Site icon IMLebanon

الرقص مع «الشيطان»!

 

الحرب الدولية الجديدة على «داعش»، قد تأخذ أكثر من عامين. الولاية الرئاسية الثانية لباراك أوباما ستنتهي والحرب مشتعلة. لا يمكن لأحد، خصوصاً أوباما تصور طبيعة الحرب عسكرياً وجغرافياً وسياسياً التي سيورثها لخليفته. عمل أوباما كثيراً، حتى لا ينزلق وينخرط في أي حرب في الشرق الأوسط، ففشل.

في صلب فشل أوباما، عدم تقديره أن الخروج سالماً من «الرقص مع الذئاب»، لا يعني مطلقاً النجاح في تجنّب الرقص مع «الشيطان». اعتبر أوباما أن الاستراتيجية التي وضعها في تغذية واستثمار «حرب الكفن ضد الكفن» رابحة دائماً. الآن مع «داعش»، اكتشف أوباما انه في ظلال الفرح بالربح دون كلفة، نما «داعش» الوحش. فرنسوا هولاند، حذر أوباما من «ترك سوريا والسوريين «عراة» أمام الأسد، لأن ذلك سينمّي وحش التطرف». فلم يسمع وهذا ما حصل.

في العراق، مأساة من نوع آخر. البداية كانت مع الغزو الأميركي وتفكيك الدولة العراقية، ومن ثمَّ تسليم العراق الى إيران على «طبق من ذهب». السياسة المذهبية والجوع للسلطة والفساد الاستثنائي، وتدخل إيران في كل شيء، جعل العراق ثلاث «ولايات»، يجمعها الآن الخوف من «داعش»، التي خرجت من قلب كل هذه السياسات، زائد اعتقاد البعض أن إضعاف الآخرين، ترك الوحش ينمو، وأن يستقل متى تمكّن.

حتى قمة الأطلسي، كان العالم يعيش على وقع «حرب عالمية مجزأة». الآن دخل مرحلة حرب عالمية ذات جبهات مرسومة. في قمة الأطلسي سمع العالم لغة جديدة تشكل القاعدة الأولى للحرب التي اتفقت الدول العشر المجتمعة شنّها وشعارها: «متحدون». «عازمون». لحرب هدفها «تدمير الدولة الاسلامية».

من حيثيات هذه الحرب التي بدأت، ان لا أحد يمكنه تحديد تطوراتها ومساراتها. الأهم حتى الآن أن روسيا خارجها. الحرب في أوكرانيا، طويلة وسيعمل لتكون نتيجتها ليّ «يد القيصر» وإخضاع طموحاته لمعادلات جديدة، ليس بالضرورة وكأنه يلتسين وروسيا الممزقة، لكنه بالتأكيد ليس «القيصر» الذي يضرب يده على الطاولة، ليقرر ما يريده. المأساة أن بوتين ورجُلَه لافروف يطالبان المجتمع الدولي بالحصول عليه في أوكرانيا ما منعاه عن سوريا، مثل حماية المدنيين وفتح طرق التموين والاغاثة أمامهم. على موسكو تقديم تنازلات مهمة لاستعادة موقعها من الحلف الأطلسي.

أما إيران، التي كان الجنرال رحيم صفوي المستشار العسكري الأول للمرشد آية الله علي خامنئي يقول قبل 24 ساعة «لا يوجد خيار أمام الولايات المتحدة الأميركية سوى تقديم التنازلات لإيران المقتدرة»، تدعو نفسها الى «طاولة» الأميركيين في العراق. فقد «قَبلَ المرشد» أن يجري المسؤولون الإيرانيون الاتصالات مع العسكريين الاميركيين. المضحك المبكي، أن الجنرال قاسم سليماني الذي كان في العراق «صانع الملوك»، مضطر الآن للتعاون ميدانياً ومباشرة مع الجنرالات الأميركيين. بفضل سياسته عاد الأميركيون بطلب عراقي إيراني الى العراق.

ضمن النتائج المضحكة المبكية، اكتشاف الجميع أنه لا يمكن فصل العراق عن سوريا. القضاء على «داعش»، في العراق يتطلب الشراكة الكاملة للقضاء عليه في سوريا. عدم إرادة أوباما والغرب، الانزلاق في حرب برية ضد «داعش»، فرض عليهم، التعاون المباشر مع السُّنة. أولى ثمار هذا التعاون تشكيل «الصحوات» على أن تكون أكثر حيوية وذات أهداف إقليمية.

لا يمكن دعوة سُنة العراق للقتال الى جانب الأميركيين وترك سُنة سوريا «فريسة» دون دفاع أمام الأسد. ليس بالضرورة أن يكون الحل في سوريا تكوين «صحوات» سورية. «الجيش الحر»، لم يمت. يلزمه الدعم والتأطير بالسلاح ونوع من الحماية مثل «الحظر الجوي» ولو ضمن خط محدد ليقوى وينتشر.

أوباما استيقظ أمام «وحش» أخطر من «القاعدة».. ويل للشرق الأوسط من الرقص مع «الشيطان».