Site icon IMLebanon

الرياض مع رئيس «يقلّص» تدخّل «حزب الله» في سوريا

لهذه الأسباب جرى استبعاد بندر عن دائرة القرار

الرياض مع رئيس «يقلّص» تدخّل «حزب الله» في سوريا

تفتح دعوة وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل لنظيره الإيراني محمّد جواد ظريف لزيارة الرياض، أبواب العلاقات الموصدة بين البلدين الإقليميين الأكثر تأثيرا في المنطقة، وهي تسهّل طرح الملفّ الرئاسيّ اللبناني على الطاولة المزدحمة بالملفات الخلافية. وكانت أوساط سعودية قالت لـ«السفير» إنّ «أيّ تقارب سعودي إيراني جديد يتظهّر بزيارات متبادلة لمسؤولين في البلدين يؤدّي حتما الى طرح موضوع لبنان وملفّه الرئاسي».

وبالرّغم من أنّ الرياض لا تزال لغاية اليوم غير مقتنعة بوجود اتفاق إيراني ـ أميركي عميق وبعيد الأمد، فإنها لا تنفي إمكان الاتفاق الموضعي مع الغرب حول الملف النووي فحسب «لأنّ إيران تخاف ضربة إسرائيلية، لا أكثر ولا أقل»، بحسب تعبير الأوساط السعودية.

يشكّل الملفّ الرئاسي اللبناني إحدى الجزئيات التي ستطرح بين البلدين، ويقول سياسي خليجي ذو علاقات واسعة مع المنظومة الخليجية لـ«السفير» إنّ «لبنان يشكّل بالنّسبة الى السعودية والخليج نافذة مفتوحة على العلاقات مع دمشق وطهران، وورقة ضغط، وأحد مفاتيح التوازن بين السعودية وإيران من جهة، وأحد مفاتيح حل الأزمة السورية من جهة ثانية». برأي السعودية ومعظم الدول الخليجية فإنه «إذا جرى تحييد الوضع في لبنان من خلال توافق لبناني داخلي على النأي بالنفس عن الأزمة السورية، ومواكبة حزب الله هذه السياسة بتخفيض أو بإنهاء تورطه في الأزمة السورية، تكون السعودية قد حققت مرامها في لبنان». ويلفت الى ناحية مهمة في مقاربة السعوديين للملف الرئاسي اللبناني قائلا: «حزب الله قد لا يقبل نزع سلاحه، لكن في مساومة معينة حول اسم الرئيس اللبناني المقبل قد يقبل الحزب بتحييد هذا السلاح والتقليل من تورّطه في سوريا، وهذا بحدّ ذاته أمر مفيد، من هنا التشديد السعودي على إنتاج لبناني لرئيس قويّ الشخصيّة يتمتّع بـالكاريزما ومقبول من جميع المكوّنات اللبنانية، وقادر على تحقيق الاستقرار والحياد».

أسباب الحراك السعودي الإيجابي

في نظرة أكثر اتساعا للعلاقة الإيرانية ـ السعودية، يشير السياسي الخليجي الى أن «علاقة إيران مع الغرب، وخصوصا مع الولايات المتّحدة الأميركية باتت متقدمة وقد تراجعت المقاطعة الدّولية لها بشكل ملموس. استطاعت إيران تطوير موقفها الإقليمي والدولي فعادت دولة مقبولة في المجتمع الدّولي. لا يمكن للسعودية أن تتجاهل هذه المتغيرات كلّها فتمكث جامدة بلا حراك مكتفية بمراقبة التقدّم الإيراني على الساحة الدّولية. من هنا تتعاطى السعودية مع المتغيرات الجديدة ببراغماتية، وهي تعلم جيدا بأن الموقف الإيراني من قضايا عدة قد يبقى ملتبسا لفترة زمنية غير محدودة، كما هي عادة الإيرانيين، فمشاكل السعودية مع إيران متعددة من المنطقة الشرقية واليمن والبحرين الى سوريا ولبنان، وهي قضايا معقدة، والديبلوماسية الإيرانية معروفة بنفَسها التفاوضي الطويل».

بالرّغم من ذلك، فإن العلاقات السعودية ـ الإيرانية قد دخلت طورا جديدا، علما بأن العلاقات الديبلوماسية بقيت موجودة. لكن، كيف سيؤثّر الميدان السوري في هذه العلاقة المتجددة؟

الميدان السوري يوظّف سياسياً

يقول السياسي الخليجي إنّ «الوضع الميداني في سوريا هو الذي يشكّل المواقف السياسية، وهو يفرز اليوم موقفا سياسيا مختلفا عما كان قبل سنة، فالنظام السوري يتقدّم في منطقة الساحل، والسعودية اليوم تقف بوضوح ضدّ داعش وجبهة النصرة، وهذا يرضي إيران. صحيح أن السعودية لا يمكنها القبول بإعادة إنتاج الانتخابات الرئاسية المقبلة في حزيران للرئيس بشار الأسد، لكنّ رفضها لن يبدّل شيئا على أرض الواقع، حالها حال الولايات المتحدة التي لا يمكنها التغيير في المعادلة الميدانية القائمة».

مناخات عدّة ساهمت في تطوير العلاقة السعودية الإيرانية، أولها زيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما للسعودية والديبلوماسية الأميركية الناشطة على خطّ السفراء ومساعدي وزير الخارجية جون كيري، ثمّ إعادة توزيع المهمات داخل الأسرة الحاكمة، ولعلّ استقالة رئيس الاستخبارات السعودية الأمير بندر بن سلطان كانت أبرز العوامل التي أعادت فتح قنوات الاتصال بين السعودية وإيران، خصوصا أن طهران كانت ترفض التعاطي مع الأمير بندر. يقول السياسي الخليجي: «منذ وفاة ولي العهد السابق الأمير سلطان بن عبد العزيز ومجيء الأمير نايف وليا للعهد لفترة قصيرة ثمّ وفاته، ساد نوع من الارتباك في الحكم مع تقدّم الجيل الثاني في الأسرة الحاكمة الى الواجهة. والمعروف أن صلابة الحكم السعودي واستقراره يؤثران في قدرة المملكة على التحرّك في الخارج، والارتباك الذي حصل بسبب إعادة توزيع الأدوار والمهمات انعكس على الدور السعودي في الخارج ومنه في سوريا، حيث وجد الأمير بندر نفسه من حيث لا يدري متفرّدا بالملفّ السوري بسبب الفراغ الحاصل، وليس لتمايز مواقفه عن بقية أفراد العائلة». يضيف: «كان الأمير بندر ينفذ رؤيته الخاصة من دون متابعة، بسبب الانشغال في توزيع المهمات الداخلية، وهو شعر بأن يده مطلقة واختلفت نظرته الى الوضع السوري عن نظرة الأميركيين في أمور شتى. فقد أعتقد الأمير أن في قدرته تحقيق نصر سعودي النكهة على بشار الأسد، فتكون المملكة قد حققت التغيير المطلوب من الشعب السوري، ومن هنا دخل في منافسة مع قطر. أما الاعتقاد الثاني له فهو أنه لم يقدّر الموقف الروسي. وهو أخطأ في الأمرين، ولهذا استُبعد من دائرة القرار، والأمر حصل بطلب أميركي مباشر من جهة، ولضرورات إعادة تنظيم القوى داخل الأسرة الحاكمة، وهذا ما سهّل فتح النوافذ بين الرياض وطهران، والتي ستتجلّى تدريجا بمزيد من الزيارات المتبادلة بين البلدين، وبترتيب البيتين اللبناني والسوري على حدّ سواء».