الشغور، الفراغ، التعطيل، الشلل، كلمات تتردد على مسامع اللبنانيين والعالم منذ الاسبوع الفائت، وتحديدا منذ السبت الماضي، عندما غادر الرئيس ميشال سليمان قصر بعبدا من غير ان يسلم الامانة الى خلف، واقفل معه القصر جزئيا، واطفئت نافورة المياه في باحته، في انتظار ان يتفق الاطراف الداخليون المؤثرون، بقرار منهم، او بايحاء خارجي، على انتخاب البديل، لتدب الحياة فيه مجددا. والتعطيل الذي بدأ منذ 25 أيار من المرجح ان يتمدد في ظل اصرار كل فريق على موقفه وشروطه، وهو ما عبر عنه الاحد الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله، والاثنين رئيس “تكتل التغيير والاصلاح” النائب ميشال عون متمسكا بخطة وحيدة لا بديل منها، يأمل في ان تحمله الى موقع الرئاسة الاولى.
وقد تسلل الخلل امس الى مجلس النواب الذي افتقد النصاب مجددا، كما التوافق، على اقرار سلسلة الرتب والرواتب. واذ حدد الرئيس نبيه بري موعدين جديدين لانعقاد المجلس، في 9 حزيران للانتخاب، وفي 10 منه للتشريع، بات مؤكداً ان النصاب لن يتأمن في ظل اصرار مسيحي على عدم المضي في التشريع قبل انتخاب رئيس. وهذا الموقف الذي اجمع عليه نواب “التيار الوطني الحر” وحزب الكتائب اللبنانية ومسيحيو 14 آذار، ايده “تيار المستقبل” متضامناً.
والتباين بين مكونات المجلس حيال السلسلة استرعى الانتباه، اذ قال وزير المال علي حسن خليل إن “لا عودة الى اللجان المشتركة ولا الى اللجنة الفرعية لان المشروع اصبح في الهيئة العامة وقطع شوطا كبيرا في اقرار الكثير من المواد وليست هناك أي عودة الى الوراء”.
14 آذار
وعلّق مصدر نيابي في قوى 14 آذار لـ”النهار” على ما قاله حسن خليل فتساءل: “لماذا ارجأ رئيس مجلس النواب نبيه بري جلسة السلسلة الى العاشر من حزيران؟ اوليس هذا من اجل الافساح في المجال لمشاورات تؤدي في النتيجة الى بلورة تصوّر مشترك يفضي الى اقرار مشروع السلسلة؟”. ورأى المصدر “ان الاكثرية النيابية مع مشروع معقول للسلسلة وهي تضم كل مكونات 14 آذار و”تكتل التغيير والاصلاح” و”جبهة النضال الوطني” كما كانت كتلة الرئيس بري بهذا التوجه ايضا. واذا جرى البحث مجددا في الموضوع ففي الامكان ايجاد حل لاقراره بمادة وحيدة وسط قبول بانعقاد المجلس ضمن مبدأ “استثناء الضرورة”.
عدوان
وعلمت “النهار” ان النائب جورج عدوان أبلغ رئيس المجلس اقتراحا للخروج بحل لموضوع سلسلة الرتب والرواتب يقضي بان تبحث اللجنة الفرعية، التي يجب ان تتوسع لتضم ممثلا عن “حزب الله”، بالبحث مع وزير المال في الارقام الواقعية للسلسلة ومن ثم اعداد مشروع لاقراره بمادة وحيدة في الجلسة النيابية العامة، مع ضمان عدم تحريك الشارع لاحقا ضد ما سيتفق عليه. ولم يتلق عدوان جوابا عن الاقتراح.
بري
وكانت المفارقة ان الرئيس بري لم يحضر أمس الى المجلس، ربما لعلمه علم اليقين بالنتيجة المعروفة سلفا لعدم اكتمال النصاب، بعدما تظهرّت مواقف الكتل في الايام الماضية، لكنه اكد امام زواره مساء أمس انه سيكرر الدعوة الى النواب لحضور الجلسات “حتى لا أسجل سابقة. ويكرر المقاطعون ما حصل عند استقالة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي. والآن انتقل هذا الامر الى الضفة الثانية واصبحت القوى السياسية والنيابية المسيحية تعتبر ان من حقها مقاطعة جلسات المجلس لان سواها قاطع واقدم على هذا الفعل. اما من جهتي، فسأظل ادعو الى جلسات، وجلسة 10 حزيران المقبل هي لسلسلة الرتب والرواتب. انا لا اقتنع بما يشيعه البعض ويعلنه على طريقة انه يحضر من اجل هذا السبب او ذاك، وفريق آخر قال انه يشارك اذا جرى الاتفاق على السلسلة خارج المجلس وانه يحضر عند الضرورة. وهذه الضرورة يختلف مفهومها وتصورها بين فريق وآخر وكل يطرح الامر من منظاره في حين ان التشريع يجب ان يكون قائما في كل حال. وان مقاطعة المجلس تؤدي الى نتائج خطرة وتعطل سلطة الرقابة التي يمارسها على الحكومة مما يجعل الاخيرة حكومة تصريف اعمال”.
وأوضح انه حدد موعد 9 حزيران لانتخاب رئيس للجمهورية لانه “لم يلمس الى الان وحتى ذلك التاريخ احتمال التوصل الى اتفاق ما” ولا يمكن أحداً او طرفين ان ينجزا الاستحقاق او اي امر اخر من دون اتفاق الجميع، والتجارب دلت على ذلك. ان الانتخابات الرئاسية ستبقى اولوية لدي ولذلك حددت جلسة انتخاب رئيس قبل جلسة السلسلة”.
وسئل: هل فرصة لبننة الاستحقاق لم تعد متوافرة؟ اجاب: “هذه الفرصة لم تنته بعد والشغور في موقع رئيس البلاد يعرضها للخطر كما التدخلات الخارجية والتي بدأت بالظهور اخيرا من خلال بعض المواقف”.
المشنوق
وتراقب الاوساط السياسية ما ستؤول اليه اوضاع الحكومة التي يتخوف رئيسها تمّام سلام من انعكاس الوضع السياسي العام على عملها. وفي هذا الاطار ابلغ وزير الداخلية نهاد المشنوق “النهار” ان جلسة عادية لمجلس الوزراء ستعقد بعد غد الجمعة في السرايا هي الاولى بعد انقضاء ولاية الرئيس ميشال سليمان. ووصف بنود جدول اعمال الجلسة بأنه “عادي”، من غير ان يستبعد ان تطرح في الجلسات المقبلة تعيينات جديدة.
كما قال ان اللجنة الوزارية التي شكلها مجلس الوزراء في آخر جلساته في بعبدا والمكلفة اقرار خطوات اجرائية في ملف اللاجئين السوريين والتي تضم وزراء الداخلية والخارجية والشؤون الاجتماعية ستعقد اجتماعها الاول في السرايا الاثنين المقبل برئاسة الرئيس سلام.
لا خوف
في المقابل أكد وزير معني لـ”النهار” عدم تخوفه من حوادث امنية “لان لا رغبة لدى اي طرف داخلي في العبث بالامن، ولا مصلحة. واي خلل امني يكون مصدره الخارج، وبما ان هذا الخارج صار مكشوفا، فاني استبعد حاليا هذا الافتراض”.
وفي الشأن السياسي قال: “ان لا رغبة لدى الحكومة في الحلول محل رئيس الجمهورية وانها ستمارس صلاحياتها ولن تتعداها الا بما هو ضروري جدا لمصلحة البلاد العليا، وهو ما اراده الرئيس سليمان باصداره مرسوم فتح دورة استثنائية لمجلس النواب لضمان عدم شلل عمل المؤسسات”.
الشأن المطلبي
وربما انحصر عمل الحكومة في المرحلة المقبلة في تسيير امور المواطنين ومحاولة تجنب الانعكاسات السيئة لتعطل المؤسسات. وسيكون أول التحديات الامتحانات الرسمية التي اكد وزير التربية الياس بوصعب مواعيدها لكنه ربط اجراءها بهيئة التنسيق النقابية التي اعترضت ورفعت الصوت وأمهلت المجلس الى 7 حزيران المقبل موعد الامتحانات الرسمية للشهادة المتوسطة.
أما الجامعة اللبنانية، فأصابها شلل بسبب اضراب ينفذه اساتذتها ليومين احتجاجاً على عدم اقرار مجلس الوزراء ملف تفرغ الاساتذة المتعاقدين وبت مجلس العمداء. وقد رمى وزير التربية الكرة في ملعب القوى السياسية التي تستطيع وحدها بت أمر السلسلة وتالياً مصير الطلاب وتحمل المسؤولية بالنسبة الى ملف الجامعة .
وقد سارع وزير البيئة، القريب من رئيس الوزراء، محمد المشنوق الى الرد على زميله بوصعب فقال: “إن هذه الاشارات تؤكد أن ما حاول الوزير بوصعب طرحه على مجلس الوزراء لم يكن ملفاً متكاملاً حسب الأصول ولم يكن في استطاعة مجلس الوزراء أن يعرف ما إذا كانت أسماء المظلومين هي التي تشكل الفارق بين ما طرح على البعض من أسماء كانت في حدود 600 اسم فباتت في ملف الوزير تناهز الألف”.