Site icon IMLebanon

الفرق بين معاني الحرب؟!

 

لا يختلف اثنان على ان الحكومة محرجة حتى العظم بالنسبة الى مشكلة عرسال، وليس من يتوقع حلا عاجلا لموضوع المحتجزين  من عناصر الجيش والقوى الامنية، لان تخلية هؤلاء تكلف غاليا وربما حياتهم، طالما ان جماعة النصرة وتنظيم داعش لا يقيمان وزنا للشرف ولسمعة البلد، قناعة منهما ان المواجهة مع الجيش في حال حصولها  لا بد وان تؤدي الى اخذ الامنين من اهالي عرسال بمثابة فرق عملة، الامر الذي يعزز رفض القيادة العسكرية الرهان على حل بواسطة الجيش لان الخسائر ستكون بالغة، قياسا على ما حصل في مخيم البارد حيث خسر الجيش العشرات من الشهداء والجرحى من غير ان يعتبر منتصرا في معركته؟!

ان خسارة النصرة وداعش العشرات من المسلحين التكفيريين لن يشكل فاتحة عسكرية بالنسبة الى «حرب عرسال» لان الخسائر ستطاول المدنيين بنسبة مرتفعة حيث ان ظهر المسلحين مكشوف ويصعب على احد القول ان بوسع الجيش تطويقهم وهذا واضح ومعروف وليس بوسع احد قول عكس ذلك، فيما لا بد من سؤال يطرح في هذا المجال عن دور حزب الله من جهة العمق السوري حيث سيكون قادرا على قطع طريق الامداد عن المسلحين واي كلام اخر لا بد وان يكون لمجرد التنصل مع حمل المسؤولية بما في ذلك ذر الرماد في العيون (…).

من هنا لا بد من سؤال الساعين الى حل مشكلة عرسال عما يمنعهم من مراجعة حزب الله ولو عبر طرف ثالث، والشيء بالشيء يذكر بالنسبة الى ما يمنع مراجعة السلطة السورية وعما يمنعها من متابعة هذا الموضوع الحساس ولسؤالها عن الاسباب التي تحول دون قطع الطريق على قوى داعش والنصرة، بالتزامن مع مراجعة قوى المعارضة السورية عما يحول دون تركيزها على النقطة التي يتمركز فيها المسلحون التكفيريون، اقله لرد قسم من المساعدة التي امنها لها لبنان لبنا في غير مكان وزمان، بل منذ مطلع انتفاضتهم التي كانت ثورة وتحولت الى مجموعة عوامل سياسية وعسكرية لم تعد تقنع احدا!

الكلام على هذا الشق من طلب المساعدة يجب ان يكون واردا في اذهان من يقود العملية العسكرية من جانب لبنان لان الاستمرار في دوامة القتال من دون تحديد الاطار العملاني للمرحلة اللاحقة سيؤدي الى المزيد من العبثية والتعقيد، خصوصا ان الدولة ادعت انها بصدد طلب المساعدة من الخارج لكنها لن ولم تحدد ماهية الدولة المشار اليها، لاسيما اننا في زمن وبأ سياسي وامني يضرب لبنان في طوله وعرضه؟!

وعندما يطرح السؤال عما يمنع من مراجعة حزب الله وطلب مساعدته، يرى بعضهم دليل عجز لدى الدولة التي لم تعد تعرف ماهية القتال الدائر على المكشوف بالنسبة الى القوى الشرعية التي تقف عاجزة عن مواجهة المسلحين باستثناء بعض حالات الدفاع عن النفس حتى وان لم يؤد ذلك الغاية المرجوة منه،  قياسا على سابقة مخيم البداوي الذي كان الحل الاخير بالنسبة الى حسم معركته قصفه من الجو وتدمير كل نقطة يطلق منها النار على الجيش، مع علم الجميع ان النتائج لم تكن تكفي لما حصل لاحقا من تدمير وتهجير المسلحين؟

وقبل ان تتحول عرسال الى مخيم البارد ثانيا، لا بد من فهم مسبق لمعاناة البلدة التي وجدت نفسها بين نارين، وليس بوسع اهلها التحرك بما يدفع عنهم الشر، الا اذا كان المقصود دفع البلد مقابل هدر دماء الجيش وقوى الامن الداخلي، حيث لا يعود يفيد اي حل باستثناء تطويق المسلحين من الورا، وهذا من الصعب على الجيش التصرف حياله، ما يطرح السؤال عما بوسع حزب الله ان يقوم به لرد العدو وانهاء المأساة!

والذين يعرفون طبيعة الجبهة في عرسال يؤكدون تماما وجود استحالة امام اسقاط جبهة المسلحين التكفيريين بمعزل عن ضربة موجعة من الخلف، وهذا ليس بمقدور الجيش اللبناني القيام به فيما بوسع حزب الله في حال قبل بالدفاع عن لبنان، حتى ولو اعتبرها معركة مع العدو الاسرائيلي الذي لا يقل شراسة عن العدو الموجود في عرسال والمنتشر في جرودها!

ان ما كشفت السلطة اللبنانية عنه لجهة تهديد داعش والنصرة بقتل عسكري في حال وجدت نفسها  محشورة، لا يمنع الدولة اللبنانية من استسهال المعركة، لكنه لا يحول دون البحث عن حال اخر قد يكون من ضمنه الالتفاف على المسلحين وهذا ما لا تمانع به السلطات السورية. وعندها فقط سيتحدد مصير المعركة التي لا بد من خوضها مهما اختلفت الاعتبارات لاسيما ان استمرار الوضع على ما هو عليه لن يسجل لمصلحة لبنان ومؤسساته وجيشه وسلطاته.