بدا أن الضغط الذي مارسه رئيس المجلس نبيه بري من خلال وزير المال علي حسن خليل من خلال التهويل بعجز الوزارة عن دفع رواتب موظفي القطاع العام، لم ينجح في استدراج النواب الى البرلمان من أجل عقد جلسة تشريعية تفعَل عمل المجلس وتقر قوانين تجيز للحكومة زيادة سقف إنفاقها.
فبعدما خرج هذا الموضوع عن سياقه، وسلك مساراً مغايراً للهدف المرجو منه، بدا واضحا من حركة الاتصالات الاخيرة التي شملت الى الوساطة التقليدية التي دأب عليها منذ فترة رئيس “جبهة النضال الوطني” النائب وليد جنبلاط عبر موفده الوزير وائل ابو فاعور بين حركة “أمل” و”تيار المستقبل” من أجل إعادة الحرارة الى العلاقة المقطوعة بين الفريقين، زيارة من رئيس الحكومة تمام سلام لعين التينة حرصت أوساطه على أثرها على إطلاق تطمينات حيال صيغة يجري العمل عليها بجدية من أجل تحييد ملف الرواتب والاجور عن الصراع القائم بين الرئيسين نبيه بري وفؤاد السنيورة حول الملف المالي. وبالفعل، فقد نجحت هذه الزيارة في إطلاق مسار الحل، فمهّدت للقاء عقد في مكتب السنيورة في المجلس النيابي بينه وبين وزير المال علي حسن خليل في حضور الوزير وائل ابو فاعور وعدد من نواب “المستقبل”، ناقش الملف المالي في شكل عام والامكانات القانونية المتاحة امام وزير المال لدفع الرواتب من دون الحاجة الى إقرار قوانين جديدة لهذه الغاية. وقد ذكّر نواب “المستقبل” بأن القانون الذي أقر غلاء المعيشة عام 2008 أجاز فتح اعتمادات إضافية لدفعها، لم يستعمل لعدم الحاجة اليها. وهذا القانون لا يزال ساريا ويمكن اللجوء اليه، علما أن خليل رفض هذا المخرج مشيرا الى ان هذا القانون أجاز فتح الاعتماد لسنة واحدة فقط، وقد سقط بمرور الزمن عليه.
وأفادت مصادر المجتمعين ان الاجتماع خلص إلى نتائج إيجابية ستتبلور في جلسة مجلس الوزراء اليوم، اذ تم الاتفاق على تجميد اعتمادات الرواتب للاشهر الثلاثة المقبلة ( آب – ايلول – تشرين الاول) من احتياط الموازنة، على أن يتم تقليص إنفاق الوزارات من الاحتياط بما يجعل الاعتمادات المتوافرة في الاحتياط كافية لتغطية الرواتب والامور المالية الملحة وذات الاولوية.
وفهم أن الاتفاق شمل ايضا، كما أشارت “النهار” امس، ان يعمد رئيس الحكومة في الجلسة اليوم إلى طلب سحب مشروع القانون بفتح إعتماد إضافي بقيمة 1552 مليار ليرة، والذي كان أرسله خليل الى المجلس لإقراره، كمخرج لعدم إحراج وزير المال بطلب سحب المشروع، على أن يتزامن ذلك مع بدء العمل على إنجاز قطع حسابات الاعوام 2006 حتى 2012 من أجل الشروع في مناقشة مشروع قانون موازنة 2014 الذي أنجزته وزارة المال.
وعليه، وإذا سلك هذا الاتفاق طريقه اليوم في مجلس الوزراء، فإنه يؤشر بحسب قراءة مصادر سياسية، إلى أن الحوار بين حركة “أمل” و”تيار المستقبل” قد بدأ يسلك بدوره طريقه نحو فتح ثغرة في جدار الازمة القائمة بين الفريقين. وعلم في هذا المجال أن التواصل الاخير الذي شارك فيه الوزير ابو فاعور، أثمر اتفاقا على تسوية مالية تقضي باقفال الحسابات المالية العالقة مقابل إنجاز الموازنة، كما ان الاتفاق بدأ يسلك طريقه نحو ايجاد المخارج لملف سلسلة الرتب والرواتب، بعدما بدا ان “تيار المستقبل” والحزب التقدمي الاشتراكي في خندق واحد في رفض اقرار السلسلة من دون إصلاحات ومن دون تأمين الموارد المالية المطلوبة، وهما متفاهمان على السير بأن الاجراء الافضل لتمويل السلسلة من دون تحميل البلاد اعباء مالية اضافية، يتمثل في زيادة الضريبة على القيمة المضافة.
وعلم ان هذا الموضوع سيكون محور النقاشات المقبلة حول موضوع السلسلة.