Site icon IMLebanon

الصفقة

عادت الدعوة الى إنتخاب رئيس للجمهورية، تتقدّم على الساحة الداخلية، بعدما تراجعت الى حدّ كبير مطالبة اللبنانيين وقياداتهم من قبل المجتمع الدولي بدءاً من الولايات المتحدة الأميركية وانتهاءً بآخر دولة في المجموعة الأوروبية بالإقدام على هذه الخطوة المهمّة لتحصين لبنان من تداعيات ما يجري في الإقليم من اضطرابات وتحولات خطيرة على كل المستويات، وعاد معها الحراك السياسي الذي يقوده النائب وليد جنبلاط في اتجاه القيادات المسيحية بعدما جمّد تحركه إثر عودة رئيس تيار المستقبل الى بيروت حاملاً الدعم السعودي بمليار دولار أميركي لتسليح الجيش والقوى الأمنية كافة من أجل مواجهة إرهاب داعش وجبهة النصرة التي حاولت من خلال افتعالها معركة عرسال، ضرب معنويات الجيش، وجعله يتراجع في وجه تقدّمها في اتجاه الداخل اللبناني، ما جعل أمين عام حزب يتحدث الى لبنان عن الخطر الوجودي على لبنان الذي يمثله التكفيريين والإرهابيين من داعش والنصرة وأخواتهما من التنظيمات الاسلامية الإرهابية والتكفيرية.

ولأن النائب جنبلاط أحد القلائل الذي يواكب عن كثب الحركة الإقليمية والدولية والمعروف عنه بقوة حاسم الشم، في تقصّي الأحداث الجارية وتطوراتها واحتمالاتها يحاول في جولته على القيادات المسيحية بعدما استنفدها مع القيادات الإسلامية وجال على أمين عام حزب الله وعلى رئيس حركة أمل وعلى رئيس تيار المستقبل، إقناعهم على الإقدام على الاتفاق على رئيس الجمهورية المقبل والنزول الى مجلس النواب لانتخابه وطي صفحة هذا الملف الذي يشغل بقاءه مفتوحاً هواجس كثيرة من مسيحيّي لبنان ومسيحيّي الشرق الأوسط الذين يتعرضون الآن لهجمة شرسة من قبل داعش لتهجيرهم من هذا الشرق وربما من لبنان الدولة الوحيدة التي يترأسها رئيس مسيحي، مستفيدين من الصفقة التي قد تحصل في العراق الذي يتعرّض للتقسيم، نتيجة السياسات الخاطئة والفئوية لرئيس الحكومة السابق نوري المالكي والذي استبعدته قوى متعددة بينها الولايات المتحدة الأميركية وإيران والمملكة العربية السعودية بالتفاهم في ما بينهم على رسم خارطة جديدة للمنطقة عنوانها تسوية النزاعات المحلية وفتح آفاق جديدة على التهدئة والعودة بالأوضاع الى ما كانت عليه قبل الانفجار الواسع الذي طال معظم الدول العربية والتي تأثر بها لبنان ولا يزال يتأثر سلباً.

ويدعو جنبلاط القيادات اللبنانية ولا سيما المسيحية منهم الى الاستفادة من التقارب الإيراني – السعودي لإرساء تسوية أو صفقة للملف العراقي الأكثر التهاباً في هذه المرحلة، والتعاون من أجل الاتفاق على انتخاب رئيس جديد للبلاد، يتولى قيادة هذه المرحلة المفصلية الى شاطئ الأمان، خصوصاً وأن الدولتين المعنيتين مباشرة بالوضع اللبناني وهما إيران والمملكة العربية السعودية أبدتا كل استعداد للمساهمة في تقارب بين اللبنانيين يؤدي الى الخروج من المأزق القائم.

ويؤمل أن ينجح جنبلاط في جولته هذه، في إقناع القيادات المسيحية بضرورة اقتناص هذه الفرصة المتاحة والاتفاق على انتخاب رئيس جديد للجمهورية يعيد الاطمئنان الى المسيحيين اللبنانيين بأنهم غير مستهدفين كما هو حال مسيحيّي الشرق الذين يتعرضون للاضطهاد والتصفية.