Site icon IMLebanon

الرياض للخروج من المرشحين الاقطاب

 

سرت في الأيام الأخيرة الماضية معلومات في بيروت، عن أنّ السفير السعودي علي عواض العسيري قد أسرّ إلى أحد المراجع وبعض السياسيين اللبنانيين حقيقة موقف بلاده من الاستحقاق الرئاسي: «تعالوا نخرج من البحث في المرشّحين الاربعة (الاقطاب الموارنة)، ونبدأ الحديث الجدي عن مرشح توافقيّ من خارج التداول».

تزامن هذا الموقف الذي أعقب عودة العسيري الى لبنان مباشرة، مع اللقاءات والمشاورات والمفاوضات التي كان يجريها «التيار الوطني الحر» و تيار «المستقبل»، وجعل أكثر المتفائلين بحدوث خرق بين الجانبين يفضي الى التوافق على العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، يخفض من سقف تفاؤله.

لم يكن أحدٌ يلوم هؤلاء ويُحمّلهم مسؤولية تعميم «أجواء ايجابية» غير دقيقة حول طبيعة الحوار القائم مع الرئيس سعد الحريري. تيار «المستقبل» وخلفه السعودية أعطيا اشارات متناقضة ومحيّرة، وظلّا ممسكَين بهذه الورقة حتى بدأت تصل الحقائق من باريس امس الأول، عقب لقاء الحريري مع الدكتور سمير جعجع.

مصادر لبنانية في العاصمة الفرنسية لخّصت أجواء اللقاء بالقول: «انتهى البحث في الاسماء الاربعة المتداولة، وحصل اتفاق على الشروع في التفاوض مع الطرف الآخر على مرشح «توافقي»، أي بمعنى أخر: لم تنجح المفاوضات بين «التيار الوطني الحر» و»المستقبل» واستُبعد عون كمرشح وفاقي».

الاهم في هذا الكلام أنه يتقاطع مع المعلومات عن «حقيقة» الموقف السعودي، وعدم استعداد الرياض لوصول عون الى قصر بعبدا رئيساً وفاقياً كما يطرح نفسه بالتفاهم مع «8 آذار». فجاءت هذه الاجواء والمواقف والمناخات الواضحة، لتؤكد ما كان يتخوّف منه البعض ويتحدث عنه في السر والعلن، وخلاصته «استحالة» أن تسير المملكة بعون تحت ايّ ظرف أو عنوان.

وأبلغ تعبير عن موقف «المستقبل» والرياض قاله قبل أيام وزير بارز محسوب على صقور «14 اذار» لأحد الصحافيين الذي كان يحاول إقناعه بأنّ خيار عون مفيد للجميع، وقبل أن يتوسع الصحافي في الكلام، عاجله الوزير بكلمتين: «ميشال عون ليس مقبولاً في بيئتنا»، ويقصد في الشارع السنّي وبين مناصري «المستقبل».

على رغم هذه الاجواء التي لا توحي بإمكان التفاهم على عون او على غيره قريباً، لا يزال بعض الاوساط يراهن على التقارب السعودي – الايراني لتحقيق خرقٍ ما قبل 25 ايار، لكنّ نسبة حصول هذا الخرق شبه منعدمة لأسباب كثيرة، أوضحُها أنَّ نتائج أيّ تفاهم إقليمي لن تبدأ بالظهور سريعاً وستأخذ وقتها الى ما بعد الانتخابات الرئاسية السورية.

ويتقاطع هذا المناخ بدوره مع ما كان يُشاع عن طلب سعودي من ايران عدم التجديد لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي مقابل «السكوت» عن انتخاب الرئيس بشار الاسد لولاية جديدة، والسير في انتخاب عون رئيساً للجمهورية. واللافت في هذا السياق كان تزامن إعلان نتائج الانتخابات العراقية التي اكدت عودة المالكي مجدداً، وإعلان قوى «14 اذار» رفض التوافق على عون، ما يعني أنّ الطلب السعودي قوبل بالرفض، فردّت الرياض بالتشدد في لبنان والدفع نحو رئيس تكون لها فيه «حصة وافرة».

هذا الامر يبدو منطقياً. لم يعد للمملكة غير لبنان لتوازن مع الاكتساح الايراني في المنطقة. عودة المالكي والأسد، تعني مزيداً من الخسارات للرياض ولا بدّ من الحدّ منها انطلاقاً من لبنان.

يُدرك السعوديون بأنّ إيصال مرشح لقوى «14 اذار» الى قصر بعبدا شبه مستحيل، وبالتالي هم يبحثون عن اسماء يمكن تسويقها لدى الطرف الآخر والتوافق عليها على غرار ما حصل عام 2008 عندما حصل توافق إقليمي ودولي على قائد الجيش العماد ميشال سليمان… ولا شيء يمنع تكرار التجربة.