Site icon IMLebanon

الغموض «يحكم» مرحلة ما بعد الإبراهيمي في سوريا

 

لا تزال مصادر ديبلوماسية في نيويورك تجهل إذا كان سيبرز شيء إلى الواجهة يسمى مرحلة ما بعد الموفد العربي والدولي لحل الأزمة السورية الأخضر الإبراهيمي أم لا.

ويرتبط وجود مثل هذه المرحلة بمعاودة العملية السياسية، وما إذا كانت فعلاً ستستجد استكمالاً للبحث السياسي أم لا، ومتى سيتم ذلك. من المؤكد أن الحرب ليست هي الحل ولا يمكن أن تستمر هكذا، لكن المستقبل غير واضح. هناك انتظار داخل الأمم المتحدة لانعكاسات نتائج الانتخابات السورية ومن ثم سيُتخذ قرار حول تعيين خلف للابراهيمي بناء على مسار العملية السياسية ومن يستطيع القيام بدور الوساطة بين السوريين والتحدث مع الجميع. «من سيخلف الابراهيمي؟» سؤال لا يزال من المبكر إيجاد جواب عليه، والموضوع غير محسوم. كما أن هناك انتظاراً لمسار التطورات على الأرض في سوريا.

واستقالة الابراهيمي لم تكن أمراً مفاجئاً للدول الكبرى، في مقدمها الولايات المتحدة وروسيا والأمم المتحدة، ولا لأي دولة اقليمية تهتم بالشأن السوري. وكانت متوقعة لأنه، وفقاً لمصادر ديبلوماسية أخرى، لم يتمكّن من التوصل في الحل الى أي مكان، فضلاً عن التشكيك بدوره من النظام. إلا أن موسكو تعتبر أن أهم إنجاز للإبراهيمي كان عقد مؤتمر «جنيف 2».

وموسكو تنتظر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون لكي يسمي خلفاً للابراهيمي، وأن يحصر المرشحين باثنين أو ثلاثة، أي لائحة مصغّرة، فعندها تعطي موسكو وواشنطن رأييهما بالاسم المطروح.

هناك أسماء مطروحة لخلافته مثل خافيير سولانا، ومايكل وليمز، وميغيل انخل موراتينوس، وكمال مرجان وزير خارجية ودفاع سابق في تونس، وهو كان متردداً لقبول المنصب. وهناك توقعات دولية بأن يشغل أي خلف للابراهيمي منصب مبعوث للأمم المتحدة فقط من دون أن يكون مبعوثاً للجامعة العربية، بسبب الاشكالات والتباينات التي حصلت بين مطالب الجامعة ومطالب الأمم المتحدة. وبات الأمين العام للمنظمة الدولية يفضل وجود مبعوث خاص للمنظمة فقط.

لكن هذا التوجّه سيضع علامات استفهام كبيرة حول ما إذا كانت الجامعة ستستطيع تعيين مبعوث خاص بها للحل في سوريا في ضوء مواقف النظام من الجامعة ومن الدول الخليجية. إذ إن النظام قد يرفض استقباله ودخوله الأراضي السورية. العرب حتى الآن يقومون باتصالات لكي يكون الموفد الدولي الجديد مثل الابراهيمي بتمثيله، أي الأمم المتحدة والجامعة العربية، إلا أن هذه الاتصالات لم تنجح. وأي موفد عربي فقط، لن يمكنه أن يؤدي دوراً في الحل في ظل معارضة النظام له، مع الاشارة الى أن العرب، وعبر الابراهيمي أو أي ممثل مشترك، كانوا يستطيعون الاطلاع مباشرة على تفاصيل على الأرض وفي خلفيات المواقف السياسية من خلال عمل الموفد المشترك. وإذا لم يعد لديهم موفد يعني ان التزود بالمعلومات والدور في الحل سيتأثران.

وليس هناك في الأفق السياسي أي بوادر حل للأزمة السورية، التي تراجعت الى المرتبة الثانية في الاهتمام الدولي بعد أزمة أوكرانيا والتي باتت الأزمة الأولى عالمياً، لأنها في قلب أوروبا، ولها تداعيات على أوروبا كلها.

وأي موفد دولي جديد، سيواجه صعوبات وعقبات متعددة ومتشعبة في مهمته. وهذا يعود الى أن لا قرار دولياً أميركياً روسياً في حل ما.

مصدر قوة الموفد الجديد هو في التوافق بين الدولتين الكبريين على حل معين. التوافق غائب حالياً، ومرشح لأن يبقى غائباً في المدى المنظور، وبالتالي لن تكون للموفد الجديد إنجازات كثيرة ليحقّقها في غياب أفكار معينة عن حل مرتقب ومتوافق عليه.

وبات واضحاً، بحسب المصادر، أن موسكو ستبقى تتسلّح بحق النقض «الفيتو» ضد أي قرار في مجلس الأمن يفرض على سوريا ضمن الفصل السابع، أو يأخذ سوريا الى المحكمة الجنائية الدولية.

بعد زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأخيرة للصين وتوقيع الاتفاقية الضخمة حول الغاز، تحسن موقع روسيا تجاه الغرب، إنها اتفاقية بـ400 مليار دولار على 30 سنة، ووصفت الاتفاقية بالتاريخية، إذ ستريح موسكو من وطأة الضغوط والعقوبات الغربية.

كما شكّلت رسالة روسية الى الغرب، حيث إن ثاني اقتصاد في العالم، أي الصين، يتفق مع ثاني قوة عسكرية في العالم، أي روسيا، فضلاً عن أن الامتدادين البشري والجغرافي للبلدين يشكلان ضغطاً على الغرب، ويؤكد أن لروسيا بدائل وان العقوبات لم تعد فاعلة، نظراً الى الدعم الاقتصادي الذي يبرز من جراء هذه الاتفاقية.

الشخصية التي ستأتي خلفاً للابراهيمي يفترض أن تقدّم شيئاً اضافياً في المسألة. ويفترض لدى تسلمها مهمتها أن تضع تصوراً للحل وآليته، وطريقة الوصول إليه، لكن أي مسار سياسي يبقى محكوماً بالتوافق حوله بين الدولتين الكبيرتين.