Site icon IMLebanon

«الرئاسة» ليست أولوية في الحوار السعودي ـ الإيراني

انفتاح الرياض ـ طهران: تفسيران.. ولا نتائج سريعة

«الرئاسة» ليست أولوية في الحوار السعودي ـ الإيراني

 

 

إذا كان اللقاء الأخير بين مساعد وزير الخارجية الايراني ووزير الخارجية السعودي في الرياض قد كسر قطيعة مكلفة، وباهظة الثمن، بين الجمهورية الاسلامية والمملكة، إلا انه يبدو ان صرفه على الفور الى «سيولة سياسية» ليس بالامر السهل، ويحتاج الى مزيد من الوقت والاختبارات في أكثر من ساحة إقليمية.

بهذا المعنى، فان الذين انتظروا انعكاسات سريعة لـ«لقاء الرياض» على المناخ السياسي في لبنان، سواء لجهة الخطاب السياسي او لجهة مسار الاستحقاق الرئاسي، إنما استعجلوا في التوقعات او الرهانات، لان هناك طريقا طويلة وشائكة يجب عبورها، في الرحلة الى التسوية المفترضة التي قد تمر او تنتهي في بيروت لكنها، لن تبدأ منها.

في الاصل، لا يشكل لبنان بحد ذاته أولوية على الاجندة السعودية – الايرانية، بل يُنظر إليه كمرآة تعكس ما يدور في المحيط الإقليمي، بالنظر الى حساسية تركيبته المرهفة.

ويمكن القول، ان القاسم المشترك الوحيد الذي جمع الرياض وطهران في لبنان، هو منع تعريضه لاي انفجار كبير، تحت وطأة ما يجري في المنطقة، فكان التوافق الموضعي بينهما على «سقف أمني» يحمي الحد الادنى من الاستقرار، برعاية حكومة سياسية تضم جميع القوى، على قاعدة تصريف أعمال المرحلة الانتقالية وإخضاع الملفات الخلافية المستعصية لنوع من «ربط النزاع».

نجحت التجربة حتى الآن، وتمكنت الحكومة الائتلافية التي تعمل تحت مظلة إقليمية – دولية حاضنة، من امتصاص تداعيات الشغور الرئاسي والحؤول دون الانزلاق الى الفوضى الشاملة التي تجتاح دولا أخرى. أما عندما يتعلق الامر بتسوية أوسع نطاقا، فانه لا يعود اختصاصا محليا، بل يصبح جزءا من عملية ترتيب «بازل» المنطقة، وهي عملية معقدة قد تستغرق وقتا طويلا.

وعلى الطريقة اللبنانية، خضع الانفتاح الايراني – السعودي لتفسيرات داخلية متعارضة، من شأنها ان تقود الى استنتاجات متباينة. يضع البعض في «14 آذار» هذا الانفتاح في خانة تراجع طهران واضطرارها الى إعادة التموضع للحد من خسائرها، مع ما يستوجبه ذلك من مرونة وبراغماتية، عبرت عنهما بتخليها عن نوري المالكي في العراق.

في المقابل، هناك في «8 آذار» من يجزم بان الرياض هي التي تراجع حساباتها بعد إخفاق مشروعها في سوريا وخشيتها من ارتداد خطر «داعش» عليها، وبالتالي فانها تحاول الخروج من مأزقها باقل كلفة ممكنة، ولو تطلب ذلك القبول بما كانت ترفضه وهو الحوار مع إيران التي لطالما مدت يدها في السابق الى السعودية من دون طائل.

والى حين اتضاح المدى الذي سيبلغه التواصل الايراني – السعودي وما إذا كان قابلا للتطور أم لا، يؤكد متابعون لهذا الملف ان تركيز طهران والرياض في هذه المرحلة ينصب على العراق واليمن، لافتين الانتباه الى ان ايران تريد ان تحصل في اليمن على مكاسب توازي ما قدمته في العراق من تسهيلات لتحقيق التوافق على اسم رئيس للحكومة، بديل عن المالكي.

ويشير هؤلاء المتابعون الى ان لبنان ليس مطروحا كبند مستقل على رأس جدول الاعمال السعودي – الايراني في هذه الفترة، معتبرين انه بات جزءا من الملف السوري، وليس منفصلا عنه، وبالتالي فان نجاح أي معالجة جذرية وعميقة لإشكاليات الوضع اللبناني يتطلب اولا ان تنطلق التسوية على المسارين معا، وثانيا ان تعترف السعودية بهذه الحقيقة وتتصرف بهديها.

ووفق المعطيات التي تملكها الاوساط المتابعة، ليس لدى طهران اي استعداد للتفريط بالدور الاقليمي لسوريا وهي ترفض تجاوزه، لا سيما في ما يتعلق بالشأن اللبناني، بينما لا تبدو الرياض وواشنطن وباريس جاهزة بعد للاعتراف بهذا الدور برغم انها باتت أكثر واقعية في المقاربة مع تفاقم التهديد الذي تمثله التنظيمات التكفيرية.

ومن الواضح ان متطلبات مواجهة الخطر التكفيري المتفاقم، فرضت تقاطعا «قسريا» في المصالح مع نظام الرئيس بشار الاسد الذي يحاول توظيف هذا التقاطع لتعزيز أوراقه ودوره، فيما يسعى خصومه الى تضييق رقعته ومفاعيله.

وإزاء المرتبة المتدنية للاستحقاق الرئاسي في سلم اهتمامات اللاعبين الكبار، ترجّح الاوساط المتابعة صعوبة انتخاب رئيس للجمهورية قريبا، لافتة الانتباه الى ان المعطيات الراهنة لا تبشر بإمكانية عودة الحياة الى قصر بعبدا قبل الربيع المقبل، إلا إذا تبدلت تلك المعطيات وأنتجت ربيعا سياسيا.. في الخريف!