منذ العام 1979 والمجيء بالخميني من فرنسا الى ايران بعد إطاحة الشاه، تتكرر على مسامعنا عبارتان هما: الشيطان الاكبر (اميركا) والشيطان الاصغر (اسرائيل).
ولا يفتأ المسؤولون الايرانيون يرددون هذا الوصف بمناسبة وبغير مناسبة، حتى حسب العالم كله ان العداء لاميركا واسرائيل بلغ حداً لا يوصف. ولكن الواقع يقول عكس ذلك تماماً ومجريات الاحداث في المنطقة ايضاً تدل الى غير ذلك.
ولنبدأ بموضوع الساعة: تقول إيران، وعلى لسان آية الله خامنئي، إنّ إيران لا تريد أن تحصل على السلاح النووي، لأنّ ذلك يتنافى والدين الذي تؤمن به…
وإنطلاقاً من هذا، نسأل، لماذا حرمت إيران نفسها من الإستفادة من ثروتها النفطية، وهي التي تنتج 6.5 ملايين برميل يومياً تقدّر قيمتها بـ250 مليون دولار، على ما قال الرئيس المصري الراحل أنور السادات في خطاب له في العام 1980، في بداية حربها على العراق.. حيث عقدت صفقات سلاح مع «إسرائيل» وبات شعبها يشتهي لقمة العيش، ويحصل على حاجته النفطية بالبطاقة… وتأخذ على مصر اتصالها مع «إسرائيل».؟!
اليوم، انخفضت أسعار النفط، وبلغت خسارة إيران المليارات من الدولارات، ولا تزال مصرّة على تخصيب اليورانيوم، بهدف الحصول على السلاح النووي…
ولكن، لو لم تشن إيران حربها على العراق لثماني سنوات، بين 1980 و1988، تحت شعار «تصدير الثورة» ولو لم تدخل في موضوع بناء مفاعلات نووية وركزت اهتماماتها على شعبها وتطوير الزراعة والصناعة لكانت أغنى دولة في العالم…
من هنا، نرى، أنّ المخطط الأميركي بإزاحة شاه إيران، محمد رضا بهلوي، حليفها الأوّل في العالم، واستبداله بنظام ديني متشدّد، يرغب أن يكون «دولة دينية»، كما ذكر الوزير نهاد المشنوق، في مقابلة تلفزيونية أوّل من أمس، أي دولة شيعية، دولة ولاية الفقيه، دولة على مذهب الاثني عشرية…
فالنظام الايراني يكره الإسلام، لأنّه يعتبر أنّ الإسلام أسقط وأنهى الامبراطورية الفارسية، ويكره العرب، لأنّ صدام حسين، على ما يدّعي، شنّ حرباً ضده تحت شعار «مواجهة تصدير الثورة الدينية» أي «التشيّع»، ما يعني هذا أنّ النظام يريد بناء امبراطورية شيعية.. تماماً كما تريد «إسرائيل» إقامة الدولة اليهودية… مع فارق أنّ الإيرانيين سرقوا علم فلسطين وراحوا يسوّقون أنفسهم على أنّهم يريدون تحرير فلسطين..؟!.
وبكل صراحة، فإنّ من استفاد من تدمير العراق هما إيران وإسرائيل.. ومن استفاد من تدمير سوريا، لإبقاء بشار الأسد، إيران وإسرائيل..؟ ومن استفاد من تدمير اليمن، إيران وإسرائيل؟! فيا جماعة، كفى كذباً ومراوغة وتضليلاً… فكيف يكون هذا النظام يريد تحرير فلسطين، وهو صناعة أميركية – صهيونية؟
ليس من شك في أنّ ما أقدمت عليه المملكة العربية السعودية في «عاصفة الحزم»، يعتبر اللغة الوحيدة التي يفهمها النظام الإيراني… والحقيقة تقال، إنّني لم أستغرب الحملة التي شنها الأمين العام لـ»حزب الله» السيّد حسن نصرالله على القادة السعوديين، والتهجّم على العائلة المالكة… وهو لأوّل مرة يتحدّث بهذه اللهجة، ويستخدم العبارات النابية، والمرفوضة أدبياً، والتي هي غريبة عنه.. ولكن ماذا يفعل إذا كان آية الله الخامنئي يريد ذلك، وممثله الشرعي قائد «فيلق القدس» في «الحرس الثوري» قاسم سليماني؟!
الغريب أنّ الحملة لم تقف عند السيّد، بل استمرت عبر حلفائه وجماعة 8 آذار… لا لقناعة منهم، بل لإرضاء إيران، وهم يعرفون أنّ هذا الكلام يضر بمصالح مئات آلاف اللبنانيين العاملين في المملكة العربية السعودية ودول الخليج..
اليوم، وقد انكشفت مؤامرة الاتفاق بين إيران وأميركا، وفُضح شعار الشيطان الأكبر، هل يستفيق جماعة 8 آذار، ويعودون الى تغليب مصلحة لبنان وشعبه، على مصلحة إيران؟!…
يا حبذا؟!
عوني العكي