Site icon IMLebanon

الرواتب والطلاب رهائن التعنّت 14 آذار تعود إلى “ربط النزاع”

لعله لم يسبق للبنان في تاريخ الازمات الداخلية على تعاقب حقبها أن مر بمثل ما يمر به في الازمة الحالية من حيث استرهان مصالح فئات واسعة من اللبنانيين وحقوقهم وتسخيرها للصراع السياسي، كأن اللبنانيين صاروا الاصابع التي يعض عليها الافرقاء المتناحرون في حلبة الاخضاع المتبادل. هذا الواقع غير المسبوق بقتامته يتمثل في وجوه متعددة من تداعيات الصراع السياسي الذي بات يهدد للمرة الاولى رواتب الموظفين في القطاع العام، وهو الامر الذي لم يشهده لبنان في ذروة الحرب وحتى خلال “عصر الحكومتين” في نهاية الثمانينات بفعل معركة “تقويم الكلام ” بين وزير المال علي حسن خليل وفريقه وكتلة “المستقبل” وحلفائها. كما ينسحب الامر بانعكاسات اشد خطورة على مصير نحو مئة الف طالب وتلميذ عالقين بين كماشة تعنت نقابي غير قابل للمرونة من جهة، وقصور سياسي هائل عن الاضطلاع بالمسؤوليات التي يمليها وضع حد لملف سلسلة الرتب والرواتب من جهة مقابلة. بذلك تغدو القطاعات الاكثر تضرراً من اشتداد الازمة هي فئات المواطنين الضحايا في الصراع الذي حولهم رهائن من غير ان تبرز اي معالم حلحلة في اي من المآزق المشرعة على شد الحبال. ويضاف الى ذلك شبح تقييد للحكومة وتعطيلها اسوة بما اصاب مجلس النواب، في حين يبدو كل كلام عن ازمة الشغور الرئاسي بمثابة ثرثرة هوائية وسط الانتظار الطويل المفتوح على تطورات المنطقة من دون اي أفق.

وبدا لافتاً وسط هذا التأزيم التصاعدي ان تعود الامانة العامة لقوى 14 آذار امس الى مطالبة وزرائها “بالعودة الى قاعدة ربط النزاع مع الطرف الآخر التي على اساسها قبلت 14 آذار بالمشاركة في الحكومة، مع تأكيدها ان لا اولوية تعلو في هذه اللحظة اولوية انتخاب رئيس الجمهورية”. وجاء هذا الموقف في اطار تصاعد التداعيات السياسية للانقسامات الحكومية من جهة وملف تورط “حزب الله” في الحرب السورية خصوصا وسط المعارك المتجددة في جرود عرسال ومنطقة القلمون السورية من جهة اخرى. وقد نددت الامانة العامة في هذا السياق بـ”ادعاء حزب الله انه تسلم وظيفة جديدة هي تأمين أمن الحدود مع سوريا”، مجددة “مطالبته بالانسحاب الكامل من سوريا”.

الحريري

ووسط تكتم شديد على كلمته، يطل الرئيس سعد الحريري في خطاب يلقيه عبر الشاشة في إفطار “المستقبل” في “البيال” غداً. وعلمت “النهار” ان اجتماع قوى 14 آذار في بيت الوسط اول من امس لم يتخلله أي حديث عن هذه الكلمة، علماً ان اوساط تلك القوى لفتت الى ما سبق للرئيس الحريري ان قاله عند تشكيل الحكومة الحالية من انها حكومة ربط نزاع ولا يمكن تالياً توقع ان تحلّ النزاعات.

وعلمت “النهار” ان الموقف الموحد لقوى 14 آذار من موضوع عقد جلسة تشريعية لمجلس النواب ينطلق من ان نواب هذه القوى لن يقاطعوا مجلس النواب باعتبار انهم كانوا ولا يزالون مواظبين على القيام بواجباتهم على هذا الصعيد. لكنهم في الوقت نفسه يؤكدون لمن يعنيه الامر انهم يرفضون إفلاس الدولة. وفي شأن الجدل حول موضوع صرف رواتب موظفي القطاع العام، تساءلت مصادر بارزة في هذه القوى: لماذا جرت لعشرة اعوام خلت عملية صرف الرواتب بالطريقة التي اعتمدت ويأتي اليوم وزير المال ليقول إنها خارج الاصول؟ واضافت انه إذا كان الوزير مصرّاً على موقفه فليتحمل تبعات حرمان موظفي القطاع العام رواتبهم في شهر رمضان. ولكن يجب ألا يحمّل غيره المسؤولية.

في المقابل، اعتبر وزير المال علي حسن خليل ان البيان الاخير لكتلة “المستقبل” “أقفل باب النقاش الايجابي حول نقطة أساسية هي تشريع الاعتماد لتغطية رواتب الموظفين في الدولة”، وقال أمس: “نحن لا نريد افتعال مشكلة مع أحد ولا نريد ان نوقظ شياطين ولا غيرها، فالشياطين تحضر عندما تخالف القوانين وليس عندما يكون هناك اصرار على تطبيقها”. وأضاف انه لا يبرئ الحكومات السابقة من اتباع عرف لتحويل الاموال باصدار سلفات خزينة، ملاحظاً ان الامر “يختلف اليوم لانني في موقع من ينظم ويقرر في الشأن المالي ومن واجبي أن أرسم الحدود الفاصلة بين القانون واللاقانون”.

لكن مصادر وزارية تخوّفت من ان يكون تعطيل عمل المؤسسات هو القاسم المشترك لدى جميع الاطراف. ونقلت عن سفير دولة كبرى قوله انه لا يمكن القيادات اللبنانية ان تطالب الخارج بمبادرات فيما هي تعطّل المؤسسات. وقالت إن هناك انكفاء دولياً عن التعامل مع لبنان خارج الملفات الامنية التي صارت هي محور الاهتمام حاليا. ولفتت الى ان المراجع الدولية تنتظر مبادرة داخلية لمقاربة الازمة السياسية التي تتجسد في انتخاب رئيس جديد للجمهورية لملاقاتها في الوقت المناسب .

أما على صعيد الوضع في الجنوب، فتمكن الجيش أمس من العثور على منصتين لاطلاق الصواريخ في سهل الحنية جنوب مدينة صور وضرب طوقاً حول المكان. وجاء ذلك عقب توقيف مخابرات الجيش فلسطينيين بتهمة الاعداد لاطلاق صواريخ من الجنوب وتجري التحقيقات معهما.