الانطباع العام السائد بعد اعلان 14 آذار مبادرتها حول الازمة الرئاسية، انها أرادت تظهير موقفها المعلن سابقاً على لسان قياديين واعضاء فيها لاسباب وحسابات عديدة منها ما يتصل بأحوال بيتها الداخلي، ومنها ما يتعلق بتداعيات هذه الازمة على الوضع العام.
ويبدو وبحسب مصادر في 8 اذار انه لا يوجد اي تفسير لتوقيت هذا الاعلان سوى انتهاز مناسبة الجلسة الحادية عشرة التي كانت مقررة لانتخاب الرئيس لاطلاق المبادرة المذكورة من باب العلم بالشيء واضفاء جو من الحركة والمشهدية على حضور هذا الفريق للمجلس في كل جلسة، مع العلم ان هناك كتلتين بارزتين تحضران ايضاً: كتلة التنمية والتحرير، وكتلة النائب جنبلاط.
ويقول أحد اعضاء «تكتل التغيير والاصلاح» ان مثل هذه المبادرة لا تحتاج الى اعلان اصلاً، وان من يريد المبادرة لعمل شيء ما لا يحتاج الى مثل هذا المشهد الكرنفالي، فهو يستطيع المباشرة بالتحرك الذي يراه مناسباً لمناقشتها، ويستدرك المصدر العوني ليقول، اصلا ما اعلنه الرئىس فؤاد السنيورة محاطا بنواب من 14 آذار ليس جديداً ولا يمكن وصفه بالمبادرة، والابرز ما فيه انه يؤكد بأن ترشيح سمير جعجع يستهدف اولا وأخيراً العماد عون لما يمثله من وزن سياسي وشعبي مسيحي راجح ومواقف تعزز موقع رئاسة الجمهورية.
وبغض النظر عن اسباب واهداف اعلان 14 آذار لهذه المبادرة، فان ما نقل عن لسان الرئيس بري حول توقف تحركه المشترك مع النائب جنبلاط بشأن الاستحقاق الرئاسي وترك المجال لما ستؤول اليه حركة هذا الفريق يعطي انطباعاً بأن الامور ما تزال امام طريق مسدود، وان قصر بعبدا سيبقى ينتظر الرئىس الجديد لفترة طويلة.
واذا كانت حركة الاتصالات التي اعلن عنها السنيورة في سياق المبادرة الرئاسية محكوم عليها بالفشل سلفاً خصوصا بعد الموقف الصادر عن عون وكتلته، فان الافق يبدو مسدوداً امام اي مسعى داخلي جديد لحل رموز ازمة الانتخابات الرئاسية.
من هنا، ترى مراجع مطلعة ان هذه الازمة مرشحة لأن تبقى مفتوحة الى ما بعد ايلول وربما التشرينين، من هنا اخذت تتسع دائرة المخاوف من فراغ شامل اذا ما تعذر اجراء الانتخابات النيابية، وهذا أمر شبه مؤكد، أو لم يحصل التمديد للمجلس.
وفي «لقاء الاربعاء» امس دقّ الرئيس بري ناقوس الخطر من الفراغ المؤسساتي الذي يمتد الى تفاصيل اخرى منها على سبيل المثال هذا الانحدار والانهيار في كل شيء حتى وصل الامر الى تسييج بعض الشواطئ والتمادي في مثل هذه الممارسات غير الشرعية.
ويقول احد النواب الذين حضروا اللقاء هناك جو واضح لمسناه من رئيس المجلس يدل على خطورة وعمق الازمة في البلاد، وهذا ما جعله يستخدم عبارة «دق ناقوس الخطر».
وفي ضوء هذه الوقائع والمعطيات تعتقد مصادر سياسية بارزة ان البلد صار بحاجة لمبادرة اكبر وأشمل من موضوع الرئاسة، مبادرة تطرح الحلول للازمات الاخرى تبدأ من تسليح الجيش لمواجهة الارهاب وتنتهي بوضع استراتيجية وطنية تعمم المقاومة الى جانب المؤسسة العسكرية والقوى الامنية في التصدي للخطرين: العدو الاسرائيلي والارهاب.
وتضيف المصادر ان المرحلة المقبلة مرشحة لأن تشهد حركة باتجاه مبادرة شاملة لا تقتصر على الملف الرئاسي، مشيرة الى أن الاجواء والمناخات الداخلية والخارجية تؤكد استحالة حل ازمة الانتخابات الرئاسية في ظل استمرار هذه المراوحة في المواقف والاصطفافات السياسية، وان التفتيش عن فك رموز الازمات الاخرى والتوافق حول الحلول المطروحة لها ربما يكمل عناصر مبادرة الحل الشامل لتفادي الفراغ الذي بات خطراً واقعياً.