ان تصارح به جماهيرها سبيلاً نحو الطمأنة على عائلاتهم واعراضهم، وتقول هذه المصادر ان التعامل الاعلامي من قبل وسائل اعلام 14 آذار كان بارداً ومعظم التركيز انصب على الشبيبة التي احرقت علم «داعش» في الاشرفية بفعل امكانية انتماء هؤلاء الى «التيار الوطني الحرّ» بغية القول ان العماد ميشال عون يخربط عملية اطلاق العسكريين، وتقول هذه المصادر ان طلبات «داعش» و«النصرة» تبدو محلية لبنانية محضة كمن يريد الاستفادة من اختطاف العسكريين لتعبيد الطريق نحو استحقاقات اخرى، تماما كما حصل في العراق حيث تعامت الدولة المركزية عن الخطر الحقيقي لـ «داعش» الى حين رؤية مشايخ السنّة رؤوسهم معلقة على شارع احدى القرى لزينة عيد الفطر كما قالت «داعش».
وتشير هذه المصادر الى ان خطر «داعش» لم يشكل حتى الساعة اجماعاً وطنياً عاماً اذا ما تمددت نحو الداخل اللبناني وهي في الاساس موجودة في مخيمات النازحين السوريين الذين ما عادوا نازحين انما مسلحين يطلقون النار ويستهدفون المؤسسة العسكرية، ومن يتابع ما يحصل في بعض بلدات جبل لبنان من ممارسات السوريين يخال اليه انهم فعلاًَ تابعين لـ «داعش» وهذا ما حصل في احدى بلدات جبيل الساحلية عندما عمد النازحين الى التصرفات التالية وخلال يومين فقط:
أ – اقدم احد العاملين السوريين الى شتم رموز دينية مسيحية علانية وفي الشارع وقد احيطت المخابرات علماً.
ب – محاولة احدى النسوة الساكنات في البلدة التهجم على جارهم ابن البلدة لتقول له: وهل تشرب الكحول؟!
ج- ليل السبت – الأحد عمدت سيارة مدنية تقل سوريين الى التجوال على الطريق الساحلية وفيها عدد من الشبان راحوا يهتفون: الله وسوريا وبس ليتبين انهم يحتلفون بسقوط مطار الطبقة في الداخل السوري.
د- وفي الوقت نفسه تمت عملية رش يافطات لـ«التيار الوطني الحر» التي يدعو فيها الى انتخاب رئيس من الشعب باللون الاسود.
هـ – وبالمقابل ظهرت كتابات على اوتوستراد العقيبة – نهر ابراهيم فحواها: السوري عدوك.
هذه الممارسات تبدو غائبة عن المعالجة الفورية تقول المصادر، واذا استمرت كذلك فانها ستتعاظم وتكبر لتشكل فتنة بين اللبنانيين والسوريين واصبحت معالمها واضحة من خلال استقواء النازحين على الذي استضافهم في بيوته وأخذوا من دربه كافة اوجه الاعمال اليدوية وصولاً الى اعمال الهندسة حيث وردت معلومات ان اكبر شركة استشارية في بيروت لديها مهندسين سوريين وهناك ممرضين واطباء أسنان وكل ما تطلبه النفس اللبنانية المضيافة الى حد الذوبان واستسهال ما يحصل، وتحذر هذه المصادر من سلسلة التصرفات لما يسمى بالنازحين السوريين كما حصل في عرسال مع بلدات اخرى وخصوصاً المسيحية منها دون ان يصدر بيان استنكار او حتى توضيح من قبل من يغض النظرعنها والتي سيكون لها تداعيات لن توفر أحداً لا من الثامن من آذار ولا الرابع عشر منه، والدلائل على هذه الوقائع كثيرة اهمها معرفة الامر وتجاهله عمداً وفيما تتابع مخابرات الجيش اللبناني عملها بمصادرة الاسلحة من اماكن سكن السوريين كما حصل في قرطبا ونهر ابراهيم والضنية وغوسطا يبدو المشهد اللبناني ذاهب الى الخراب كما تؤكد هذه المصادر مشيراً الى تصريح وزير الداخلية نهاد المشنوق الموزون من حيث مضمونه بحديثه عن وجود مليون ونصف مليون سوري على الاراضي اللبنانية بموازاة خطف عسكريين لبنانيين، واذا قيل ان الشيعة في لبنان باستطاعتهم حماية انفسهم ومن يطلب، واهل السنة ايضاً، والدروز تم تحييدهم فالواقعة هي عند المسيحيين الذين ما زالوا غارقين في المراهنة على السراب وهمومهم منصبة على التنكيل ببعضهم البعض بانتظار ان يبقى منهم من يخبر؟!