Site icon IMLebanon

الشرعية الدولية وحدها تحمي غزة كما حمت لبنان

 

يتضامن اللبنانيون إنسانياً مع شعب غزة ويتضامنون سياسياً مع خيارات السلطة الفلسطينية. فتأمين الحماية لهذا القطاع، المطوق أصلاً بالحصار، لا يكون إلاّ عن طريق قرارات الشرعية الدولية التي وحدها استطاعت أن توفر الأمن لأهالي جنوب لبنان بفضل القرار 1701، الذي انتزعته عام 2006 حكومة الرئيس فؤاد السنيورة.

ويقول سياسي لبناني سيادي «نتمنى لغزة ما أردناه لأنفسنا: حماية دولية لأننا نتبنى وجهة نظر السلطة المشابهة لوجهات نظر الحكومات اللبنانية التي تعاقبت منذ العام 2005 التي تستند الى قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية«.

فتلبية لطلب الرئيس الفلسطيني محمود عباس كان وزير خارجيته رياض المالكي قد دعا الثلاثاء وزراء الخارجية العرب، الملتئمين في اجتماع استثنائي لبحث أوضاع غزة، الى السعي لتأمين حماية دولية للفلسطينيين من دون أن يلاقي مطلبه أي اعتراض.

من البديهي أن مطلقي الصواريخ على إسرائيل من جنوب لبنان، تضامناً مع غزة، لم يجدوا أي احتضان لا من الأهالي ولا من السياسيين ولا حتى من حركة «حماس» نفسها المستهدفة الأولى بالغارات الإسرائيلية. فالدفاع عن غزة لا يكون باستجلاب أذى عبثي على لبنان كما يؤكد مسؤولون عن هذه القوى.

فالقرارات الدولية هي الحل الوحيد المتوفر خصوصاً مع تقاطع المصالح الإيرانية والإسرائيلية، إن لم نتحدث عن تواطؤ ضمني، بشأن التصعيد في غزة. فإيران التي اعتبرت نفسها منتصرة في سوريا بعد «فوز» بشار الأسد بالرئاسة لولاية ثالثة لم تلبث أن واجهت انقلاب الأوضاع في العراق، فلم تجد للردّ سوى إشعال غزة إضافة الى رفع سقف مفاوضاتها على ملفها النووي بحيث أن الاتفاق لن ينجز في وقته المقرر بعد ثلاثة أيام لـ»استمرار وجود فجوات كبيرة«.

فكان أن أقدمت «حماس» على اختطاف ثلاثة مستوطنين وقتلهم بما أفسح المجال أمام إسرائيل للتصعيد فيما الأنظار الدولية مركزة على العراق وسوريا. «حماس»، باعتبارها ربيبة إيران كما «حزب الله»، قدمت ذريعة التصعيد كما سبق لـ»حزب الله» أن قدمها عام 2006 عندما اختطف جنديين إسرائيليين.

كما أن المصالحة الفلسطينية وتشكيل الحكومة الموحدة لم يرضيا إسرائيل فهما أضعفا «حماس» إيرانياً لكن إسرائيل أنقذتها بالتصعيد العسكري.

لكن محور «الممانعة» يعتبر القرارات الدولية غير مجدية كما تبين في قضايا المعتقلين والأراضي المحتلة وصولاً الى نسف عملية السلام. وهو يرى أن المقاومة المسلحة، على غرار مقاومة «حزب الله» التي حررت الجنوب عام 2000 وأفرجت عن الأسرى، هي الطريقة الوحيدة المنتجة. ويتناسى عمداء هذا المحور أن الصراع المسلح الذي سمح لـ»حزب الله» باعتبار نفسه منتصراً بسبب صموده كانت خسائره كبيرة على لبنان كما الصراع المسلح الذي سيوفر انتصاراً لـ»حماس» لكنه سيصيب الشعب الفلسطيني بخسائر فادحة.

بالمقابل، يستند المؤمنون بفائدة الحماية الدولية، وفي مقدمهم «قوى 14 اذار»، الى أن القرار 1701 مثلاً وضع عملياً المقاومة «في الثلاجة» بحيث أصبح جنوب الليطاني آمناً ومزدهراً حتى بات أبناؤه الشيعة متمسكين بالهدوء على الحدود، كما يتبين من أحاديث عينة منهم.

في خضم هذه التطورات يعجز لبنان عن حلّ معضلة الفراغ الرئاسي التي تقف وراءها إيران متلطّية بتمسك رئيس «التيار الوطني الحرّ» النائب ميشال عون بالوصول الى الرئاسة . وكما في لبنان تسعى إيران الى فرض الفراغ في العراق بسبب تمسكها بنوري المالكي لولاية ثالثة.

من هنا خطورة ربط الملف الرئاسي بمتغيرات إقليمية جميعها غير محسومة، ولن تكون كذلك في المدى المنظور، بما يجعل التسويات الإقليمية والدولية مؤجلة. فلا التسوية الإيرانية ـ الغربية للملف النووي جاهزة ولا مؤشرات عن التقارب الإيراني ـ السعودي، كما وأن نهاية الحرب في سوريا غير معروفة الأجل.