«داعش سوف تأكل نفسها بنفسها»، وكلام للدكتور سمير جعجع يدخل الطمأنينة اقله الى المجتمع المسيحي في هذه الايام المصيرية وللبنانيين عموما، على حد قول مصادر مقربة من القوات اللبنانية، الخائفين على مصيرهم بحيث بات الطبق الرئيسي في كل شارع وحي وبيت، وليس في كلام جعجع سوى رسالة واحدة من سلسلة طويلة من المواقف التي اراد توجيهها في وقت يبحث فيه اللبنانيون عمن يعطيهم اشارة الى مستقبلهم في لبنان بديلا عن حزم الحقائب والهجرة من بلادهم الاصلية، وتعطي المصادر كلام جعجع اهمية قصوى كونه جاء في الزمان والمكان المناسبين – فالدولة مفككة ودون رأس والتحديات للكيان تزادد يوما بعد اخر، وتضيف: لم يختصر رئيس حزب القوات في اسئلته المحورية اهتمامه بالمسيحيين فقط على خلفية ان ما يصيبهم يطال جميع مكونات البلد، فالمصير واحد حتى ولو قارب البعض ما يحصل من تصرفات للجماعات المسلحة وافتعال المجازر من منظار يليق بتطلعات البعض نحو تكبير هذه الظاهرة «الداعشية» سبيلا نحو اللجوء الى خيارات لا تتوافق مع اهداف القوات في تبني المساعدة على بناء الدولة كما كان يقول دائما البطريرك مار نصر الله بطرس صفير ومن بعده البطريرك بشاره الراعي.
وتعتبر هذه المصادر ان مسألة تخويف المسيحيين من ظواهر «داعش» و«النصرة» لها دلالات وسلسلة من الاهداف تبدأ من مبدإ عدم مبالاتهم بمؤسسات الدولة الامنية والعسكرية سبيلا لطلب الحماية التي تبدو انها تحمل في طياتها مسببات وبداية واضحة للنجدة من اصول سرطانية وهي على وشك الافول بفعل سيرها عكس الطبيعة والتاريخ في آن معا، وتجزم هذه المصادر ان المسيحيين تبدأ قضية حمايتهم بدء ذي بدء بالتمسك بالارض التي عاشوا فيها الاف السنين ولم يستطع احد اقتلاعهم من جذورهم والتاريخ الحديث خير دليل على من كان يرعب المسيحيين. ان طريق تحرير فلسطين تمر بعاصمة المسيحيين في جونيه، والاجوبة على هذا كانت مسارا طويلا من الشهداء وبات من يطلب هذا الطريق يعاني من الاستدلال نحو طرق خلفية للرحيل كما حدث مع الفلسطينيين.
وفي هذا الاطار، تضيف المصادر المقربة من القوات، كان كلام من جعجع يرتقي الى مرتبة التهديد لمن يحاول الاعتداء على لبنان والمسيحيين وصولا الى الوقوف خلف الجيش اللبناني وهو الخيار الاول والاخير وصولا الى التوضيح اكثر: «لن نتردد لحظة واحدة في التصدي بالسلاح لكل من يحاول الاعتداء على لبنان وعلينا» اكان اسمه «داعش» او اي شيء اخر، مبديا العزم على القتال في سبيل عدم السقوط ولكيلا يسقط احد بعد اليوم ولسنا مستعدين بعد بذل الاف الشهداء للوقوف على جبل سنجار بانتظار من يرمي لنا فتات الطعام. وفي حين لم يكن جعجع يوما تقول المصادر مضطرا الى ايضاح موقفه من «داعش» وغيرها على خلفية معرفته بآلة القتل هذه المسماة «دولة اسلامية» زورا وبهتانا، واعطى جعجع نفحة تفاؤل للخائفين وهم بحاجة ماسة اليها بتأكيده ان استئصال «داعش» بسرعة امر قابل الحصول اذا ما تضافرت الجهود والارادات على ذلك في اشارة الى التحالف الدولي القائم لمحاربة هذه الظاهرة السرطانية التي يمكن القضاء عليها ولكن يجب ان تترافق مع معالجة اسباب نشوئها والا نكون امام خطر اعادة انتاجها من جديد.
وبدا جعجع حسب هذه المصادر واثقا من كلامه على عدة خلفيات اهمها:
1- الاستعانة بالتاريخ لقراءة فزاعة «داعش» وللقول ان دواعش كثيرة قد سبقتها على الساحة اللبنانية وما استطاعت ان تبدل حرفا واحدا من ركائز الوجود المسيحي وقضايا الحرية والسيادة والاستقلال، وكما رحل الطغاة بفضل الشهداء فان جهنم سوف تتسع للمزيد منهم، وهنا حسب المصادر رفع جعجع من منسوب التفاؤل بديلا عن الاستسلام للامر الواقع وغرز في اذهان الناس روحا جديدة من رائحة المقاومة التي لن تقبل لا الذل ولا اذلال الكرامة مهما كانت الاثمان.
2- معرفة جعجع العسكرية لم تكن غائبة عن مضمون خطابه فهو يعي ان حركات «داعشية» تقتل وتذبح على شاشات التلفزيون انما هي في حقيقة الامر بروباغندا اعلامية لرمي الرعب والخوف في نفوس الناس، ولكنه لم يتناس فظائع هذه الجماعات العملانية والتي مارستها على الارض ولم يقلل من خطرها انما مواجهتها ممكنة وقائمة ما دامت الارادة موجودة بالبقاء، فهكذا بدأت الحرب في العام 1975 مع من حاول اقتلاعنا من ارضنا وتمت الاستعانة بسلاح الصيد وبفضل الشهداء بقينا هنا وسوف نبقى مهما حاول الدواعش القيام به.
3- المصادر تلفت الى سلسلة من الرسائل السياسية وجهها الدكتور جعجع بدءا بمحاولات اللعب بالدستور في هذه الاونة المصيرية بحيث لا يمكن العبث به او محاولة اصلاحه في ايام السلم فكيف والمنطقة على كف عفريت لا يعرف احد مصير الدول فيها، وبالتالي لا يمكن المغامرة تحت مسميات ومطالب خاصة يمكن ان تودي بما تبقى للمسيحيين داخل اوراق الطائف، وهذا لا يعني اننا غافلون عن مساوئ عدم تطبيقه تقول المصادر او لزوم «الروتشه» ولكن لا الوقت مناسباً لتعديله على قياس اشخاص ولا موازين القوى التي لم تتضح بعد يمكن السير في هذه المغامرة، والمطلوب التوجه نحو انتخاب رئيس جديد للجمهورية قبل ان يصبح الامر مستحيلا في ظل فقدان الرؤية الدولية والاقليمية لدور لبنان في المرحلة المقبلة.