Site icon IMLebanon

الراعي: الرئيس التوافقي هو القوي… و«8 آذار» إلى التشاور

 

أظهرت نتائج الجلسة الأولى لانتخاب رئيس جمهوريةٍ جديد أنّ الاستحقاق الرئاسي خرج من مرحلة المرشّحين إلى مرحلة انتخاب رئيس، وغالبُ الظنّ أنّ هذا الرئيس سيكون رئيساً توافقياً، لأنّ أيّاً من الفريقين في 8 و14 آذار غير قادر على الفوز بمرشّحه، ما يعني أنّهما وبقيّة الأفرقاء من وسطيّين ومستقلّين محكومون بالتوافق على رئيس يشكّل قاسماً مشتركاً في ما بينهم. وقد فتح كلام البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي أمس نافذةً يُبنى عليها لإنجاز الاستحقاق الرئاسي، عندما أكّد إثر زيارته رئيس مجلس النواب نبيه برّي «أنّ الرئيس القوي هو الرئيس التوافقي»، مُسقِطاً بذلك لائحة من يسمّون أنفسَهم مرشّحين أقوياء.

أعلن برّي أمام زوّاره أمس أنّه سيستمرّ في تحديد المواعيد لجلسات انتخاب رئيس الجمهورية، وفي حال لم يكتمل النصاب في جلسة الأربعاء المقبل فإنّه سينتظر نصف ساعة ويحدّد موعداً آخر للجلسة. وأشار الى أنّ جميع الأطراف أظهروا أحجامهم في الجلسة الاولى، وتبيّن أن لا أحد منهم قادر على إحداث خرق. وقال: «أنا أنتظر ظهور مرشحين معلنين حتى يتحرك الإستحقاق الرئاسي فعلياً».

وأوضح بري أنّه لم يتلقَّ أيّ اتصال من سفراء عرب وأجانب حول الإستحقاق، وقال: «لفتني أنّ الصحف كلّها تقريباً عكست صورة سوداوية للإستحقاق، في حين انّ الواقع ليس كذلك، فما زلنا في الدورة الأولى، والمهلة الدستورية امامنا، لكنّ أيّ جلسة مقبلة لن تكون جلسة مرشّحين بل جلسة رئيس، علماً أنّ كلّ جلسة تقتضي وجود نصاب اكثريةِ الثلثين أي 86 نائباً». وقال: «من الآن بدأت مرحلة انتخاب رئيس الجمهورية».

وشدّد بري على انّ الكلام الذي قاله البطريرك الراعي يفتح نافذة على الاستحقاق، عندما قال إنّ الرئيس التوافقي هو الرئيس القوي أي الرئيس الذي يقبله جميع الأطراف، فهذا موقف جديد يساعد على انتخاب رئيس جديد». وأوضح أنّ ما قاله الراعي بعد اللقاء هو ما قاله خلاله، وأكّد «أنّ الحديث بينهما تناول جلسة امس الأوّل الاربعاء، فأبدى البطريرك ارتياحه الى اكتمال نصابها، لكنّه تمنّى لو انّها استمرّت في دورات عدّة ولم يفتقد هذا النصاب، فأكّدتُ له أنّ هذا الأمر كان ممكناً لولا فقدان النصاب، لكنّها لو انعقدت لجاءت نتائجها كنتائج الدورة الأولى، إذ لا أحد من المرشّحين قادرٌ على نَيل الأكثرية المطلقة».

الراعي

وكان الراعي زار برّي في عين التينة قبيل سفره الى الفاتيكان ودعا بعد اللقاء الى تأمين النصاب الدستوري للجلسة المقررة الاربعاء المقبل. ولفتَ الى أنّ «من واجب النواب حضور جلسة الانتخاب، ولا داعي لدعوتهم». وقال: «لذلك على الرئيس ان يكون مقبولاً لدى الجميع». وأضاف: «إنّ النائب قد أوكله الشعب التشريعَ وإنتخاب رئيس، ولا يستطيع إستعمال الوكالة لأهدافه الخاصة». وأكّد «أنّ الرئيس هو لجميع اللبنانيين وليس بالضرورة أن يكون الرئيس المقبول لدى الجميع ضعيفاً».

وقبيل سفره أكّد الراعي في المطار «أنّ لبنان بحاجة الى رئيس يلمّ الشمل ويفرض نفسه بمهاراته واخلاقياته، ويستطيع فعلاً أن يجمع». ودعا إلى «الانتهاء من الانشطارات الكبيرة والنزاعات». وقال: «نحن من يعلن للأسرة الدولية أيّ رئيس نريد للبنان».

«8 آذار»

وإلى ذلك، علمت»الجمهورية» أنّ موقف قوى 8 آذار مجتمعة والذي لم يعلن بعد هو إمّا التوافق على ترشيح رئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون، وإمّا أخذ مزيد من الوقت للتشاور والتفاهم، ما يعني عملياً تخطّي المهلة الدستورية لانتخاب الرئيس والتي تنتهي في 24 أيار المقبل وصولاً إلى تموز.

«التيار الوطني الحر»

في غضون ذلك، أكّدت مصادر بارزة في «التيار الوطني الحر» لـ«الجمهورية» أنّ التيار لا يحبّذ تطيير النصاب، لكنّ هذا النصاب سيظلّ مفقوداً في حال عدم التوصّل الى توافق. ولفتت الى أنّه لم يسبق أن انتُخب رئيس جمهورية إلّا بعد حصول توافق خارجي قبل موعد جلسة الانتخاب.

الاستحقاق في الحلقة المقفلة

وفي سياق متصل، قالت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية» إنّ المشاورات المتعلقة بمرحلة ما بعد جلسة الانتخاب الاولى لم تنطلق بعد، وستشهد عطلة نهاية الأسبوع لقاءات عدة في بيروت وخارجها، وأبرزها لقاءات ستعقد يومي غداً وبعد غدٍ في الرياض التي سيتوجّه اليها عدد من أركان تيار «المستقبل»وحلفائه، في ضوء مشاورات وإجتماعات ستعقدها قيادة 14 آذار وأقطابها لتحديد عناوين المرحلة المقبلة وتحديد الموقف الذي سيتّخذ في الجلسة الانتخابية الثانية المقرّرة الأربعاء المقبل.

بدورها، قالت مصادر ديبلوماسية عربية لـ«الجمهورية» إنّه وفي الوقت الذي لم تأتِ الدورة الاقتراعية الأولى بجديد لم يكن متوقّعاً، فقد شكّلت المواجهة الصريحة والواضحة بين قوى 8 آذار بأوراقها البِيض وما تسرّب منها من أوراق سود، وأصوات مرشّح قوى 14 آذار من جهة أخرى، وما بينهما ستّ عشرة ورقة نالها المرشّح هنري حلو، فإنّ المعادلة النيابية لن تنتج أيّ رئيس، خصوصاً إذا استمرّ الأطراف في المواجهة بأبطالها وفرسانها إياهم. وفي رأي كثيرين أنّ احتفاظ الأطراف الثلاثة بمرشّحيهم وعدّة الشغل لن يؤدّي إلى إنتخاب الرئيس العتيد الذي ينتظره اللبنانيون في الجلسة المقبلة وفي ما سيليها من جلسات إلى حين نهاية المهلة الدستورية في 25 أيّار المقبل، وستبقى المعادلة على ما هي عليه اليوم سلبيةً مقفلة تدور في حلقة مفرغة.

واشنطن: لاحترام المهل

وإلى ذلك، حضرت الانتخابات الرئاسية في المواقف الدولية، وهنّأت الولايات المتحدة الأميركية لبنان على البدء بالإنتخابات الرئاسية في الوقت المناسب. ونقل مراسل «الجمهورية» في واشنطن عن مسؤول في الخارجية الأميركية إشادته بإلتزام لبنان الإجراءات الدستورية «حتى ولو لم يفُز أيّ مرشّح بالرئاسة في جلسة الانتخاب الأولى»، مؤكّداً «أنّ من مصلحة الجميع إحترام المهلة الدستورية التي تنتهي في 25 أيار المقبل وإجراء الإنتخابات في موعدها بما يتلاءم مع الدستور وبعيداً من أيّ تدخّل أجنبي».

موسكو: لا أفضلية لأحد

وفي موسكو قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الذي التقاه وزير الخارجية جبران باسيل إنّ بلاده تأمل في «أن تُجرى الإنتخابات بنجاح، الأمر الذي سيتيح ضمان عمل مؤسسات الدولة بنحو أكثر فعاليّة ولمّ صفّ المجتمع اللبناني حول الرئيس الجديد». وأضاف: «إنّ روسيا مقتنعة بأنّ اختيار مجلس النواب اللبناني سيتماشى مع مصالح الشعب واستقرار الوضع والحلّ الفعّال لكلّ المشكلات التي تواجهها البلاد». وأكّد «أنّ موسكو لا تعطي أفضلية لأيّ من المرشحين، وسنعمل مع أيّ شخص يختاره مجلس النواب اللبناني على أساس دستور البلاد».

الأمم المتحدة

وبدورها الأمم المتحدة رحّبت ببدء مسار الإنتخابات الرئاسية، وشدّد منسّقها الخاص في لبنان ديريك بلامبلي بعد زيارته رئيس الحكومة تمّام سلام على وجوب «إنجاز هذا المسار بنجاح ضمن المهلة المحدّدة دستورياً، وهذا مهمّ بالنسبة لاستقرار لبنان وللثقة به».

إيران

من جهتها، اعتبرت ايران» أنّ اختيار رئيس الجمهورية من جانب اللبنانيين جميعاً هو الخيار الأنسب»، وقال سفيرها في لبنان الدكتور غضنفر ركن أبادي: «نحن متأكّدون من أنّ بالدراية والحكمة المتوافرة لدى جميع التيارات والطوائف والمسؤولين اللبنانيين، سيجتازون هذه المرحلة بنجاح».

فتفت

وتوقّع عضو كتلة «المستقبل» النائب احمد فتفت أن تعمد قوى 8 آذار في جلسة الانتخاب المقبلة الى تطيير النصاب، وقال لـ»الجمهورية»: «الأمر واضح من خلال ما حصل في جلسة الانتخاب، وكلام النائب ميشال عون أن لا جلسة إذا لم يتمّ الاتفاق معه. إنّ هناك إرادة سلبية لدى قوى 8 آذار عموماً والنائب ميشال عون خصوصاً، وبالتالي من الأرجح أنّهم سيقاطعون الجلسة المقبلة، وبالتالي هم سيتحمّلون المسؤولية إذا وقعنا في الفراغ في 25 أيار المقبل».

واستبعد فتفت الاتفاق مع عون، وقال: «في الشخصي لا مشكلة معه، ولكنّ الخلاف هو على الثوابت السياسية، فإذا أبدى استعداده للسير في الثوابت الأساسية كمسألة السلاح غير الشرعي والمحكمة الدولية الخاصة بلبنان فلا مشكلة معه». وأكّد أنّ تيار «المستقبل» سيذهب الى جلسة

الاربعاء ومتابعة خوض المعركة السياسية، ومن سيقاطع سيُظهر للبنانيين من يريد الجمهورية والمؤسّسات ومن يريد مصالح شخصية والقول إمّا أنا أو الفراغ».

وأبدى فتفت اعتقاده «أنّ الظرف السياسي الإقليمي الذي سمح بسقوط الفيتوات وتأليف الحكومة والبيان الوزاري ونيل الحكومة الثقة وإنجاز الخطط الامنية، سينهار إذا لم تحصل الانتخابات الرئاسية، ولذلك فإنّي مقتنع بأنّ الانتخاب سيحصل وأنّ محاولات التعطيل لن تنجح».

علوش لـ«الجمهورية»

وتوقّع القيادي في تيار»المستقبل» النائب السابق مصطفى علوش «أن نمرّ في مرحلة من الشغور في سدّة الرئاسة، إلى حين التوافق على اسم لا لون له». وقال لـ«الجمهورية»: «إنّ ما حصل في الجلسة كان الجميع يتوقّعونه، ولا أعتقد انّ النواب او المرشّحين الرسميين أم غير الرسميين لم يكونوا مدركين سلفاً ما سيحصل. هناك وهمٌ عند مرشّح واحد بأن يتحوّل فجأة مرشّحاً توافقيا، لكنّ هذا الامر غير وارد».

وقيل لعلوش: لمَن تصوّت لو كنتَ نائباً؟ فأجاب: «لمرشّح 14 آذار، فما يعنيني هو انتصار 14 آذار، وانتصارها هو انتصار للبنان التعدّدي والحر والديموقراطي، وما دام المرشّح الوحيد لـ 14 آذار في جلسة الانتخاب الأولى كان جعجع فطبعاً كنت سأصوّت له».

سلام في بعبدا

على صعيد آخر، يزور رئيس الحكومة تمام سلام اليوم رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان الذي سيسافر الى روما، ويتشاور معه في مختلف التطورات الإدارية والسياسية، والتي سيتناولها مجلس الوزراء في جلسته المقررة في السراي الحكومي بعد ظهر اليوم.

الحركة المطلبية مجدّداً

وما إن ينطوي الاسبوع الجاري، حتى تطلّ هموم الحركة المطلبية التي قد تطغى بتداعياتها على موعد الجلسة الإنتخابية الثانية، إذ قبل حلول هذا الموعد، تزخر روزنامة الحركة المطلبية بمواعيد متلاحقة للإضراب والتظاهر، تبدأ الاثنين المقبل مع السائقين العموميين، مروراً بالثلثاء موعد الإضراب العام الذي دعت اليه هيئة التنسيق النقابية، ويشمل موظّفي القطاع العام والمدارس الخاصة والرسمية، وصولاً الى الاربعاء موعد التظاهر الذي حدّده الاتحاد العمالي العام. وهكذا تكون الحركة المطلبية قد حجزت لنفسها الايام الثلاثة الاولى من الاسبوع المقبل للتظاهر والاضراب والاحتجاج، بما فيها اليوم المحدّد لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية.

وقد تعدّدت الاسباب التي أعلنتها النقابات والهيئات العمالية من أجل التظاهر. السائقون لديهم مطالب مزمِنة لجهة تثبيت سعر صرف البنزين، أو دعمه للسائقين العموميين، ومكافحة المضاربة غير المشروعة. أمّا الاتحاد العمّالي العام فقد رفع راية مواجهة احتمال رفع الضرائب، والضغط على القدرات المعيشية للمواطن. فيما هيئة التنسيق تتابع الملفّ المزمن المتعلق بمشروع سلسلة الرتب والرواتب، والذي بات أكثر صعوبة بعدما أجمعت معظم الكتل السياسية على ضرورة تأجيله، فيما تصرّ الهيئة على إقراره، وستكون المواجهة قاسية بين الطرفين.