Site icon IMLebanon

الغرب وايران والرئيس الجديد للبنان

مسؤول غربي بارز يشارك في المشاورات الدولية – الاقليمية المتعلقة بمعركة انتخابات الرئاسة اللبنانية شدد في جلسة خاصة في باريس على ان ثلاث مسائل اساسية تحدد طبيعة هذه المعركة وتوجهاتها وتفرض ذاتها على الافرقاء اللبنانيين وهي الآتية:
اولاً: ان “حزب الله” وحلفاءه لن يستطيعوا مهما فعلوا وقالوا ان يفرضوا على خصومهم السياسيين وعلى اللبنانيين عموماً انتخاب رئيس جديد للجمهورية ينتمي اليهم او يرتبط بهم بطريقة مباشرة أو غير مباشرة ويعمل على تحقيق اهدافهم وتنفيذ خططهم. هذه حقيقة واضحة بالنسبة الى المسؤولين الفرنسيين والاميركيين والعرب المعنيين بهذه القضية. “حزب الله” ليس قادراً على ان يفرض مجيء رئيس كهذا من طريق التفاوض او القوة المسلحة اذا اراد استخدامها لأن الظروف الداخلية والاقليمية وانعكاسات التطورات الخطيرة في سوريا على البلد اسقطت خيار اللجوء الى القوة المسلحة الضاغطة من اجل تحقيق هذا الهدف. كما ان القوى النيابية والسياسية والشعبية الرافضة لانتخاب رئيس مرتبط بـ”حزب الله” تملك غالبية النيابية واضحة اذ انها تضم نواب فريق 14 آذار والنواب المستقلين والوسطيين ومنهم اعضاء كتلة وليد جنبلاط.
ثانياً: للمرة الاولى منذ مرحلة الهيمنة السورية المباشرة وغير المباشرة على لبنان يتضح ان نظام الرئيس بشار الاسد لا يملك السلطة أو القدرة على التأثير بشكل حاسم في هذه المعركة الانتخابية وضمان عدد كاف من اصوات النواب يسمح بانتخاب المرشح الذي يريده. فالنظام السوري معزول اقليمياً ودولياً على أوسع نطاق وهو لم “يصنع” حكومة الرئيس تمام سلام بل انه منزعج من تأليفها ومن طريقة تشكيلها وتوزيع الحقائب فيها، اذ ان القيادة الايرانية هي التي وافقت عليها وضغطت على حلفائها من اجل المشاركة فيها بعد جهود بذلها خصوصا المسؤولون الفرنسيون واستمرت اسابيع وشملت اتصالات مباشرة بينهم وبين القيادتين السعودية والايرانية من غير ان تعقد اي صفقة بين الرياض وطهران. واستناداً الى ديبلوماسي اوروبي مطلع “فان الايرانيين دعموا تأليف الحكومة لأنهم يريدون تهدئة الأوضاع في لبنان وتقليص الضغوط على “حزب الله” اذ ان المعركة الاساسية بالنسبة اليهم تدور في سوريا”.
ثالثاً: إن الواقع السياسي والشعبي والنيابي يفرض على فريقي 8 و14 آذار التفاهم في مرحلة ما على انتخاب رئيس وفاقي حقيقي يحرص في الدرجة الاولى على المصالح الوطنية الحيوية للبنان ويكون قوياً بشخصيته وحكمته ويملك خبرة سياسية كافية وقدرة على التعامل مع الاوضاع البالغة التعقيد والحساسية والصعوبة بطريقة تمنع البلد من الانزلاق نحو الاسوأ. وثمة امران اساسيان يفرضان هذا الواقع: الاول ضرورة ضمان نصاب الثلثين اي حضور86 نائباً من اجل عقد جلسة الانتخاب، وضرورة حصول المرشح على 65 صوتاً على الاقل من اجل الفوز في المعركة. وليس لدى أي فريق العدد الكافي من النواب من اجل تحقيق ذلك. والامر الثاني: ان الفشل في انتخاب الرئيس قبل 25 ايار الجاري ليس لمصلحة أي فريق ولن يبدل موازين القوى ولن يجعل اي طرف يرضخ لاحقاً لشروط الآخر بل انه يزيد الاخطار والتهديدات الداخلية ومعاناة جميع اللبنانيين. ومن الخطأ الجسيم ان يعتقد فريق ما انه قادر على استغلال الفراغ في منصب الرئاسة من أجل تغيير الدستور واسقاط اتفاق الطائف وانهاء مبدأ المناصفة وفرض صيغة جديدة لتقاسم السلطة تضعف نفوذ المسيحيين وتبدل جذرياً وجه لبنان وتركيبته لأن ذلك لن يحصل بل ان هذا المسعى سيقود الى حرب اهلية يخسر فيها الجميع ويرفضها كل الافرقاء.
وأوضح المسؤول الغربي “أن الدول الغربية والعربية المعنية مباشرة بالملف اللبناني، وعلى رأسها اميركا وفرنسا، تدرك، من غير ان تعلن ذلك صراحة، ان اي رئيس وفاقي حقيقي يتفق عليه الفريقان الاساسيان في النهاية سيكون في سياساته وتوجهاته اقرب الى التيار السيادي – الاستقلالي من غير ان يعادي “حزب الله” وحلفاءه. وعلى هذا الاساس تركز جهات اوروبية بارزة جهودها الديبلوماسية السرية على محاولة اقناع القيادة الايرانية تحديداً بأن الواقع اللبناني – الاقليمي يمنع ايران من ان تفرض على اللبنانيين انتخاب رئيس مرتبط بها وبحلفائها وبأن من المهم والحيوي انجاز الانتخابات ضمن المهلة الدستورية ودعم الخيار الواقعي المناسب الوحيد وهو التفاهم، من طريق باريس خصوصاً مع جهات اقليمية مؤثرة ومع فريق 14 آذار، على انتخاب رئيس وفاقي يعزز التقارب بين اللبنانيين ويحمي الدولة والبلد قدر الامكان من تداعيات الأزمة السورية التي تزداد خطورة لأن الرهان على الحسم العسكري اثبت فشله ولأن كوارث الحرب تهدد أمن المنطقة واستقرارها”.