Site icon IMLebanon

المتن وكسروان.. «حزب الله» الخاسر الأكبر

 

 

في 7 أيار 2008، استفاق أهالي بيروت على مشهد ظنوا انه أصبح من الماضي، فعادت بهم الذاكرة الى حرب أهلية لم ترحم لا البشر ولا الحجر حيث انتشر مئات المسلحين في الشوارع، ونصبوا الحواجز وأقفلوا الطرق واستهدفوا أكثر من مقر ومؤسسة إعلامية «لتيار المستقبل»حتى ان تلك الأحداث وُصفت بالاجتياح «وبغزوة حزب الله» لبيروت.

ورغم السنوات التي مرت، فإن جرح أهالي العاصمة لم يلتئم بعد، ولم ينسوا الساعات الصعبة التي عاشوها في 7 و8 أيار، إذ لم يصدقوا حينها ان فريقاً لبنانياً يصوب سلاحه عليهم وعلى منازلهم وأرزاقهم وحرماتهم، في الوقت الذي كان يجمع اللبنانيون على أن هذا السلاح هو «سلاح مقاوم»، هدفه الدفاع عن لبنان وشعبه من أي اعتداء اسرائيلي. وفيما وصف أمين عام «حزب الله» السيد حسن نصرالله 7 أيار «باليوم المجيد»، يرى قسم كبير من اللبنانيين ان سلاح «حزب الله» قبل 7 أيار ليس كما بعده، لأنه بات سلاح فتنة واستقواء وحرب أهلية.

جولة في شوارع المتن وكسروان، تظهر مدى رفض اللبنانيين بمختلف أطيافهم وانتماءاتهم السياسية، لمثل هذه الاعتداءات، حتى أن أولئك الذين ينتمون الى تيار حليف لحزب الله لا يترددون في اعترافهم أن حزب الله أخطأ يوم 7 أيار لأن التعاطي مع الأمور لا يحوز أن يكون على هذا النحو، وقوة ممارسة الديموقراطية أنجع من قوة السلاح التي لا تترك وراءها سوى القتل والدمار وجروح في النفوس. أما الذين يؤيدون أحزاب «14 آذار»، فيعتبرون أحداث 7 أيار وصمة عار في التاريخ اللبناني ويوم شؤم ربما يكون متساوياً، في مأساته وآلامه، مع يوم استشهاد الرئيس رفيق الحريري حتى ان البعض منهم يرى أن «حزب الله» بممارساته السياسية وعرقلته للاستحقاقات الدستورية، إنما ينفذ 7 أيار آخر ولكن بطرق أخرى.

وقال شارل م. الذي يملك محلاً تجارياً في احدى المناطق الكسروانية: «نستذكر 7 أيار، وما زلنا لا نصدق أن حزباً لبنانياً قام بهذه الأفعال الشنيعة في أحياء بيروت، فهو حينها لم يكن يحرر شوارع العاصمة من عدو أو يواجه خصماً مسلحاً، خصوصاً ان «تيار المستقبل» ليس تياراً مسلحاً أو يؤمن بقوة السلاح»، معتبراً «اننا كنا ننظر الى سلاح حزب الله بكل احترام لأننا كنا مقتنعين أنه موجه الى العدو الاسرائيلي فقط، لكن تبين في 7 أيار انه موجه الى الداخل اللبناني، ليس الى بيروت فقط بل الى كل المناطق اللبنانية، وهذا ما لمسناه في كثير من الأحداث التي لم تكن بخطورة وقساوة 7 أيار لكنها تدل على استقواء الحزب بسلاحه على مختلف الأصعدة».

واعتبر رامي ش.ان «ما جرى في 7 أيار، رغم الخسائر في الأرواح والأرزاق ورغم الجرح الكبير الذي لا يزال ينزف حتى اليوم، فإن الخاسر الأكبر هو حزب الله، لأنه ببساطة، فقد شرعية سلاحه وثقة الناس به، وأصبح العدد الأكبر من اللبنانيين يطالبون بنزع هذا السلاح»، داعياً «حزب الله الى تسليم سلاحه للدولة اللبنانية لأنه لا يمكن أن نكمل ونؤسس مستقبلاً لأولادنا في بلد فيه دويلات».

وسأل: «من يضمن لنا أن حزب الله لن يقوم بعملية جديدة على الحدود الجنوبية ليضع البلاد مجدداً في مهب الريح أو ربما يقوم بـ7 أيار آخر إذا لم تأت نتائج الاستحقاقات النيابية والرئاسية موافقة لأهدافه وطموحاته».

وأكد جورج ن. أن «أحداث 7 أيار أليمة لكل اللبنانيين وليس فقط لأهل بيروت. ونتمنى أن يتعلم الحزب من أخطائه وألا يستقوي بسلاحه لأن هذا السلاح سيتحول شيئاً فشيئاً الى كرة نار في يديه، ولن يكون لمصلحته تكرار 7 أيار في أي منطقة».

ورأى ان «تدخل حزب الله في سوريا ليس قراراً صائباً، ونحن جميعاً نتحمل تداعيات هكذا قرارات لذلك لا بد للحزب أني سلم سلاحه للجيش اللبناني وان تكون القرارات الكبرى صادرة من الدولة اللبنانية دون سواها».

وأشارت صونيا ع. الى ان «7 أيار يوم أسود وجرحه لن يشفى بسرعة من النفوس، تماماً كما كان يوم استشهاد الرئيس رفيق الحريري يوماً أسود«، لافتة الى أن «حزب الله بمواقفه يعرقل الحياة السياسية والديموقراطية في البلد، وبالتالي يعطل حياة كل اللبنانيين خصوصاً الشباب منهم الذين ينتظرون بفارغ الصبر ليتقدموا الى الوظائف الشاغرة».

وقالت «حزب الله يتصرف كأنه الطرف الأوحد في البلد»، متسائلة «هل يجوز أن يأخذ الشباب ليموتوا في سوريا؟ هل أخذ موافقة الدولة والشعب اللبناني قبل مشاركته في المعارك الدائرة في سوريا؟ طبعاً لا، لكن للأسف نحن جميعاً ندفع ثمن القرارات المنفردة».

وأشار عامل سوري رفض الكشف عن اسمه الى «اننا سمعناعن أحداث 7 أيار لكن لم نكن نصدق ان حزب الله، المقاوم الذي يقاتل العدو، يتصرف بهذه الشراسة مع الشعب اللبناني إلا ان مشاركته في القتال الى جانب النظام السوري اضافة الى ما رأينا منه وسمعناه عنه، غيّر صورته في أذهاننا ولم يعد بالنسبة لنا الحزب الذي يدافع عن الشعوب العربية ويقف في وجه إسرائيل. فهو الآن يشارك في قتل أهلنا وأطفالنا»، لافتاً الى أن «عدداً كبيراً من السوريين يلومونه على التدخل في شؤوننا الداخلية ووقوفه الى جانب النظام».