Site icon IMLebanon

«الفراغ» يقطِّع الدولة: مواجهة بين المصارف والسياسيين أمام القضاء

«الفراغ» يقطِّع الدولة: مواجهة بين المصارف والسياسيين أمام القضاء

التوتر في المخيمات يداهم الخطط الأمنية .. واعتراض الكتائب يهدّد التفرّغ اليوم

 باستثناء البوصلة الأمنية التي تعمل في الاتجاه الصحيح، في حرب استباقية ضد العناصر المتطرفة والارهابية، يبدو الوضع السياسي مرشحاً للاستمرار في مرحلة أبعد من انعدام الوزن في ما خصّ التفاهم على انتخاب رئيس جديد للجمهورية، أو إعادة ترتيب الأولويات في مرحلة معقدة اقتصادياً ومالياً، في ضوء إصرار الكونغرس الأميركي فرض عقوبات مصرفية ضد «حزب الله»، على خلفية تدخله في سوريا، واعتبار أن الاجراءات الأميركية ترمي الى تعطيل قدرته على تمويل «أنشطته الإرهابية العالمية»، وفقاً لقانون الخزانة الأميركية.

وإذا كانت السفارة الأميركية في بيروت ساهمت بالتنسق مع جمعية المصارف، بإبعاد كأس العقوبات عن المصارف اللبنانية التي تلتزم أعلى المعايير المستخدمة في مكافحة تبييض الأموال والأموال غير المشروعة المصنفة إرهابية، فإن مشهد الاشتباك المصرفي – النيابي أمام قصر العدل، طرح أكثر من علامة استفهام حول انعكاسات تصفية الحسابات على العلاقة بين القطاع المصرفي الذي يشكّل دعامة استمرار متانة النقد والمجلس النيابي أمّ السلطات، على خلفية تمويل سلسلة الرتب والرواتب والاقتراحات التي جرى تداولها بفرض ضريبة على الأرباح المصرفية والفوائد، وسط أسئلة غير واضحة الإجابة عن استمرار تمويل حاجات القطاع العام، حيث تشحّ الموارد، وتواجه المالية العامة أزمة تمويل ونقل اعتمادات وسدّ العجز، بعدما غابت الموازنة منذ العام 2005 الى السنة الحالية، وربما أبعد.

ولم يكن المشهد المضطرب مقتصراً على هذا الفصل، بل كانت ساحة النجمة تشهد مبارزة فارغة من المضمون بين نواب التكتل العوني ونواب «القوات اللبنانية»، قبل وبعد الإعلان عن جلسة تاسعة لانتخاب رئيس الجمهورية في 23 تموز من دون حضور الرئيس نبيه بري الى المجلس، والاكتفاء ببيان الدائرة الإعلامية بتأجيل الجلسة الثامنة لعدم اكتمال النصاب.

وقطع هذا التجاذب في البرلمان مؤتمر صحافي لرئيس حزب القوات سمير جعجع اتهم فيه العماد ميشال عون بأنه «غير منفتح إلا على انتخابه رئيساً للجمهورية»، ودعاه الى الترشح بشكل عادي والتنافس معه في مجلس النواب، بدلاً من طرح تعديلات دستورية في وقت هناك فراغ رئاسي مستمر منذ شهر ونصف الشهر، معتبراً أن إجراء انتخابات نيابية تبقى أفضل من الوقوع في فراغ رئاسي ونيابي على حدٍّ سواء.

وفي تقدير مصادر نيابية أن تأخير الجلسة المقبلة ثلاثة أسابيع، هو أشارة أعطاها الرئيس نبيه بري الذي يستعد لإجراء جولة جديدة من المشاورات السياسية بغية الوصول الى خرق ما في جدار الأزمة الرئاسية، إلا أن أي حراك، أكان في العلن، أو في الكواليس لن يبصر النور قريباً، وخصوصاً بعد طرح عون الذي قوبل بانتقادات واسعة لجهة التوقيت والمضمون من قبل نواب 14 آذار في المجلس، فيما تحاشى معظم نواب الثامن من آذار الدخول في حيثياته، بما في ذلك حركة الرئيس بري نفسه، والتي قد لا تؤدي سوى الى التمديد للمجلس النيابي الحالي.

السلسلة وملف الجامعة

 وعلى هامش الجلسة التي لم تنعقد، عقد لقاء بين الرئيس فؤاد السنيورة والنائب بهية الحريري من جهة ووزير التربية الياس بوصعب من جهة ثانية، لبحث ملف سلسلة الرتب والرواتب، في وقت كانت هيئة التنسيق النقابية تعتصم أمام وزارة الاتصالات، على مقربة من المجلس، وتعلن متابعة معركة إقرار السلسلة حتى الرمق الأخير، ورفض فرض أية ضرائب جديدة، بما في ذلك الضريبة على القيمة المضافة T.V.A.

وفهم أن اجتماع السنيورة – بوصعب انتهى الى اتفاق على اجتماع يعقد نهاية الأسبوع لمتابعة الموضوع، في إشارة الى أن أي تقدم لم يحصل على هذا الصعيد، في حين حصل تقدّم جوهري على صعيد إقرار ملف التفرّغ لأساتذة الجامعة اللبنانية بالتلازم مع إقرار ملف تعيين العمداء، خلال جلسة مجلس الوزراء اليوم.

الا أن معلومات تحدثت عن اعتراض لوزراء حزب الكتائب على ملف التفرغ في الجامعة من شأنه أن يُهدّد اقراره في الجلسة اليوم.

وأبلغ وزير العمل سجعان قزي «اللواء» أن ملف الجامعة يجب أن يخضع للكفاءة وليس للمحاصصة، مؤكداً أن للحزب اعتراض على الملف، وليس ملاحظات، بحسب ما ذكرت معلومات اشارت إلى أن ملاحظات وزراء الكتائب تنطلق من ضرورة دراسة الملف قبل بته، وانه ليس من نية لعرقلة الملف بل طلب دراسته ومعرفة التفاصيل المتصلة به وبالأسماء المقترحة.

غير أن مصدراً وزارياً كشف لـ «اللواء» بأن جهات دخلت على الخط للوصول إلى تفاهم بين الوزير بو صعب والنائب سامي الجميل من أجل تمرير ملف الجامعة في مجلس الوزراء اليوم.

الأمن

 على الصعيد الأمني، تزاحمت الملفات امام الاجتماع الذي انعقد في السراي، برئاسة الرئيس تمام سلام، وحضور وزيري الدفاع والداخلية سمير مقبل ونهاد المشنوق وقادة الاجهزة الأمنية الذين حضروا جميعهم في الاجتماع الذي هو الثاني من نوعه بعد الشغور الرئاسي، والذي يقوم مقام المجلس الأعلى للدفاع.

في مستهل الاجتماع وضع قائد الجيش العماد جان قهوجي المجتمعين في أجواء العملية التي نفذتها مخابرات الجيش في شارع عفيف الطيبي في الطريق الجديدة وانتهت بتوقيف مشتبه به برفقة امرأة، وأحيلا إلى التحقيق، وذلك في إطار الإجراءات الاستباقية التي تعطيها الأجهزة الأمنية الأولوية في إحباط المخططات الإرهابية قبل وقوعها.

كما اطلع من العماد قهوجي حول الوضع في محيط المخيمات في ضوء تكرر الحوادث والاشكالات المتنقلة من مخيم إلى آخر حول بيروت وصيدا والشمال.

وتكلم في الاجتماع المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء إبراهيم بصبوص عن الإجراءات المتخذة لحماية سجن رومية من احتمالات تعرضه لهجوم انتحاري، مشيراً إلى أن المعطيات الأمنية تفيد ان الخلايا الإرهابية النائمة هي اكثر مما كان متوقعاً.

وأشارت المعلومات إلى أن المجتمعين قيموا الوضع الأمني وما توصلت إليه التحقيقات في الأعمال الإرهابية الأخيرة، ولا سيما التفجيرين اللذين وقعا في الطيونة وفندق «دي روي»، كما جرت مناقشة الخطط الأمنية المقرّر تنفيذها ولا سيما في بيروت.

وأعلن الوزير مقبل لـ «اللواء» أن الأجهزة الأمنية على اختلافها في كامل الجهوزية واليقظة للتصدي لأي أعمال إرهابية، مؤكداً ان اجتماع السراي تناول التطورات الأمنية التي حصلت مؤخراً، وخلص إلى التأكيد بأن هذه الأجهزة ساهرة على امن البلد والمواطنين، وهي تتحلى بأعلى درجات اليقظة والتنبه.

ودعا مقبل جميع الأفرقاء والسياسيين إلى التضامن والتكاتف بهدف التصدّي للمشاكل التي تحدث في لبنان.

وإذ لفت إلى أهمية التنبه لأي مخططات مشبوهة، يراد تنفيذها ضد لبنان، أقرّ بأنه لا يمكن ضبط العمليات الإرهابية بنسبة مائة في المائة، وقال: أي بلد في العالم يملك جهوزية عالية وجيشاً قوياً لا يمكنه ضبط عمليات الإرهاب، واصفاً هذه القضية بالخطيرة جداً، لكنه دعا في الوقت نفسه الى عدم الهلع والخوف، مؤكداً أن المطلوب الثقة بالجيش والقوى الأمنية للمواجهة ومحاربة ظاهرة الإرهاب.

ورداً على سؤال بشأن تنفيذ الخطة الأمنية في بيروت، أجاب مقبل: «هذه الخطة ستنفذ كما جرى تنفيذ الخطط الأمنية في جميع المناطق اللبنانية، نافياً أن يكون قد حدّد أي موعد لانطلاقتها، مشيراً إلى أن هذه المسألة تكتسب الطابع السري، شأنها شأن باقي الخطط التي نفذت».

غير أن معلومات تحدثت بأنه يجري تفكير بفصل خطة بيروت عن المخيمات، باعتبار أن لها وضعاً خاصاً.

إشكالات المخيمات

 وفي سياق أمني متصل، أفاد مكتب «اللواء» في صيدا انه سمع، أمس، إطلاق نار في مخيم عين الحلوة، تبين انه ناجم عن اشكال وقع بين عبد سلطان ومحمّد شربدي في منطقة الصفصاف في الشارع الفوقاني للمخيم، على خلفية تداعيات محاولة الاغتيال التي تعرض لها نجل عبد سلطان (محمود) مساء الأحد الماضي على يد مسلحين في المخيم، حيث ما زال يتلقى العلاج في مركز لبيب الطبي في صيدا، من دون أن يفد عن وقوع اصابات في حادث الامس.

وفي حادث منفصل، شهد مخيم المية ومية إشكالاً بين محمود رابح ومروان عباس تطوّر الى إطلاق نار ما أدى الى إصابة عباس برجله وشخص آخر من التابعية السورية، ونقلا إلى المستشفى للعلاج، في حين عملت القوى الفلسطينية على ضبط الوضع في المخيم لمنع تطوره.

 … ومخيمات في عكار

 من جهة ثانية، كشفت معلومات بأنه يجري في عكار إنشاء مخيمات جديدة للنازحين السوريين، مشيرة إلى ان جمعيات خيرية وانسانية، وبمبادرات فردية تنوي بناء خمسة الاف خيمة في المرحلتين الثانية والثالثة، لكن قناة «المنار» التي كشفت هذه المعلومات لم تشر إلى مكان إقامة هذه المخيمات.

وأوضح وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس لـ «اللواء» إن الدولة اللبنانية غير معنية بهذه المخيمات ولا تقبل بإنشاء أي مخيمات، لافتاً النظر إلى ان هذه المخيمات تقام بدون علم الدولة، كاشفاً بأن الحكومة لم تستطع اتخاذ قرار بتنظيم الوجود السوري في لبنان، نظراً للخلاف الحاصل داخل مجلس الوزراء في هذا الشأن، حيث تم ابلاغنا بموقف واضح من قوى 8 آذار بأن أي قرار له علاقة بالمخيمات في لبنان لن نقبل به.

ورداً على سؤال عن سبب عدم وجود أي إدارة للدولة في هذه المخيمات العشوائية، لاحظ الوزير درباس ان هذا الأمر من مسؤولية وزارة الداخلية، وقال «أنا كوزير للشؤون الاجتماعية لست مستعدً لأن أقوم بأي شيء من دون قرار مجلس الوزراء».