Site icon IMLebanon

الفراغ

مع دخول البلاد في العشرة أيام الأخيرة من المهلة التي حدّدها الدستور لانتخاب رئيس للجمهورية يحلّ محل الرئيس ميشال سليمان الذي تنتهي ولايته ليل 24-25 أيار الجاري، ما من مؤشّر بعيد أو قريب يدل على حصول تبدّل في مواقف الطرفين المعنيين بهذه الانتخابات من شأنه إحداث خرق في الجدار السميك القائم بين الطرفين يتوسّع ليصل الى النتيجة المتوخاة وهي إنتاج رئيس صناعة لبنانية كما تنصح أكثر من دولة عربية وغربية، ومنها على سبيل المثال لا الحصر المملكة العربية السعودية وفرنسا ولاحقاً الولايات المتحدة الأميركية التي يتفق أكثر من مصدر لبناني على أن سفيرها في لبنان قد أبلغ كل من يعنيهم الأمر أن بلاده لن تدخل أو تتدخّل في لعبة الأسماء وأن كل ما تتمناه هو أن يتمكن اللبنانيون من إنتخاب رئيس لهم يلبّي طموحاتهم قبل انتهاء المهلة الدستورية المحددة بـ 25 أيار الجاري.

وما زال أصحاب هذا الاتجاه يتوقعون أن تشهد الأيام العشرة المقبلة تحولات وتحصل مفاجأة تُنتج رئيسا للجمهورية يكون صناعة لبنانية أي من دون أي تدخّل خارجي وذلك بنسبة لا تقل عن الخمسين بالمئة، وهذا الفريق يستند في تفاؤله الى سابقة أعجوبة تشكيل حكومة الرئيس سلام التي حصلت بعدما وصل الجميع الى قناعة شبه تامة بأن الأزمة الحكومية سوف تستمر الى ما شاء الله بالرغم من تهديدات الرئيس سليمان للأطراف المعنية بتشكيل حكومة الأمر الواقع وفرضها على الجميع.

لكن هذا الفريق بالذات ينسى أن الظروف التي حكمت إنتاج الحكومة السلامية، تختلف عن الظروف الحالية التي تجري في ظلها محاولات إنقاذ الجمهورية من شرّ الفراغ في مقام رئاسة الجمهورية، ففي ذلك الوقت كانت هناك مصلحة مشتركة بين الأميركيين الذين كانوا يتخوّفون من أن يتحوّل لبنان الى أرض جهاد للتكفيريين وللقاعدة نتيجة التطورات التي تشهدها سوريا وبين المملكة العربية السعودية التي باتت تخشى على الإسلام المعتدل في لبنان بقيادة تيار المستقبل وقيادته وبين حزب الله المتورّط في الحرب الدائرة في سوريا والذي تسبّب شاء أم رفض بردّة فعل قوية للتكفيريين استهدفت قواعده الشعبية في الضاحية الجنوبية، وفي الهرمل وغيرها من بلدات البقاع الشمالي، وردّة فعل مقابلة من جانب قاعدته الشعبية لجهة تحميل الحزب مسؤولية ما يتعرّض له الشيعة من هجمة قوية للقاعدة وللتكفيريين فضلاً عن حاجة الحزب الماسّة الى تغطية رسمية لتورّطه في الحرب السورية من خلال انخراطه في حكومة المصلحة الوطنية.

تلك هي الأسباب الحقيقية التي أدت الى أن تبصر الحكومة الحالية النور، وهي نفسها التي أدت الى إنجاح الخطة الأمنية في طرابلس وفي البقاع الشمالي وتحرير العاصمة الثانية من الأصوليين والمتشددين وهي لم تعد نفسها بالنسبة الى الأزمة الرئاسية الراهنة الأمر الذي يدعو الى القلق الشديد من إمكان إحداث أي خرق يُنقذ هذا البلد من شرور الفراغ في رئاسة الجمهورية لا سيّما وأن ما يتردد في الأروقة الدبلوماسية كلام مفاده أنه لا خوف على الوضع في لبنان في حال تأخّرت الانتخابات الرئاسية بعض الوقت ما دام يوجد حكومة جامعة يمكن أن تسدّ الفراغ الرئاسي الى حين تصبح الظروف مؤاتية لانتخاب رئيس جديد.