Site icon IMLebanon

الراعي وحلم «التفاهم الرباعي»

توقف مرجع مسيحي روحي أمام توقيت وشكل ومضمون النبأ الذي تحدّث عن اتصالين هاتفيين أجراهما العماد ميشال عون أمس بكل من رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع لتعزيته بوفاة والده، وبقائد الجيش العماد جان قهوجي بوفاة صهره، وتوجّه ممازحاً ضيوفه بالقول يستأهل هذا الخبر أن يكون عاجلاً فتقطع قنوات التلفزة والإذاعات برامجها لبث النبأ ولتسجّل السبق الإعلامي. فما الداعي الى هذه الوقفة؟

بالتأكيد، فهو ليس في هذا الوراد على الإطلاق، والى جانب ارتياحه لما سمعه، لفت الى من نقل اليه الخبر ليسأله، وما هو الخبر في هذا الخبر؟ ولم ينتظر جواباً ليقول: ان العلاقات الإنسانية بين البشر تتجاوز الخلافات السياسية إلّا في لبنان، حيث تختلط المشاعر الإنسانية بالسياسية وتبنى عليها المواقف التي بلغت في مرحلة من المراحل مشاريع إلغاء.

ويضيف: لا تقف الأمور عند هذه الحدود، فهناك من يبرر الخلافات بين القادة المسيحيين والموارنة تحديداً حول بديهيات الملفات الوطنية التي تعني اللبنانيين جميعاً مسيحيين ومسلمين، فيقول ببساطة «إن لا كيمياء بين هذا القيادي وذاك»، وليس في خلافهما ما يشكل مفاجأة لأحد. وإن لا شيء يجمعهما لا في الإقتصاد ولا في الأمن ولا في السياسة ولا في الإدارة، ولذلك من الطبيعي ألّا يلتقيا على موقف من قضية يمكن ان تلتقي حولها الأضداد على مساحة الوطن.

وأضاف المرجع: رغم حجم بعض الأزمات التي يعيشها لبنان والتي تتجاوز في تردداتها وانعكاساتها الإصطفافات السياسية والحزبية وتحديداً ما بين 8 و14 آذار، لم ينجح البطريرك الماروني في تطبيق « ألف باء» خريطة الطريق التي أرادها لجهة ضمان الظروف التي تؤدي الى انتخاب رئيس جديد للجمهورية ضمن المهلة الدستورية قبل بلوغها بأشهر عدة. وذلك عندما راهن منذ أن نجح في عقد أول لقاء للأقطاب الموارنة الأربعة في بكركي في 19 حزيران من العام 2013.

كان البطريرك يراهن بعد كل لقاء على هذا المستوى بأن قراءة الأقطاب الأربعة لردات الفعل الإيجابية التي عكستها هذه اللقاءات ستشجعهم على المزيد من التنازلات المتبادلة وبتعميق «التفهم والتفاهم» بينهم على خوض الإستحقاق بمرشح واحد يجمع عليه الآخرون بمجرد أن يكون ثمرة تفاهمهم. لأنه ومهما على شأن الأطراف الأخرى، ومهما بلغت حدة المواجهة بين طرفي الصراع في البلاد ومن هم خلفهم، لا يمكن تجاهل ما ينتجه هذا «التفاهم الرباعي» ومدى قدرته على قيادة الظروف المؤدية الى الإستحقاق.

وأضاف: العالم أجمع يدرك، ان موقع رئيس الجمهورية في لبنان يتقدم على المواقع الأخرى، فإذا ناديت على «الرئيس» فقط يكون المقصود رئيس الجمهورية، وإن اردت مناداة اي من الرئيسين الآخرين، عليك إن تكون أكثر دقة في تحديد صفته فتقول، انه «رئيس الحكومة» أو «رئيس المجلس النيابي». ولذلك فإن المقارنة التي تستخدم اليوم في «السوق الإنتخابية» بالقول ان المطلوب رئيس جهورية ماروني قوي في مواجهة أقوى شيعي في رئاسة مجلس النواب وأقوى سنّي في رئاسة الحكومة لا تجوز، فالرئيس القوي للجمهورية لا تقاس قوته بحجم تمثيله النيابي أو السياسي أو الشعبي أوالحزبي، فهو في الموقع الأول للجمهورية يستمد قوته من موقعه المتقدم على الآخرين، ومن قدرته على تطبيق الدستور وحمايته من أي خرق يمكن ان يتعرض له، فهو الوحيد الذي أقسم على الدستور قبل أداء مهامه الثابتة والمحددة بسنواتها الست.

وعليه، ينتهي المرجع ليؤكد ان الخروق التي تعرّض لها «التفاهم الماورني الرباعي» كما تمت صياغته في بكركي جعلته في مرتبة الحلم الذي لم يتحقق الى اليوم، بدليل انه لم يبنى على صخرة صلبة ولا على أسس متينة، فبات عرضة للإهتزاز من الداخل قبل الخارج، ولذلك قد يكون من الصعب تحميل القيادات السياسية والحزبية اللبنانية والإقليمية الأخرى مسؤولية ما آل اليه الإستحقاق الرئاسي في مرحلة هي الأخطر في تاريخ المنطقة، التي باتت على حدود الإنفجار المذهبي على يد قوى لا تحتسب للأوطان وشعوبها أي أهمية، ولا تعطي لها الحق بحدود آمنة، فهل هناك من يتعظ ؟ وهل هناك من يطالب البطريرك بالمزيد؟