الوصول إلى بعبدا يحتاج إلى تفاهم إقليمي
الفاتيكان يستطلع الفرص الرئاسية.. ولا يبادر
في مطلع شهر شباط الماضي، أي قبل اسبوعين من ولادة الحكومة الحالية، توجه كل من السفير الاميركي دايفيد هيل والممثل الخاص للامين العام للأمم المتحدة في لبنان ديريك بلامبلي الى السعودية وتوجه موفد رئاسي فرنسي الى ايران، وكانت الاعجوبة الحكومية بتوازنات دقيقة وبأسماء وحقائب لم يكن أحد يتصور قبول هذا الفريق أو ذاك بها.
آنذاك كان قد مرّ على تكليف تمام سلام 10 أشهر و9 أيام من دون أن ينجح في تشكيل الحكومة.
يستدل من تلك المحطة أن تشكيل الحكومة تمّ عبر مرحلتين: داخلية استمرت أكثر من 10 أشهر، وخارجية لم تتجاوز الأسبوعين.
وإذا اعتمدت هذه المعادلة في انتخابات رئاسة الجمهورية لإنهاء الشغور المستمر منذ شهرين، يمكن القول إن الاستحقاق ما زال في عهدة المرحلة الداخلية التي يبدو أنها ستمتد لأشهر، وهو ما يطرح السؤال عن موعد بدء المرحلة الخارجية، وما إذا كانت بحاجة الى حدث كبير يفرض نفسه ويدفع الى انتخاب رئيس وفاقي خارج الترشيحات الاساسية المعلنة أو غير المعلنة، ام ان الامور ستبقى معلّقة على نتائج تطورات المنطقة؟
يقول أحد الديبلوماسيين ان العماد ميشال عون لم يقطع الامل من تطور اقليمي يفرض تقارباً سعوديا ـ إيرانياً يؤدي الى عقد اتفاق مع تيار «المستقبل»، يمهد لوصوله الى سدّة الرئاسة، «وهذا الامل ما زال موجودا عند «الجنرال»، وثمة اشارات صريحة مررها الرئيس سعد الحريري في خطابه الرمضاني الاخير بقوله أن لا «فيتو» على أي من المرشحين، برغم وجود تيار في «المستقبل» ضد عون يقابله تيار يتمسك بالحوار مع عون من منطلق براغماتي».
يضيف الديبلوماسي «في ظل هذا الواقع، لا أحد يستطيع اقناع عون بأن وصوله الى سدّة الرئاسة صعب، ولكن الأصعب أن لا أحد بمقدوره اقناع «الجنرال» بوجوب بدء التفاوض على اسم ثالث، خصوصا وانه يبدو مطمئنا اكثر من أي وقت مضى الى أن فرصه الرئاسية لم تنعدم بل هي ترتفع في ظل الشغور الرئاسي».
متى تبدأ المرحلة الدولية، اي التدخل الخارجي الجدي لإنجاز الاستحقاق الرئاسي؟
يشير الديبلوماسي نفسه الى ان عددا من السفراء الغربيين، لا سيما سفراء الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وممثل الأمين العام للامم المتحدة في لبنان، يقدرون ان تدخلهم لن يكون له تأثير طالما أن عون يرفض التفاوض على اسم ثالث. كما يضعون في الحسبان أن أي تفاهم رئاسي يحتاج الى تفاهم مسبق بين السعودية وايران واميركا والى حد ما سوريا، ويضيف: «الاشارة الى سوريا قد تفاجئ البعض لكن حقيقة التأثير السوري واضحة في الشأن الرئاسي وثمة قرار ايراني واضح بهذا الصدد عبر عنه الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله».
يشير الديبلوماسي الى أن هذه الدول لم تبدأ مشاوراتها الرئاسية «حتى الآن بسبب التطورات العراقية الخطيرة ومن ثم تطورات غزة، لكن هل هناك طرف خارجي قادر على خوض جولات مكوكية بين ايران والسعودية وسوريا واميركا؟ لا يوجد، واذا وجد من سيكون؟ هل الفاتيكان مؤهل لهذه المهمة؟ لا احد يعلم، برغم الحديث عن حراك فاتيكاني استطلاعي وليس وفق مبادرة محددة».
ويعتبر الديبلوماسي ان الرهان على امكان وصول ميشال عون أو سمير جعجع الى سدّة الرئاسة، «هو رهان يستدرج المزيد من الشغور، لأن لغم تفجير احتمال انتخاب عون جُهّز آذاريا سلفاً بترشيح جعجع، وهناك احتمال وحيد يمكن ان يجعلهم ينتخبوا عون وهو اذا كانت السعودية مع قوى 14 آذار يريدون التآمر مع عون على «حزب الله»، وهذا ما لن يحصل عونيا».