Site icon IMLebanon

المجتمع الدولي مسؤول عن “داعش”!

لنقلها بصراحة، إننا بتنا نخاف، وفقدنا كل مشاعر الغبطة التي سادت مع انطلاق الثورات العربية في أكثر من بلد. القلق الذي يساورنا لا يقتصر علينا كمسيحيين، اذ لم يعد عددنا في هذا الشرق يشكل عائقاً أمام أي مشروع، فالخوف المتنامي يشمل أكثر المسلمين الشيعة والدروز والعلويين، كما لا يعفي السنّة من غير الملتزمين التطرف والإرهاب.

وإذا كان الوضع الراهن لم ولن يدفعنا الى الترحم على ماضي الأنظمة الديكتاتورية التي سقطت او اسقطت او تلك المستمرة، لان لا عودة الى الماضي، ولأن العيش فيه مدمر، فإن الرهان يبقى قائماً على تغيير ما يقوده اسلام معتدل هو الهدف والأمل والمرتجى لكل الخائفين والقلقين على السواء، ولكل الطامحين الى عيش كريم في شرق قيل ذات يوم، انه مسقط الانبياء والرسالات، فإذا به يتحول قاعدة لحروب الالهة. ونشر الاسلام المعتدل مسؤولية المسلمين انفسهم، وهذه مهمة دول اكثر من الافراد، وفي طليعتها المملكة العربية السعودية متقدمة دول الخليج، ومعها مصر.

ولعل المجتمع الدولي يتحمل مسؤولية تلك الحروب المزمنة، وما آلت اليه الاوضاع حالياً في كل الدول العربية والاسلامية، لأنه تلكأ عن دعم الثورات الناشئة واحتضانها والضغط على الانظمة الحاكمة للاستجابة السريعة لمطالب شعوبها في التحرر. بل يمكن القول ان هذا المجتمع لم يرد ان تحسم الأمور سريعاً، وهلل لتمركز نشاط “القاعدة” والتنظيمات المتطرفة، واجتذابها العناصر الارهابية من كل بقاع الأرض، الى تلك البقعة في العالم الثالث، محور كل النزاعات، لإغراقها في وحول الحروب الداخلية، العربية – العربية، والاسلامية – الاسلامية، اضعافا لأنظمة الدول المشاركة والداعمة وابتزازها وبيعها السلاح والعتاد، وسلب أموالها ونفطها.

بل ان عدداً من صانعي السياسات العالمية طمح الى “سايكس بيكو” جديد، يرسم خريطة لدول الشرق الاوسط تفيد من تنامي النزاعات العنصرية، الدينية – المذهبية، والعرقية، وحتى القبلية.

هذا التلكؤ الدولي، والتقصير في دعم قيام أنظمة بديلة تتسلم مقاليد الحكم بشكل سريع، وتعمل على تنظيم الدول وحياة الشعوب، دفعا الى تفاهم الصراع السياسي الذي تطور نحو العنف المسلح، وبات يهدد أمن المجتمع الدولي ككل، مما حدا بمسؤولي الأمن في دول الاتحاد الاوروبي الى التشدد في التصدي لالتحاق مواطنين لديهم بجبهات القتال في العراق وسوريا واليمن وغيرها.

اليوم يجد المجتمع الدولي نفسه في مواجهة تنظيم “داعش” الذي سيخرج عن السيطرة ما ان يضع يده على مقدرات النفط، فيتحرر من مموليه ومحركيه، ويتفلت المارد السني الجديد، الذي بدأ يلقى قبولاً وتعاطفاً في بعض الاوساط لمواجهة الهجمة الفارسية الشيعية.

المجتمع الدولي العاجز مسؤول بطريقة او بأخرى عن حمامات الدم السابقة، وخصوصا المقبلة على عالمنا العربي.