Site icon IMLebanon

السنيورة يستعيد تموز 2006: «حزب الله» والفرص

«لو عادت بي الأيام لقمت بما قمت به آنذاك»

السنيورة يستعيد تموز 2006: «حزب الله» والفرص

لم تكن «حرب تموز» تفصيلا في مسار الانقسامات اللبنانية. ربما يمكن القول، اليوم، ان تداعياتها السياسية كانت اثقل من الحرب نفسها. لم تأت الحرب في زمن استقرار داخلي. كانت الهزات الارتدادية لزلزال اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، تزعزع المشتركات بين اللبنانيين. واذا كان مفهوما ان من مهام العدو تحيّن الفرص واللعب على الانقسامات الداخلية والرهان عليها، الا ان ما يبقى غير مفهوم، هو اضاعة اللبنانيين الفرصة تلو الاخرى للبناء على تضامنهم ومراكمة المشترك في ما بينهم.

توقفت الحرب الاسرائيلية على لبنان في الرابع عشر من آب 2006، لتنطلق حرب داخلية من نوع آخر، اكثر أذية، حتى كادت المسافات بين اللبنانيين ترعى فيها الغزلان، وتوجت بأحداث السابع من أيار ومن ثم مؤتمر الدوحة.

صباح الثاني عشر من تموز 2006، كان فؤاد السنيورة رئيسا للحكومة اللبنانية. تلقى خبر عملية اسر الجنديين الاسرائيليين وهو في اجتماع مع رئيس الجمهورية آنذاك اميل لحود. اعرب عن قلقه من الخطوة. وهو كرر القلق نفسه امام المعاون السياسي للامين العام لـ«حزب الله» الحاج حسين خليل. تخوف من رد اسرائيلي قاس في ضوء ما كان يجري في غزة. وختم اللقاء بما هو مطلوب من الحزب ان يفعله ومن الحكومة ان تقوم به، طالما أن ما حصل قد حصل، وفق رواية السنيورة.

تتمة الاحداث شكلت مادة لآلاف الصفحات التي كتبت وما تزال تكتب. يمكن العودة بسهولة الى تفاصيلها من لحظة انعقاد جلسة مجلس الوزراء في الخامسة من عصر ذاك اليوم وتنصل الحكومة من مسؤولية ما جرى وعدم تبنيه، وصولا الى توجيه الرئيس نبيه بري والسيد حسن نصرالله دعوة للنازحين، للعودة الى منازلهم وقراهم. لكن ما تلى يوميات الحرب، غيّر الكثير في واقع البلد وانقساماته، وصولا الى العلاقات بين ابنائه.

على مسافة ثماني سنوات من تلك الحرب يستعيد الرئيس فؤاد السنيورة الكثير من محطاتها المرّة، ويجزم «لو عادت بي الايام الى 12 تموز 2006 وما تلاها، مزودا وعارفا بكل ردود الفعل التي صدرت على مدى هذه السنوات، لقمت بما قمت به آنذاك، في كل امر من الامور».

يؤكد السنيورة ان «بسالة مقاتلي «حزب الله» واحتضان الشعب اللبناني لبعضه البعض، والجهد الاستثنائي السياسي والديبلوماسي للحكومة، نجحت كلها في منع اسرائيل من الانتصار. وهذا ليس بالامر البسيط او السهل. فاسرائيل لا تستطيع ان تتحمل عدم الانتصار في حرب مع لبنان».

يأسف السنيورة لان «حزب الله» وسوريا اضاعا علينا فرصة البناء على التضامن والتلاقي الذي حصل بين اللبنانيين. «مباشرة بعد الحرب، شهدنا موجة التكفير الاولى. وهو المنطق نفسه الذي يُنتهج اليوم في موجة التكفير الثانية. وعلى اي حال، هذا يستدعي ذاك». يضيف «لقد ارتكب «حزب الله» خطيئة التسبب بشرخ في المجتمع اللبناني. فبعد خطيئة تجاوز الخط الازرق واعطاء الذريعة لاسرائيل لشن عدوانها، ارتكب الخطيئة الاكبر بأن تسبب في الشرخ في المجتمع اللبناني. الا يسأل السيد حسن نصرالله نفسه، لماذا انزلت كل صوره من كل بيت عربي بعد ان كانت احتلت تلك البيوت؟ كيف يبرر انه وعد في آخر جلسة حوار بان صيف لبنان للعام 2006 سيكون هادئا، وان اقصى ما ستقوم به المقاومة هو عمليات تذكيرية في مزارع شبعا. فكيف ارتكب ما ارتكبه؟ وهذا يستدعي مقاربة مشابهة. الم يدعو في خطاب مفصل وطويل الى عدم التدخل في سوريا؟ الم يعتبر ان اميركا تستدرج الى تلك الحرب؟ الم يقل انهم يسمنونكم ليذبحوكم؟ ماذا ذهب يفعل «حزب الله» اذا، في سوريا؟». يشرح السنيورة «في المرتين، في تموز 2006 كما في الحرب السورية، لا يبدو الحزب مالكا لقراره».

لا ينفعل السنيورة حين تكرر على مسامعه كل التهم التي سيقت ضده. يكرر القول «من لديه اي اثبات على اتهاماته فلينشرها. في المقابل، كل الوثائق التي نُشرت او سُربت سواء في «ويكيليكس» او في كتابات الديبلوماسيين الاميركيين وتقاريرهم اكدت تمسـكنا بمواقفـنا وحقوقنا».

يعتبر رئيس الحكومة الأسبق ان الحملة التي شنت عليه وعلى حكومته جاءت نتيجة «محاولة حزب الله رفع المسؤولية عنه وتحميلها الى طرف آخر. فهول الدمار واعداد الشهداء وكل المآسي التي رافقت الحرب كانت اكبر من قدرة الحزب على تحملها. رمى التهم بالتقصير والتواطؤ والمشاركة في العدوان على الدولة والحكومة. اخذ الامور الى حدها الاقصى فعمّق الخلافات والانقسامات وضرب الاقتصاد. مع الاسف، لم يلتقط حزب الله لحظة التضامن الوطني ويبني عليها ويعززها. لم يعد قراءة مواقفه. اخذ اللبنانيين الى مكان لم يكونوا يريدون الذهاب اليه، وعوض ان يشكر لهم وقوفهم الى جانبه، راح يكيل لهم الاتهامات. فخسر وخسّر البلد فرصة ضائعة».