جعجع من بكركي: هناك حرب إلغاء
الرئاسة والموارنة: اللعب على المكشوف
منذ 25 أيار الماضي صار اللعب بين الموارنة، على كرسيهم الوثير، على المكشوف. لا حاجة للتبصّر أو للضرب في الرمل، لمعرفة ما في رؤوس كبار الطائفة. هنا لا يختلف الحال بين الكاردينال بشارة الراعي وميشال عون وسمير جعجع وأمين الجميل وسليمان فرنجية… أوراقهم الرئاسية لم تعد مستورة، وصار بامكانهم المصارحة وجهاً لوجه من دون قفازات التكتيك والمناورة.
هكذا كان بإمكان رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» أن يفرغ ما في ذهنه من أفكار تدور في الفلك الرئاسي، أمام رأس الكنيسة المارونية في اللقاء المسائي الذي جمعهما بمشاركة حشد من المطارنة: لماذا الإصرار على المضي في مشوار الترشح غير المعلن؟ لماذا استثمار ورقة النصاب القانوني للجلسات الانتخابية؟ وغيرها من الأسئلة التي لا يملك إلا ميشال عون إجابات عليها.
كما لا يمكن لسيد بكركي بعد الآن أن يجامل الجنرال بدعمه، ولو معنوياً، في معركة «افتراضية» يرفض ميشال عون أن يترجمها إلى معركة حقيقية بالورقة والقلم. ما لا يجاهر به الراعي أمام «المرشح الأول» ينقله الكثير من زوار الصرح: طالما أنّ ترشح «قطبيْ» الموارنة يجعل من الشغور «رئيساً بالقوة» على قصر بعبدا، فلماذا لا تبدأ مسيرة البحث عن اسم ثالث؟
حتّمت تطورات الاستحقاق الذهبي على الراعي وعون أن ينتقلا من مربع المواقف الكبيرة العمومية، إلى قلب الصراع على الرئاسة. صار لزاماً على الجنرال أن يفصح عن مكنوناته طالما أنّه يتصرف على أساس أنه الأحق بالموقع الأول في تركيبة السلطة.
هكذا لم تتخط وظيفة المائدة الليلية في بكركي التي جمعت الكاردينال بالجنرال، مهمة كسر بعض الجليد الذي تكدس على طريق الرابية – بكركي بفعل التضارب في الحسابات. أما مواقف الرجلين فلا تزال عند الأعتاب، من دون أن تحقق طاولة الحوار الموسعة التي ضمتهما إلى جانب أكثر من 25 كاهناً، أي تقدم في المسار الرئاسي.
فلا البطريرك نجح في إقناع ضيفه في النزول إلى حلبة البرلمان للتصارع داخل الصندوقة الخشبية، ولا الأخير تمكن من إحداث فرق في حسابات سيد الصرح. بنظر الراعي، الشغور لا يقلّ أهمية عن «مواصفات» الرئيس المقبل. فلا يغريه الكلام عن «قوة العضلات» التمثيلية، ولا تهزّه هواجس التحكّم بموقع الرئاسة من جانب الآخرين. المهم هو اختيار سلف للرئيس ميشال سليمان، ونقطة على السطر. وإذا كان الرئيس العتيد من «موارنة الصرح» فعندها يكون الراعي أكثر الرابحين.
هذا الستاتيكو في العلاقة بين الراعي وعون، لا يعني أبداً أن سمير جعجع تمكن من تحقيق خرق مضاد، من خلال تكثيف زياراته إلى بكركي، متجاوزاً الاعتبارات الأمنية التي تحول دون حضوره في مناسبات أخرى إلى الصرح.
لا يزال جعجع، حتى اللحظة، مرشح «14 آذار» المعلن. أما المرشح الفعلي لهذا الفريق فلم تكتمل عناصره بعد. ولهذا لا يمكن أن يقنع أياً من مجالسيه أنّ حظوظه للرئاسة مرتفعة، وأنّ خوضه كل مرة «معركة وهمية» على حلبة البرلمان، قد يسقط الحواجز الحديدية التي تقف بينه وبين قصر بعبدا. ولا بدّ له أن يصارح محدثيه بالخطة «ب».
وقد زار جعجع الراعي بالأمس لشكره على مواساته بفقدان والده فريد جعجع.
بعد اللقاء ـ الخلوة الذي استمر قرابة نصف ساعة، استنكر جعجع الانفجار الذي حصل على اطراف الضاحية، مؤكداً أنّ «مؤسسات الدولة واداراتها العسكرية والامنية تقوم بجهود كبيرة، ولكن هذه الجهود لا يمكن ان تكون وحدها كافية الا اذا تلاقت بالسياسة في بعدين: تطبيق اعلان بعبدا، واستكمال المؤسسات الدستورية».