Site icon IMLebanon

الغرب يحصد نتائج سياسته في المنطقة الفقر والقهر ولّدا الفوضى والإرهاب

 

من المسؤول عن توسع الارهاب واشتداد ساعده، ومن المسؤول عن عدم تنفيذ قرارات مجلس الامن الدولي التي صدرت لمكافحته، فصار مطلوباً الآن إصدار قرارات اخرى وعقد قمة لهذه الغاية، فضلاً عن قيام تحالف دولي يكتفي بضرب الارهاب من الجو وتركه يسرح ويمرح في البر؟

 

ثمة من يقول ان دولاً غربية، ولاسيما الولايات المتحدة الاميركية، هي المسؤولة عن تفشي الارهاب بحيث اصبح يهدد الدول نفسها التي غذته في وقت من الاوقات خدمة لمصالحها. فالأنطمة الاستبدادية والقمعية التي قامت في عدد من الدول، ولاسيما في منطقة الشرق الاوسط، كانت سبباً لنشوء الارهاب لأن هذه الانظمة خلقت الفقر والقهر لشعوبها وكان ذلك بداية ظهور الارهاب في البيئة الفقيرة والمقهورة والمضطهدة، لأنها لم يعد لديها ما تخسره اذا انتحرت وفضّلت الموت على حياة مذلة. وكان ذلك كافياً لقيام ثورات شعبية ضد هذه الانظمة ظن كثيرون انها ستكون بداية “الربيع العربي” واذ بها تتحول شتاء وخريفاً وفوضى عارمة لم تتوقف حتى الآن.

 

وبين انظمة استبدادية تعاونت معها بعض دول الغرب وساندتها، وثورة شعبية لم تساعدها هذه الدول على اقامة حكم ديموقراطي قوي فيها قادر على ارساء الامن والاستقرار والنهوض بالاقتصاد وتحسين الوضع المعيشي للشعوب، انضم المقهورون والمضطهدون في ظل الانظمة القمعية الى الشباب المحبط من ثورات فشلت في تحقيق طموحاتهم وتأمين العمل لهم، فكبر حجم الارهاب مع تعدد اشكاله وتنظيماته وراح يضرب في كل مكان وحتى داخل الدول التي شجعتهم على القيام بأعمال عنف خدمة لمصالحها، وهي اعمال ترتد عليها الآن ولا تعرف كيف تواجهها وتتصدى لها.

 

وثمة من يقول إن مكافحة الارهاب لا تكون بقرارات دولية ولا بعقد قمم ولا بغارات جوية، إنما بالتدخل بقوة للمساعدة على اقامة انظمة في الدول التي تسودها الفوضى والتي يخرج الارهاب منها، وتكون قادرة على وقفها وعلى جعل الاقتصاد ينمو في ظل الامن والاستقرار الثابتين والدائمين، لا أن يظل المجتمع الدولي يتفرج على ما يجري في العراق وسوريا واليمن وليبيا اعتقاداً منه ان هذا الوضع يخدم اسرائيل ويفرض على العرب والفلسطينيين سلام الاستسلام. وهو اعتقاد خاطىء لأن اسرائيل لن تبقى في منأى عن ارهاب يضرب في كل مكان مدفوعاً بالفقر والقهر والتعصب الديني.

 

إن التدخل عسكرياً براً وبحراً وجواً هو الذي ينهي الفوضى في دول المنطقة ويضع حداً للحروب الداخلية السياسية منها والمذهبية ويقيم انظمة ديموقراطية قوية قادرة على تنظيفها من اوكار الارهاب، بل تحسين معيشة الناس وخلق فرص عمل للعاطلين وتوفير الخدمات اللازمة للشعب، ويقيم حكماً عادلاً يساوي بين الجميع في تطبيق القوانين كي لا تشعر فئة بأنها من ابناء الجارية وفئة من ابناء الست، وهو ما يولّد القهر والاحباط والنقمة ويشجع على اعمال العنف، او على خلق بيئة حاضنة لها. وعلى المجتمع الدولي ان يتدخل ايضاً لتحقيق سلام عادل وشامل في المنطقة لأن عدم تحقيق هذا السلام هو الذي يولّد الشعور بالقهر والاحباط، وهو ما يعاني منه خصوصاً الشعب الفلسطيني منذ اكثر من ستين عاماً ولا يزال. فمنطقة الشرق الاوسط لن تنعم بالأمن والامان ما لم تحل القضية الفلسطينية حلاً عادلاً يقيم للشعب الفلسطيني دولة كسائر الشعوب، ولا يظل هذا الشعب لاجئاً في عدد من الدول ويشكل عبئاً عليها، خصوصاً اذا توطنوا فيها في حال تعذّر إقامة دولة لهم.

 

الواقع ان الارهاب لا يكافح بالقوة العسكرية فقط، بل باقامة انظمة عادلة تسهر الدولة فيها على راحة شعوبها والعمل على تحسين مستوى معيشتها، لأن الارهاب الذي يولد من بيئة الفقر والقهر والظلم والاستبداد لن يقضى عليه بقوة السلاح ولا بأنظمة قمعية مستبدة، بل بأنظمة تهتم بأولويات الناس وتجعلهم مسالمين وموالين لها وليسوا ناقمين ومتمردين عليها بفعل القهر الذي يولّد التمرد والفقر الذي يولّد الجوع، والجوع كافر يولّد التكفيريين والملحدين.